فلسطين أون لاين

خطأ في إعدادات الخوادم وراء أزمة "فيسبوك"

...

خسارة 50 مليار دولار، وانتقادات أميركية ودولية، واستياء نحو 3.5 مليارات مشترك، مع استمرار تداعيات تسريب وثائق داخلية. كل تلك الأزمات حلّت على «فيسبوك» مرة واحدة - ليل الإثنين (الثلاثاء)، بعد تعطل موقعها وتطبيقاتها (إنستغرام وواتس أب وماسنجر) لساعات، بسبب ما قالت إنه تغيير خاطئ في إعدادات الخوادم، التي تربط من خلال الإنترنت هذه المنصّات بمستخدميها، نافية تعرض بيانات المستخدمين إلى الاختراق.

وذكرت تقارير أن موظفي «فيسبوك» لم يتمكنوا من الوصول إلى منصة الاتصالات الخاصة ولا إلى مكاتبهم، لذلك كان من الصعب تشخيص المشكلة وحلها.

وأوضحت «بلومبيرغ» أن توقف المنصات أدى إلى خسارة مؤسس الشبكة مارك زوكربيرغ 7 مليارات دولار.

وانتقل نصف كوكب الأرض إلى «تويتر»، واجتاحت التطبيق تعليقات ساخرة حول توقف «فيسبوك» المفاجئ، وأخرى تساءلت بقلق حول ما ستؤول إليه الأوضاع.

وانهالت الانتقادات على الشركة، حيث رأى الرئيس الأميركي جو بايدن أنها «لا تعرف ضبط نفسها»، وأن المعلومات التي تم تسريبها من وثائق الشركة «تثبت المخاوف (..) بشأن السلطة التي حشدتها الشبكات العملاقة».

وكانت المهندسة فرانسيس هوغن مسؤولة المحتوى السابقة في الشركة سربت وثائق، وأمس شهدت في الكونغرس وقالت: «فيسبوك تعمل بشكل يضر الصغار ويؤذي الديموقراطية. إنها تأخذ معلومات من العامة والحكومات، وضللت الجمهور حول العديد من المواضيع».

وأعلنت روسيا أن تعطل «فيسبوك» أظهر الحاجة إلى السيادة على الإنترنت، بينما رأى الاتحاد الأوروبي أن الحادث يظهر عواقب الاعتماد على عدد قليل من الشركات الكبرى، ويؤكد الحاجة إلى مزيد من المنافسة.

وحدها الصين لم تتأثر بتعطل إمبراطورية «فيسبوك» ومنصاتها، حيث استمرت شبكات التواصل الاجتماعية فيها بالعمل بشكل طبيعي.

فيما يلي التفاصيل الكاملة

مع عودة عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«واتس اب» و«إنستغرام» إلى العمل، بعد انقطاع استمر 6 ساعات، وتسبب بقلق ملايين من مستخدمي هذه المنصات في العالم، وكبد خسائر مالية بالمليارات، يتساءل كثيرون عن أسباب الانقطاع والوقت الطويل الذي استغرقه الفنيون لإصلاح الأعطال.

لماذا تعطل «فيسبوك»؟

مساء الإثنين، بدأ الناس يلاحظون أنهم لا يستطيعون الوصول إلى معظم التطبيقات الاجتماعية، كـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتس اب» و«ماسنجر»، واستغرق الأمر أكثر من 5 ساعات قبل أن تبدأ استعادة الخدمات.

وبعد عملها مجدداً، قالت شركة «فيسبوك» إن السبب الرئيسي وراء العطل هو تعديلات خاطئة في الإعدادات، مشيرة إلى أن فرقها الهندسية اكتشفت أن تعديلات على أجهزة التوجيه الرئيسية التي تنسق الحركة بين مراكز البيانات تسببت في مشاكل أدت إلى توقف الاتصال.

وأكدت أنه لا دليل على تعرض بيانات المستخدمين للاختراق، معبرة عن أسفها لما حصل.

بدورها، قالت شركة كلاودفلير إن الخلل بدأ عندما بات لا يمكن الوصول إلى سجلات «نظام أسماء النطاقات»، وتكتب اختصاراً «دي إن إس»، وهي دليل هاتف الإنترنت، ويترجم أسماء المواقع التي تكتب في خانة العنوان «يو آر إل» في متصفح الإنترنت مثل «facebook.com» إلى عناوين «بروتوكول الإنترنت»، حيث تقطن تلك المواقع، وعندما يتعطل الـ«دي إن إس» لا يستطيع متصفح الويب العثور على موقع الويب المطلوب.

أما الاحتمال الآخر للعطل فهو انفصال راوتر ما يعرف بـ«بروتوكول البوابة الحدودية» أو «بي جي بي» عن الإنترنت.

ويمكن وصف «بي جي بي» بأنه أشبه بخدمة البريد الخاصة بالإنترنت، فعندما يريد شخص الوصول إلى بيانات عبر الإنترنت، يحاول نظام «بي جي بي» إيجاد أسرع طريق ممكنة للوصول إليه. ودون طُرق «بي جي بي» في شبكة فيسبوك يستحيل على أي أحد خارج الشبكة الوصول إلى خوادمها الخاصة بنظام أسماء النطاقات، وبالتالي لن تكون للبيانات وسيلة للوصول إلى خوادم تطبيقات «فيسبوك» أو «إنستغرام» أو «واتس اب» أو «أوكولوس في آر».

