فلسطين أون لاين

المغامرة والشجاعة تقودان مصورتين في غزة للفوز بجوائز دولية

...
المصورة فاطمة شبير (أرشيف)
غزة/ هدى الدلو:

"من أجمل الأشياء التي يمكن أن تكون تقديرًا لتعبي ومجهودي وتتويجًا لكل سعي بذلته خلال الأحداث الأخيرة على قطاع غزة، أن أُكرَّم بحصولي على جائزة "جيمس فولي لتقرير النزاعات" لعام 2021، بصفتي مصورة صحفية أعمل على تغطية الأحداث في قطاع غزة"، بهذه الكلمات استهلت المصورة الصحفية سمر أبو العوف، لتعبر عن سعادتها بكل نجاح يقترن اسمها باسم فلسطين وغزة، المكان الأكثر تعقيدًا في العالم.

أبو العوف من مدينة غزة، تعمل مصورة صحفية حرة منذ عام 2010 في تغطية الأحداث والحروب والحياة اليومية، كما أنها تسعى لتسليط الضوء على قضايا النساء والأطفال.

وفي حديثها عن الجائزة التي حصلت عليها، توضح لصحيفة "فلسطين" أن الجائزة تكريمية تشريفية، تختار اللجنة المشرفة أشخاصًا عاملين في مجال التصوير الصحفي، يعتمد عملهم على المغامرة تشمل كل الصحفيين حول العالم.

وتتحدث أبو عوف عن مشاعرها لحظة قراءتها رسالة عبر البريد الإلكتروني تخبرها بفوزها بالجائزة عن تغطيتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، "كانت دموعي أبلغ من أي كلمات لتعبر عن فرحتي وسعادتي بالجائزة التي لم أسعَ إليها يومًا لكونها جائزة تكريمية تشريفية، خاصة أن عملي في هذه المهنة صعب لكوني امرأة وأمًا لأطفال تخرج تحت القصف والنار".

وتعاني أبو العوف من أجل إيصال صوتها وصوت المستضعفين من أبناء شعبها، فلا يقتصر عملها على فترة الحرب والتصعيدات الإسرائيلية، بل تسير مسافات طويلة من أجل البحث في الأحياء والشوارع عن قصة إنسانية تخدم قضيتها.

وفازت إحدى صورها بالجائزة الثالثة من بين 27 ألف صورة شاركت من مختلف دول العالم في مسابقة "لحظات" ناشيونال جرافيك لعام 2020 إلى جانب 17 جائزة أخرى حصلت عليها خلال مسيرة عملها "غير السهلة، فكل صورة تحمل قصة ووجعًا يلمس قلبها خاصة أوقات الحروب".

وتتابع أبو العوف حديثها: "ليس من السهل العمل في تغطية الأحداث في المكان ذاته الذي تعيش فيه، فالأمر على الأجانب أقل وطأة من ناحية نفسية واجتماعية، وخلال تغطيتي العدوانات الإسرائيلية نعيش حياتنا بين خوف وقلق مضاعف، فقد ألتقط إحدى الصور لقريب أو عزيز؛ ما يؤثر في نفسيتي، ورغم ذلك أندفع لبذل المزيد من الجهد".

ولم يكن العدوان الأخير على غزة تغطية أبو العوف الأولى لمثل تلك الأحداث، فسبق لها أن عملت خلال الحرب العدوانية عامي 2012 و2014، ولكن حرب أيار الأخيرة كانت فارقة لعدم وجود أجانب، "ولكننا بصفتنا مصورين عاملين في الميدان استطعنا أن نحدث فرقًا في إيصال رسالة غزة للعالم الغربي".

وعن التحديات التي تواجهها، تبين أبو العوف أن العمل بالقطعة يرهقها بسبب طبيعة نظامه، وعدم وجود أمان وظيفي في ظل الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع غزة.

وتقول إن حصولها على الجائزة أمدها بدافع للبحث عن طريقة إيصال رسالتها بما يتناسب مع الجمهور الغربي، "وهنا لا أتجه نحو الحصول على الجوائز بقدر إيصال رسالة الصورة الإنسانية للمكان الذي أعيش فيه".

شغف حياة الشارع

أما فاطمة الزهراء شبير فتعبر عن فخرها بحصولها على جائزة "الشجاعة للتصوير الصحفي".

وشبير (24 عامًا) تحمل شهادة إدارة الأعمال من إحدى جامعات غزة، وتعمل مصورة صحفية حرة وتكتب كذلك تقارير صحفية.

ومُنحت شبير الجائزة تكريمًا وترشيحًا لتغطيتها الأحداث في الحرب الأخيرة على قطاع غزة لكونها إحدى المناطق الساخنة.

وتقول: "حصولي على هذه الجائزة فرصة نادرة، لكونها تشمل جميع العاملين في المجال من مختلف أنحاء العالم".

وترى شبير بأن التكريم هو دافع قوي يمدها بالطاقة لمواصلة طريقها في إيصال رسالة قضية مجتمعها للعالم الخارجي، "وحصولي على الجائزة جاء بمنزلة تأكيد لاعتماد شغلها دوليًا"، كما تقول.

وبدأت شبير في التصوير منذ ما يقارب ثمانية أعوام، ونبع من شغفها في مشاهدة الأفلام الوثائقية والتركيز على تفاصيل الأشياء والزوايا وطريقة التصوير، ففي البداية اكتفت بمشاهدة الكثير من الصور التي كانت تلهمها وتشجعها أكثر على دخول هذا العالم، "حينها تأكدت من اكتشاف موهبتي، لأخوض التجربة".

وتبين أنها في بداية مشوارها التصويري ركزت على الصورة الصحفية الإخبارية، وبعد عام 2017 بدأت بتغطية التصعيدات الإسرائيلية على غزة، غير أن تغطية الحرب العدوانية الأخيرة كانت الأولى وأحدثت فرقًا في مشوارها المهني.

وتضيف بعد تنهيدة: "كانت أول تجربة وأطول أيام أعيشها، أحد عشر يومًا بعيدة عن أهلي وبيتي، شعور مخيف ومختلف وغريب، عشت في ضغط شديد، يجافيني النوم ولا شهية لتناول الطعام، ولكن هذه التحديات لا تذكر أمام التحدي الأكبر بأن توجد في الميدان وتنقل رسالة المستضعفين والمنكوبين".

وواجهت شبير في طريقها صعوبات حاولت تجاوزها بالممارسة والمحاولة، مشيرة إلى ميلها للتركيز على توثيق حياة الشارع.

وتطمح شبير بأن تتمكن من الوصول إلى كل مكان في العالم يتعرض للظلم ويواجه صراعات دامية، لتوصل صوتها بعينها الثالثة إلى أكبر شريحة في العالم.