لم يَزل لهيب نيران الغضب يزداد أوارهُ في قلوب كل الوطنيين الفلسطينيين الذين أَحْرَق نازيو الاحتلال زيتونهم وبيوتهم كما أَشْعَلَ قطعانهم البيوت على رؤوس أصحابها الذين تفحَّموا وهم نيام، إنهم يتميزون غيظاً وهم يتابعون عودة "الأبطال" وقد حازوا وسام القاتل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو وهو يُزجي سلامه وشكره لفخامة "الرئيس الإنسان" محمود عباس لمساهمته "الجليلة" بمشاركة أطقم الدفاع المدني في إخماد الحرائق التي اندلعت في غير مكان في دولة المستوطنين على التراب الوطني في فلسطين المحتلة!
النيران يَخْفُت أوارها في عديد بؤر الحرائق، ولكن التهديدات والاتهامات تشتعل وسيل الوعيد الذي ينفثُهُ قادة الكيان المارق يتردد اليوم بِهَدْمِ بيوت "المتورِّطين" بِإطلاق ألسنة اللهب في معظم مناطق البلاد؟!
تصريحاتُ المسؤولين الصهاينة تَطالُ من وَصَفَتهم زوراً وبُهتاناً بالمخرِّبين مُشعِلي الحرائق، فيما قامت سلطات الاحتلال باعتقال العشرات من الشباب في طول البلاد وعرضها على هذه الخلفية وحَوَّلَتْهُم إلى جهاز "الشاباك" للتحقيق معهم!!
كما تعهد وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، بهدم منازل كل من يَثْبت ضلوعه في إشعال الحرائق التي شَبّت في مناطق مختلفة من دولة الاحتلال أو في المستوطنات في الضفة الفلسطينية المُحتلة. ومعلوم أن الوزير أردان قد أطلق عدة تصريحات نارية يُهَدِّدُ فيها بتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية رداً على ادعاءاته بِتَورّط نُشطاء فلسطينيين في الحرائق!
وفي الوقت الذي يُؤكد فيه مُدير عام الدفاع المدني اللواء ركن يوسف نَصار انتهاء مهام طواقم الدفاع المدني "بنجاح" في مدينتي حيفا والقدس وبعض المستوطنات!!، وهو يُثْني على "الجهود الجبارة" التي بذلوها وأنهم أبلوا بلاءً حَسَناً، أشار الموقع الإخباري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنه تم توقيف العديد من الفلسطينيين الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بتهمة التحريض!!
وإلى جانب ما أثارته مشاركة أطقم الدفاع المدني "الفلسطيني" من حنق وغضب عارمين، فقد كتب عدد من المستوطنين حولَ هذه المشاركة يعبرون فيها عن تَشَككُّهم من القدرات الفنيَّةِ لِتلك الأطقم وتَوَجُّسِها من إخلاصهم وقد تَجلّى ذلك في مراقبتهم اللّصيقة من أجهزة أمن العدو!! وعلّق آخرون بِقَولِهِم: "إن عَمَلَهُم ليس مفهوماً؟!".
ورغم شُكْر المُنافِق رئيس وزراء دولة العدو "لِسَخاء" الرئيس عباس، إلاّ أنه صَبَّ جام غضبه على أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل، وفي القدس والضفة الفلسطينية المحتلة لتغطية الفشل الذريع الذي مُني به في إدارة هذا الملف وللتَّغْطية على الفضائحِ التي تُطاردُه في قضية الغواصات لسلاح البحرية ولِصَرف الأنظار عن سياسات حكومته العنصرية المنهجية في الاستيطان والقتل واستباحة وتدنيس ومحاولات تهويد المسجد الأقصى.
لقد جاءت أحداث الحرائق لِتكشِفَ الهشاشة الفِعْليّة وَلِوَهَن بيت العنكبوت الصهيوني، بعد أن تَبَين للمستوطن اليهودي أن حُكومَتهُ وقيادته تَتَقافز من فَشَلٍ إلى آخر.
