تعتري المواطنين مخاوف كبيرة من اشتداد أزمة وصول المياه إلى منازلهم، بعد قرار الاحتلال الإسرائيلي بتقليص الجهد استجابة لطلب رئيس السلطة محمود عباس.
ومرد هذه المخاوف هو الأزمة الحقيقية التي يعيشها المواطنون منذ ثلاثة أشهر حيث لا يصل التيار إلى منازلهم بواقع أربع ساعات يومياً فقط.
يقول المواطنون إنهم منزعجون جداً من عدم توافق جدول المياه مع فترة مجيء التيار الكهربائي ما يمنعهم من رفع المياه إلى الخزانات الموجودة على أسطح المنزل، متسائلين عن مصيرهم بعد القرار الإسرائيلي تقليص الكهرباء لأقل من ثلاث ساعات.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية كشفت أول من أمس عن إقرار "الكابينت" تقليص الكهرباء لغزة بمعدل ساعة يوميًا بناءً على طلب السلطة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن القرار يقضي بتقليص الكهرباء بما نسبته 15%، ما يعني تقليص ساعات الكهرباء من 4 ساعات حاليًا إلى 3 ساعات.
أزمة وبدائل
المواطن "أبو بركات" عليوة أكد أن انقطاع التيار الكهربائي جعل لديه أزمة مستمرة في البيت فيما يخص توفير المياه ودفعها إلى الطابق الرابع، لافتاً إلى أنه يضطر إلى السهر حتى منتصف الليل لمتابعة مجيء الكهرباء لتشغيل مولد المياه.
وقال لصحيفة "فلسطين":" كثير من الأوقات ننتظر مجيء الكهرباء ولكن نفاجأ بعدم توافق جدولي المياه والكهرباء إلا نادراً أو بعد التواصل المستمر مع البلدية".
وأضاف: "في بعض الأحيان نضطر إلى شراء المياه المعالجة (محلاة) وضخها في خزانات المنزل، وهذا يزيد من الأعباء المالية علينا".
ويقدر معدل استهلاك الأسرة الفلسطينية في قطاع غزة من المياه المنزلية شهريا بنحو 19.7م3 شهرياً (1 متر مكعب = ألف لتر). فيما يبلغ سعر كوب مياه المعالجة نحو 40 شيقلاً.
ولا يبدو حال سمر عزام أفضل، التي تقول إن الأزمة صعبت عليها إدارة شؤون حياة أسرتها اليومية ما بين غسيل، وتنظيف للمنزل، واستحمام، وغيرها من الأمور كلها تشترط وفرة المياه.
وأشارت لصحيفة "فلسطين" إلى أن حياة أسرتها باتت صعبة للغاية بسبب استمرار أزمة الكهرباء، مؤكدةً أن تقليص الاحتلال ساعة منها سيزيد من الأوضاع سوءاً وسيجعل الحياة في غزة بائسة.
ولتجاوز الأزمة عملت عزام على وضع خزانات مياه أرضية لتجميع المياه في حال انقطاع التيار ودفعها إلى الخزانات المركزية حال عودته، منوهةً إلى أنه ليس بيدها فعل أي شيء غير ذلك لمواجهة الأزمة.
ترتيب أولويات
مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة ماهر سالم، أوضح أن البلدية ستعمل على ثبات جدول المياه بغض النظر عن مشكلة الكهرباء، مؤكداً التزامهم أمام المواطن بتوفير المياه حسب الجدول المعمول به.
وقال لصحيفة "فلسطين" إن، البلدية ستتأثر بطبيعة الحال بالتقليص "ولكنها ستتحمل العبء عن المواطن وستعمل على ترتيب أولوياتها خاصة أن قدرات العمل محدودة بسبب ضعف التحصيل والمشاكل التي يمر بها قطاع غزة".
وأوضح أن من ضمن إجراءات ترتيب الأولويات، سيتم تشغيل سيارات النظافة يوماً بعد يوم بدلاً من العمل اليومي، أما مضخات الصرف الصحي فسنقلل عدد ساعات التشغيل، وذلك من أجل توفير السولار اللازم لتشغيل آبار المياه التي تعتبر الأولوية الأولى لدى البلدية.
وبين سالم أن البلدية ستوفر المياه حسب جدولها وليس حسب جدول الكهرباء، داعياً المواطنين إلى الاعتماد على عمليات تخزين أرضياً ورفعها عند توفر الكهرباء، حتى لا يشعر بنقص في المياه خصوصاً مع تقلص ساعات الكهرباء خاصة خلال الأيام القادمة.
كارثة بيئية
من جهته، يؤكد رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان أن تنفيذ الاحتلال لقراره بتقليص الكهرباء سيعرض المدينة الجنوبية إلى كارثة بيئية بسبب انعدام البدائل والخيارات لإدارة الأزمة، ما سيجعل البلدية عاجزة عن تقديم أي خدمات للمواطنين خاصة برنامج توزيع المياه وتوصيلها للمنازل.
وأوضح لصحيفة "فلسطين" أن ثلاث ساعات أو أقل لا تكفي لإيصال المياه لمنازل المواطنين، فضلاً عن توقف محطات الصرف، منوهاً إلى أن البلدية ستتوقف عن العمل ولن يكون بوسعها تقديم أي خدمة للمواطن بعد ذلك "مع حرصنا على أولوية توزيع المياه وعدم انقطاعها عن المواطنين".
وقال أبو رضوان :" في الوضع السابق مع مجيء الكهرباء لـ 4 ساعات كنا نعمل وفق برنامج خاص لتوزيع المياه وذلك بأن تتزامن مع مجيء الكهرباء لضخ مزيد من المياه".
وأضاف: "برنامج ضخ المياه الحالي غير كاف مع استمرار انقطاع الكهرباء المصرية وعدم كفاية الأربع ساعات التي تأتي من الجانب الإسرائيلي".
ويعيش في رفح نحو 230 ألف مواطن جميعهم لن يجدوا المياه في منازلهم، كما يقول أبو رضوان، داعياً جميع المسئولين في القطاع وخارجه للعمل على حل هذه الأزمة الخطيرة التي ستعصف بكل جوانب الحياة لدى المواطن الغزي.