قائمة الموقع

​فتحية الريماوي تفترش الأرض بانتظار حرية تامر

2017-06-14T08:05:29+03:00

لا يمر "مايو" إلا ليجدد الوجع على الحاجة فتحية عبد العزيز الريماوي، ففيه اعتقل ابنها تامر الريماوي (36 عامًا) قبل أربعة عشر عامًا بالضبط، ففي الـيوم الـ(28) منه يكمل كل عام عامًا جديدًا، ليمضي حكمًا بالسجن ثلاثة مؤبدات بمجموع سنوات يصل إلى 297 سنة دفعة واحدة، لهذا لا تتخلى الحاجة فتحية عن المشاركة في كل الاعتصامات التي يخوضها أهالي الأسرى، لعلهم يكونون سندًا لأولادهم.

لذا لم يكن غريبًا عليها أن تفترش الأرض الشهر الماضي ضمن مشاركتها في فعاليات دعم إضراب الحرية والكرامة، وتتناقل صورتها وسائل الإعلام المختلفة، "فلسطين" هاتفت الحاجة الريماوي لتتعرف من قرب إلى معاناتها في ظل تغييب ابنها تامر للعام الرابع عشر على التوالي عن مائدة رمضان.

ثلاثة أبناء دفعة واحدة

تقول الريماوي: "عدة رمضانات مرت عليّ لم أكن أفتقد فيها تامر فقط، بل أيضًا ولديّ فراس وسليم، فقد ذاقا نصيبهما من الأسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن فراس سُجن ثلاث سنوات، وسليم تسع سنوات.

كانت تتخيلهم آنذاك معها في المنزل يتحركون ويأكلون ويشربون ويتحدثون، لم تكن قادرة على استيعاب المأساة إطلاقًا، فلم تكن تأكل جيدًا ولا تشرب، فقط كانت تبكي، خاصةّ أنها كانت وحيدة مع ابنتيها دون وجود رجل يسندهن، فالموت غيّب رب الأسرة منذ ما يقارب اثنين وعشرين عامًا.

وتعود بذاكرتها إلى عام 1995م، وهو العام الذي توفي فيه زوجها، فغدا من يومها تامر هو رب الأسرة، تقول: "كنا عندما نجلس حول مائدة الطعام يكون كله رغبة أن يمسك الطعام بيديه ويطعمني ويطعم إخوته، لذا إن طلب مني طبخ أكلة معينة لا أرفض مطلقًا له أي طلب، بسبب حنانه وتعاونه معنا في المنزل".

تسترسل في حديثها: "تامر وفراس وسليم لم يكونوا فقط يجهزون لشهر رمضان من شراء حاجيات وما شابه، كانوا يمدون لي يد العون، فواحد منهم يرفع الطعام بعد انتهاء تناوله، وثانٍ يجلي الآنية والصحون، والأخير ينظف المكان".

وتتابع: "حتى "شطف" المنزل، كل أعمال المنزل كانت من نصيبهم، فأنا ممنوعة من فعل شيء، وشقيقتاهم صغيرتان في السن لا تجيدان أعمال المنزل"، لافتة إلى أن تامر كان هو من يدير المهام ويوزعها على إخوته، كان هو رب الأسرة الذي مازالت تفتقده.

وتشير إلى أنها في السنوات الأربع الأولى لأسره لم يكن يسمح لها بزيارته، حتى فراس أمضى سنواته الثلاث في السجن لم يسمح لها بزيارته مطلقًا، إلى أن منّ الله عليه بالفرج واحتضنته محررًا، وهي تنتظر اليوم الذي يفرج فيه عن تامر؛ فالزيارات لا تكاد تروي ظمأ شوقها لتضمه إلى حضنها، وتطبخ له ما يحب من طعام.

قلب الأم المحترق

يغيب صوتها القادم عبر أسلاك الهاتف، للحظة ظننت أن هناك مشكلة في الاتصال نفسه، لكني استوضحت الأمر عندما عاد صوتها مختنقًا بالبكاء، فهي تستذكر معاناة ابنها الذي كان يطعمها بيديه، والآن (في أثناء إجراء اللقاء قبل تعليق إضراب الحرية والكرامة بأيام) هو مضرب عن الطعام منذ أكثر من ثلاثين يومًا.

تقول من بين دموعها: "الأم إن لم تجد سوى لقمة واحدة تأخذها لطفلها وتطعمه إياها، فكيف بي وابني أسير لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومضرب عن الطعام للمطالبة بحقوقه أسيرًا؟!، كيف يمكن لي أن أستعد لرمضان؟!، كيف لي أن أنظر إلى الطعام وهو لا يتناوله؟!".

وتبين أنه بسبب مشاركته في إضراب سابق فقد ما يقارب سبعة عشر كيلو جرام من وزنه، منددة بأن هذا الإضراب طال أمده دون أن يظهر في الأفق أي اهتمام من أي أحد: السلطة الفلسطينية أو منظمات حقوق الإنسان أو مصلحة السجون نفسها.

بعد أن أخذت نفسًا عميقًا ربما لتستجمع قواها مجددًا تقول: "قلب الأم يحترق أكثر من أي قلب آخر، لا تشعر بشعوره زوجة أو أخت أو عمة أو خالة"، داعية: "يا رب ما يدوق حد وجعي، ولا يحرم ربنا حد من حد".

وتزيد في وصف وجعها وهي تضيف: "تمر عليّ ليالٍ لا أنام فيها، أحدق في السقف متخيلة أنه شاشة عرض سينمائي، أستعرض حياتهم وتفاصيل كل ما كان يصدر منهم من أفعال كأني أشاهد شريط (فيديو)"، وكثيرًا ما يحترق قلبها وهي تشاهد الشباب في أي مكان يعيشون حياتهم كما يريدون، وابنها محروم من الحرية.

اخبار ذات صلة