قائمة الموقع

​هل سيرزقني الله طفلًا؟

2017-06-15T08:28:10+03:00

"والله العظيم مستعد أبيع كليتي، بس أحمل ضناي وأشوف ابني البكر" بهذا القسم وهذه الكلمات القليلة الممزوجة بالأسى يختصر (ر.ف) تفاصيل حكايته، التي سيسدل ستار آخر فصولها عندما تطرب أذناه لسماع نداء "بابا" أول مرة في حياته.

بدأ أول فصول حكاية ابن الـ(30 عامًا) عام 2007م عندما عزم على إنهاء حياة العزوبية والزواج وفق القدرات المالية التي كانت متوافرة آنذاك من عمله شغيلًا في أحد مخابز قطاع غزة، ومن تلك اللحظة راح ينتظر بصبر نافد سماع خبر حمل زوجته.

مضت الأيام كالحمل الثقيل على كاهل (ر.ف) إلى أن قرر مراجعة المركز الطبي برفقة زوجته، لمعرفة مكمن المشكلة، وسبب تأخر الإنجاب حتى الآن، ليتضح أنهما يعانيان من ضعف بالخصوبة، وعراقيل أخرى تحتاج إلى علاج فوري تحسبًا لتفاقم الأمر.

ويقول الشاب الثلاثيني لـ"فلسطين": "لم تدخل ذرة من اليأس إلى قلبي بعد ظهور نتائج الفحوصات؛ فالأمل كان وسيبقى أولًا وأخيرًا في الله (...) ثم أخذت بالأسباب وشرعت في أخذ جرعات علاجية وفق الإمكانات المادية المحدودية، بعدما تغير عملي بعد الزواج إلى حارس ليلي في مؤسسة محلية".

لم تأت تلك الجرعات بشيء يذكر يطفئ نار الشوق إلى احتضان فلذة الكبد الأول، فقرر (ر.ف) بعد خمس سنوات من الالتزام بالجرعات داخل المراكز الطبية في غزة السفر إلى جمهورية مصر، للبحث عن بصيص أمل هناك لإنهاء مشاكله العضوية.

وعن تلك المحاولات الخارجية يضيف متحدثًا بكلمات مثقلة بالأسى: "الله وحده بعرف كيف جمعت الفلوس، اطلعت على مصر ثلاث مرات خلال عام 2012م، وفي كل سفرية كنت بحتاج نحو 1500$، وأنا قبل السفر بعام واحد دفعت كل فلوسي لعملية زراعة كلية جديدة لوالدي، الذي أصيب بفشل كلوي".

كانت رحلاته الخارجية تبشر بالفرج، على وقع طمأنة الأطباء المصريين في أحد مراكز الإخصاب له أن حالته إلى تحسن، ولكن سرعان ما تبدل الحال عندما أغلق في وجهه معبر رفح الحدودي، الذي يعد المنفذ البري الوحيد، الذي يربط سكان قطاع غزة بالعالم الخارجي.

ويشهد القطاع الساحلي منذ بضع سنوات الذي يقطنه قرابة مليوني نسمة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد حالات العقم وتأخّر الإنجاب، لعدة أسباب معلومة وأخرى مجهولة، وفي الوقت نفسه لا يوجد إحصائيات دقيقة أو رسمية بنسبة العقم بين الرجال والنساء في غزة.

واضطر (ر.ف) مكرهًا إلى طرق أبواب الجمعيات والمؤسسات الخيرية، على وقع معاناته الآخذة بالتزايد في ظل تكفله بإعالة ستة من أفراد عائلته، والأجر الذي يتقاضاه شهريًّا من عمله الخاص ولا يتجاوز في أحسن الأحوال 200 دولار (الدولار يعادل 3.54 شيكل) يذهب إلى تسديد دين شهري.

ويتابع الشاب: "أقسى لحظات حياتي تلك التي أطرق فيها أبواب المؤسسات أطلب المساعدة من أهل الخير، فمع ضيق الحال أحاول ألا أمد يد العوز لأحد، ولكن الأمر على أشده، ولا عون لي إلا أهل الخير بعد الله".

واستطاع (ر.ف) خلال عام 2013م إجراء عملية إخصاب مجهري (زراعة أطفال الأنابيب) لزوجته، ولكن لم يكتب لها النجاح، وقبل عامين حاول مجددًا، لكن النتيجة كانت مثل الأولى (الإجهاض)، لتذهب تكاليف العمليتين السابقتين التي جاوزت 6000 دولار هباء منثورًا.

وتابع: "كنت أعلم مقدمًا أني سأغرق في وحل الديون أكثر وأكثر، وسأضطرّ إلى دفع مبالغ مالية باهظة لأصبح أبًا، ولكن لا حول ولا قوة لي، فأبواب الجمعيات تغلق في وجهي أو أطالب بالانتظار حتى يحين موعدي، الذي ربما يأتي بعد شهر أو سنة، وربما سنوات طويلة".

ويعبر محدثنا عن أمله في أن يجد يد عون تساعده على تحقيق حلمه الذي طالما انتظره، فتساعده على علاج العقم والإخصاب بما يمكنه من إجراء عمليّة ثالثة لزوجته، قائلًا: "أفكر في بعض الأحيان في عرض كليتي للبيع مقابل 10 أو 20 ألف، مقابل ما أشوف ضناي، ومستعد إلى ذلك".

ويرجح مختصون أن الحروب الإسرائيلية الثلاثة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة في السنوات التسع الماضية قد ساهمت مساهمة كبيرة في رفع نسبة العقم بين الرجال والنساء والأزواج الجدد، لاستخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولية كالفسفور الأبيض وقنابل (دايم).

اخبار ذات صلة