وقت طويل للإصلاح

من جهته، أفاد محرر التكنولوجيا في صحيفة الغارديان أليكس هيرن: «فيسبوك يدير كل شيء عبر منصته، لذا فإن الطريقة المعتادة لحل المشكلة لم تنجح».

وذكرت تقارير أن موظفي «فيسبوك» لم يتمكنوا من الوصول إلى منصة الاتصالات الخاصة بالمنصة ولا حتى الوصول إلى مكاتبهم بسبب تعطل نظام تصاريح الدخول، لذلك كان من الصعب تشخيص المشكلة وحلها.

وحتى الآن لم تكشف «فيسبوك» عن الكثير من التفاصيل حول الخطأ الذي حدث وكيف تم إصلاحه، لكن تقارير أكدت - نقلاً عن موظفين - أن انقطاع الخدمة داخل الشبكة أدى إلى تعطيل جميع الأنظمة الداخلية التي يستخدمها الموظفون للتواصل والعمل، وحينها تم اللجوء إلى خدمات بديلة مثل «فيس تايم» لمكالمات الفيديو و«ديسكورد» للرسائل النصية والصوتية من «آبل».

وأرسلت «فيسبوك» مهندسيها إلى أحد مراكز البيانات الرئيسية في كاليفورنيا لاستعادة الخدمة؛ ما يعني أنه لم يكن من الممكن إجراء الإصلاح عن بُعد.

خسائر وتأثيرات كبيرة

على إثر ذلك الانقطاع المفاجئ، هبط سهم «فيسبوك» %4.9، وهي أكبر خسارة يومية له منذ نوفمبر الماضي، وفقدت الشركة نحو 545 ألف دولار عائدات الإعلانات بالولايات المتحدة، مع تدفق العالم على تطبيقات منافسة مثل «تويتر» و«تيك توك».

وأوضحت وكالة بلومبيرغ أن توقف المنصات أدى إلى انخفاض ثروة مؤسس الشبكة مارك زوكربيرغ إلى نحو 120.9 مليار دولار بعدما خسر 7 مليارات دولار خلال ساعات فقط.

بدورها، قدرت شركة «نت بلوكس» التي تراقب تعثر الانترنت أن ساعات انقطاع الخدمة عن وسائل التواصل التابعة لـ «فيسبوك» كبدت العالم خسائر بـ160 مليون دولار في الساعة.

50 مليار دولار

تم محو ما يقرب من 50 مليار دولار من قيمة شركة فيسبوك بعد أن تعطلت منصات التواصل الاجتماعي ساعات عدة بسبب «تغيير التكوين الخاطئ»، وفق صحيفة التليغراف.

وأصدرت «فيسبوك» اعتذاراً عن انقطاع الخدمة التي أثرت في عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب «إنستغرام» و«واتس آب» اللذين تمتلكهما شركة فيسبوك أيضاً.

وأفاد كبير مسؤولي التكنولوجيا في «فيسبوك» مايك شروبر: «نعتذر لكل شخص تأثر بانقطاع الخدمات التي تدعمها فيسبوك في الوقت الحالي، نحن نواجه مشكلات في الاتصال بالشبكات، وتعمل الفرق بأسرع ما يمكن لتصحيح الأخطاء واستعادتها في أسرع وقت ممكن».

وانخفضت أسهم شركة التكنولوجيا العملاقة بنسبة 5 في المئة مع استمرار الانقطاع في جميع أنحاء العالم. ويعني هذا الانخفاض أن مارك زوكربيرغ مؤسس «فيسبوك» ورئيسها التنفيذي تعرض لانخفاض قدره 7 مليارات دولار في ثروته.

هل يمكن تجنب هذا النوع من الانقطاع في المستقبل؟

ما حدث غير شائع إلى حد ما، ولكنه ليس شيئاً يمكن تجنبه تماماً. ومع ذلك، فإن انقطاع خدمة «فيسبوك» ومنصات أخرى، بما في ذلك انقطاع «كلاودفلير» عام 2020، و«فاستلي» في يونيو، يُظهر وجود نقطة فشل واحدة لعدد كبير من الخدمات عبر الإنترنت التي يعتمد عليها الناس.

ولا يعتمد الأشخاص على «فيسبوك» فقط للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، لكن هناك شركات تستخدمه لتسجيل الدخول إلى خدمات أخرى بما في ذلك مواقع المبيعات عبر الإنترنت. وفي بعض البلدان، يعتبر وسيلة سائدة للاتصال من خلال خدمات مثل «واتس اب».

سخرية وفرصة

وانتقل نصف كوكب الأرض لـ «تويتر» واجتاحت التطبيق تعليقات ساخرة حول توقف «فيسبوك» المفاجئ وأخرى تساءلت بقلق حول ما ستؤول إليه الأوضاع.

ولم يغب بعض المشاهير والفنانين عن المشهد، حيث أعلن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الرجوع إلى SMS، في حين قدم محمد هنيدي دليلاً إرشادياً لوافدي تويترالجدد، وعبّر آخرون عن ارتياحهم لتعطل التطبيقات لفترة طويلة نسبياً، مؤكدين أن غياب التواصل الاجتماعي فرصة لعودة الحياة الطبيعية التي حكم عليها بالحبس الانفرادي إلى الأبد.

المصدر / وكالات