أَبَّنَ مشاركون، المعارض السياسي نزار بنات في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بعد نحو أربعة أشهر من جريمة اغتياله أجهزة أمن السلطة في مدينة الخليل بـ 24 حزيران/ يونيو الماضي.
ونظم حفل التأبين، الذي أقامته الحراكات الشعبية والقوى الوطنية والإسلامية والمجلس التنسيقي للقوائم المستقلة والمبادرات الشبابية، اليوم في قاعة البروستانت في رام الله.
وردد المشاركون، في الحفل هتافات منها: "يا نزار ارتاح ارتاح واحنا نواصل الكفاح"، "يا نزار إنت الطلقة واحنا الصوت"، كما لوّحوا بأعلام حملت صورة "نزار" ووزعوا صوررًا عن بطاقة هويته التي تحتجزها السلطة حتى اللحظة.
جريمة اغتيال
وأكد غسان بنات شقيق الناشط السياسي نزار: إن أقارب نزار لم يستطيعوا حضور تأبينه لأنهم مطاردين للأجهزة الأمنية، وما قبل استشهاد نزار ليس كما بعده ونحن مستمرون في معركتنا وخلفنا الشعب الفلسطيني
وأضاف بنات في كلمة له خلال حفل التأبين في رام الله: نزار لم يتم اغتياله لقضية خاصة فهو كان مدافعًا عن حقوق شعبنا، وأعلنا منذ اللحظة الأولى أن ما يرضي نزار وعائلته هو ما يرضي الشعب الفلسطيني
وذكر أن ما قبل استشهاد نزار ليس كما بعده ونحن مستمرون في معركتنا وخلفنا الشعب الفلسطيني، شاكرًا الشعب الفلسطيني على وقفته معنا لأن حق نزار وكرامته هو حق كل الشعب
بدوره، جدد القيادي في حركة حماس حسين أبو كويك، التأكيد رفض حركته واستنكارها لجريمة قتل الناشط بنات، "الذي عاش من أجل شعبه وقضاياه ومحاربة الفساد والمفسدين".
وقال أبو كويك في كلمة له خلال الحفل: إن جريمة الاغتيال مستنكرة لمخالفتها شرعنا وقيمنا وأصول حضارتنا المشرقة، ونطالب بمحاكمة عادلة والقصاص من المجرمين وإيقاعه بشكل عادل
وأضاف: "نطالب بما كان يطالب به نزار بحياة اجتماعية وديمقراطية شورية تعتمد الشراكة دون استفراد "، داعيًا لعقد الانتخابات ونحن ضد أن يقسم مشروعنا وتبديل مشروع الانتخابات الشاملة بانتخابات مصغرة هنا وهناك
وطالب بعقد الانتخابات الشاملة "رئاسية وتشريعية ومجلس وطني"، مؤكدًا أن حماس ضد إجراء انتخابات مُصغرة، في إشارة إلى الانتخابات البلدية المجتزأة.
وأكد "سنبقى في صف شعبنا ونصرة قضاياه وثورته المشتعلة منذ معركة "سيف القدس" وسنبقى مع أسرانا وندافع عنهم"، لافتًا إلى أن غزة محررة ووضعت معادلة توازن الرعب ونحن قادرون أن ننصر مشروعنا الوطني دون تنازل.
من جهته، قال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب: نزار كان فارسًا من فرسان الكلمة والحرية ومناضلًا في سبيل الحق وقضى مظلومًا على يد عصابة من المجرمين تستروا خلف أقنعتهم لمحاولة إخفاء صوت الحق والعدل في وجه الفساد
وشدد شهاب في كلمة له، على ضرورة تحقيق مطالب العائلة المشروعة، مؤكدًا أن بنات أمضى جزءًا كبيرًا من حياته في الدفاع عن فلسطين وحقوق شعبنا.
حرية الرأي
وقال عضو التجمع الديمقراطي عمر عساف، في كلمة له خلال حفل تأبين الناشط السياسي نزار بنات برام الله: يمضي اليوم أكثر من مئة يوم على استشهاد نزار وكنا نريد أن نقيم تأبينه بعد مرور 40 يومًا، ولكن رفض من لا يريدون أن يسمعوا كلمة حق.
وأضاف: كسرنا الخوف وإرادة القمع والتعدي على القانون وكسرنا محاولة منعنا من أن يُأبن نزار برام الله، مؤكدًا أن ما حصل مع بنات جريمة مركبة ارتكبتها السلطة بحقه، مطالبًا بالقصاص من قتلته، وإطلاق العنان لحرية الرأي والتعبير وعدم التعرض للنشطاء والمعارضين السياسيين.