ومعلوم أن الأجهزة الأمنية للعدو تتهم نشطاء فلسطينيين بإشعال النيران وأكدت ذلك تقارير المتعاونين في سلطة المقاطعة التي سَلَّمت أسماء عدد منهم، وتشير آخر تصريحات العدو إلى أن المعتقلين من الضفة المحتلة ومن أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة عام 1948 ميلادية لا يزيدون عن ثلاثين مواطناً وبأنهم تمكنوا من حرق دولة بكاملها خلال ساعات، فإن كانت الحرائق بِفِعْل فِاعِل وعلى خلفية قومية، فكيف سيكون عليه حال كيانهم إذا سقطت عليه مئات الصواريخ الحارقة المتوفرة لدى فصائل المقاومة في غزة وجنوب لبنان!!
ويُمكن القول: إن دولة المستوطنين وأيَّاً كانت جهود المتعاونين معها من "الفلسطينيين الجُدد"، فقد أثبتت الحياة وبالوقائع العنيدة التي يراها الأعمى أن العقد الماضي وحده أكَّدَ أن حكومة العدو باتت تواجِهُ أسئلة وجودية!
ونتابع اليوم أن أقوى جيش وأكثره تطوراً عُدةً وعتاداً – وهو سيقتني طائرات F35 آخر ما أنتجته الصناعة العسكرية الأمريكية – قد فشل خلال ثلاثة عدوانات في تحقيق أي هدف سياسي إستراتيجي فتآكلت قدرة الردع لديه وهو يواجه توازناً للرعب لا فكاك منه.
كما أن أي حوكمة لنظامِهِ السياسي تشير إلى أن أطقم الحكم لديه بسياسييه وعسكرييه باتوا غارقين في الرمال المتحركة للفساد الإداري والمالي والرِّشى منذ إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق الذي أسقطته "حرب الفرقان" حتى بنيامين نتنياهو الذي تُحاصِرُهُ اليوم نيران فضائح عمولات صفقة الغواصات الألمانية.
ويأتي التقصير الفادح في مواجهة الحرائق التي اجتاحت مُعظم الوطن الفلسطيني المُحتل وتحديداً في المناطق الأكثر كثافة لتواجد مستوطنيه وصناعته ومخازنه الإستراتيجية ومستودعات الأمونيا والوقود ومصافي النفط وحظائر طائراته وقواعده العسكرية البريّة والبحريّة ليزيد ويفاقم أزمات حكومة المستوطنين.
ومنذ كارثة الهزيمة النكراء التي حَلَّتْ بالعدو في تموز 2006 ميلادية في جنوب لبنان وفي قطاع غزة خلال العدوانات الثلاثة في العقد الأخير، فقد استحدث وزارة جديدةٍ أسماها: "وزارة الجبهة الداخلية" وَعَكف وعلى مَدار 10 سنوات على إجراء مناورات سنوية شاملة وأطلق عليها لقب: "نقطة تحوُّل" تُحاكي سيناريو هجوم صاروخي وبَرّي وتُحْدِث حرائق أيضاً داخل فلسطين المحتلة. وتُستخدم في هذه المناورات كافة صنوف أسلحته البرية والبحرية والجوّية والمدفعية والصاروخية والدبابات وسلاح السايبر وبمشاركة أجهزة الدفاع المدني والشرطة وجيش الاحتياط وقد أَغدَق على ذلك كُلّه مليارات الشواكل، ولم يتوقف عن التهديد والوعيد بأغلظ الأفعال.
وها نحن نَرْقُبُ اليوم هذا الشَلَل الذي أصبح يَئنُّ كيان العدو تحت وطأَته أمام حرائق دَفَعته لاستجداء نجدات جاءته من أكثر من عشرين دولة من أركان الدنيا الأربعة بما في ذلك من الولايات المتحدة التي دَفَعت بأضخم ما لديها من طائرات الإطفاء على الإطلاق وهي السوبر تانكر.
تطورات تقف المقاومة الباسلة لشعبنا المرابط اليوم أمام دروسها المستفادة وهي تَعِدُّ العُدَّة لِغَدِ المواجهة التي لا يتوقف هذا العدو عن التلويح بها.