وأمضى: نقول لنزار اليوم أنك خلفت وراءك رفاقًا يعرفون ما يريدون ويصرون عليها، فهم يريدون تغييرًا في النظام السياسي الفاسد والمتفرد والمسيطر على السلطة، ويريدون تغييرًا عبر الانتخابات لأنها حق للشعب والعدالة لنزار، ونريد أن يكون فعلًا لا قولًا أن يكون سقف الحريات هو السماء.
وتعهد بالمضي قدمًا في الطريق الذي سار عليه "نزار"، ومتابعة محكمته، والنضال من أجل الانتخابات، داعيًا للوقوف إلى جانب الأسرى ومساندتهم وايصال رسالتهم العادلة لكل محافل العالم، ونصرة المقدسيين، والدفاع عن الأراضي المحتلة، وهذا ما كان ينادي به الراحل بنات.
وقال سكرتير اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 عبد عنبتاوي، نحن أمام جريمة غير عادية ارتكبتها أجهزة أمن السلطة بحق الشهيد بنات.
وأضاف عنبتاوي، في كلمة له، إن اغتيال نزار رسالة لكل المثقفين والمعارضين للسلطة بالتوقف عن انتقادها، داعيًا لمواجهة الإشكاليات التي تواجه شعبنا الفلسطيني وعدم وقفها.
وأضاف سنواجه كل التحديات من أجل التحرر وسنواجه السلطة في حال وقفت أمامنا، داعيًا جميع القوى لإعادة تصويب مسارها، ومحاسبة قتل الراحل بنات.
أزمة عميقة
بينما ذكرت قبس ابنة المغدور نزار، إن والدها أكمل طريقه حتى استشهاده، معبرة عن أملها "ألا تترك قضيته ويتم محاسبة من قتله".
وقالت "رحلت يا أبي باكرًا وكنت أنتظر عودتك لتكون بجانبي في مرحلة الثانوية العامة، لكن عند الله تلتقي الخصوم"، مشددة " من الواجب علينا أن نكون كالبنيان المرصوص في وجه الفاسدين"
فيما أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن ما جرى مع نزار، كان قتلًا مدانًا واغتيالًا بشعًا بكل المعايير.
وقال البرغوثي في كلمة القوى الديمقراطية: إن أكثر ما يحتاجه شعبنا هو صون وحماية كرامة أبنائه وبناته وحقهم المشروع في حرية الرأي والتعبير وهو شرط لا غنى عنه لنجاح نضالنا ضد الاحتلال.
وشدد أن "الاعتقالات السياسية لا يجوز التعايش معها، وأن ما جرى من قمع للمحتجين على الاغتيال وما تتعرض له عائلته اليوم كان مدانًا ومشينًا".
وأردف: "ما من أمر يخفف ألم فراق نزار إلا محاسبة من أقدموا على هذه الجريمة وخرقوا العرف الفلسطيني بتحريم الدم الفلسطيني واستخدام العنف عند اختلاف الآراء "، داعيًا لمحاسبة كل من ارتكب جريمة القتل.
وبين أن فلسطين تعيش أزمة سياسية عميقة منذ إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني ويستغلها الاحتلال لتشويه صورة النضال الفلسطيني ومحاولة تعميق الانقسام وتبرير الجرائم الوحشية ضدنا
وذكر البرغوثي، ️لا يمكن الخروج من الأزمة إلا بالتوافق على برنامج كفاحي، واعتماد الشراكة وعدم التفرد عبر إجراء الانتخابات، وتغيير وظائف السلطة في الضفة وغزة ووقف التنسيق الأمني والتحلل من اتفاقية أوسلو وإعادة مركز الثقل لحركة التحرر وإصلاح منظمة التحرير وإجراء انتخابات ديمقراطية لهيئاتها، بالإضافة إلى إعادة بناء العلاقات الفلسطينية مع قوى التحرير في العالم.
رياح التغيير
فيما قال نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة حسن خريشة: رياح التغيير قد هبت ولن يوقفها القمع أو التنسيق الأمني.
وأضاف خريشة، في كلمة ممثلًا عن الشخصيات الوطنية: اغتيل "نزار" يوم أن ألغيت الانتخابات، واستقوى الضعفاء والجبناء والمنسقين على عائلته، وعلى صورتك حينما حاولوا تغييبها، وهو احط أنواع الأخلاق.
وذكر أن بنات، انحاز لخيار المقاومة وآمن بها، وكان يؤمن أن المشروع الوطني هو مشروع المقاومة لطرد المحتل.
وتم خلال حفل التأبيد عرض صور ومشاهد جديدة عن جريمة اغتيال "بنات" التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة بمدينة الخليل بـ 24 حزيران/ يونيو الماضي.
وأجل الحفل التأبين عدة مرات بسبب رفض أجهزة أمن السلطة إقامته وتوجيهها سلسلة تهديدات لصالات ومطاعم رام الله لعدم استضافته.