عادت الحياة إلى وادي الباذان هذا الموسم ليروي ظمأ التواقين إلى حضن الطبيعة، فالباذان هو الوجهة السياحية الأكثر إقبالًا من قبل فلسطينيي الضفة الغربية وأراضي الداخل المحتل عام 48.
ويؤم السياح الوادي الواقع شمال شرقي مدينة نابلس من كل مكان للاستمتاع بالطبيعة الخلابة على طرفيه حيث الأشجار الوارفة وعيون الماء والشلالات، التي حرموا منها على مدار عامين بسبب جائحة كورونا.
تقول ابتهال منصور نابلسية المنشأ: إن وادي الباذان يعد المكان الأمثل لاستجمامها مع أطفالها وزوجها وشقيقاتها أيضًا.
وتضيف لـ"فلسطين": "مع انتشار فيروس كورونا حرمنا من التنزه في الوادي، وبمجرد وصولك إلى المنطقة تنتابك راحة نفسية كبيرة، تشعرك بالهدوء الداخلي مع صوت العصافير وسلالات المياه التي تبعث الطمأنينة في النفس".
وتردف: "الطبيعة ساحرة للغاية في الوادي، من يزورها مرة يصبح الأمر لديه إدمانًا، ويرغب في زيارته باستمرار، ويعد وجهة لأهل نابلس وكل الفلسطينيين بسبب التنوع الجغرافي، وعدم تمكننا من الوصول إلى البحر".
ويضم الوادي عددًا من المنشآت السياحية، منها متنزه رأس النبع الذي يعود تاريخ إنشائه إلى 1950م، صاحبه ربيع الفارس، اضطر إلى تسريح خمسة عمال من أصل ثمانية، بسبب جائحة كورونا وقلة عدد زوار الوادي.
ويبين الفارس لـ"فلسطين" أن الحياة بدأت تعود تدريجيًّا إلى الوادي، إذ يعتمد كاملًا على السياحة الداخلية والعدد الأكبر من فلسطينيي الداخل المحتل.
ويوضح أن الموسم السياحي يبدأ مع بداية شهر إبريل/ نيسان وحتى دخول الشتاء إذ تتوقف الحركة تمامًا، "وقبل بداية كل موسم في شهر مارس يعمل أصحاب المتنزهات على صيانة وإصلاح وتجديد للمناطق الشجرية".
ويأمل الفارس أن يكون الموسم القادم أفضل حالًا، مع تراجع المنحنى الوبائي، مشيرًا إلى أن عيد الأضحى شهد ذروة الانتعاش في الوادي، حيث كان يؤمه نحو 20 ألف زائر يوميًّا.
ويستهل أصحاب المنتجعات موسمهم بالرحلات المدرسية في فصل الربيع، إلا أنها غابت عنها لعامين بسبب الجائحة، ما عدَّه أصحاب المنشآت السياحية أنه خسارة نصف الموسم لهذا العام، وفق تأكيد مالك منتجع الشلالات في وادي الباذان عبد السلام الفارس.
ويوضح الفارس أن الوادي استقبل في العيد وما بعده آلاف الزائرين، لأن الاحتلال حرم أهالي الضفة من الوصول للبحر عبر الفتحات التي يسلكونها عادة، ما جعل الباذان مقصد الزوار من جميع المناطق.
تأثير كورونا
بدوره يبين رئيس مجلس قروي الباذان عماد صلاحات، أن الوادي يضم أكثر من 10 منشآت سياحية ومنتجعات ومتنزهات ومسابح، وبه أكثر من 400 موظف وعامل.
ويوضح صلاحات لـ"فلسطين إلى أن جائحة كورونا أدت إلى إغلاق تلك المنشآت والسابح بالكامل وكبدت أصحابها خسائر فادحة، ولكن بعد عيد الفطر الماضي عادت الحركة إلى وضعها الطبيعي.
ويشير إلى أن المنشآت السياحية تنشط موسميًّا في فصل الصيف، وفي الشتاء تحتاج إلى تطوير وتجديد مستمر، وتغلق مع بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول.
ويذكر صلاحات أن الباذان يؤمه 10 آلاف سائح يوميًّا، فهو الواجهة السياحية الأكبر لكل الوطن، وفيه أكثر من 10 ينابيع وطواحين مياه قديمة وشلالات.
ويلفت إلى أنه على طول الوادي هناك 400 شاليه (مصيف) تشهد إقبالًا واسعًا من الناس ولا سيَّما أهالي الضفة الغربية.
ووادي الباذان فيه بعض المناطق التاريخية، وهذا يمنحه بعدًا مهمًّا في السياحة، إذ يقوم السائح بالتمتع بالتنوع الجغرافي من السهل والجبل والوادي، والتعرف إلى تاريخ وطنه.
وينبه صلاحات إلى أنه تم تسيير خمسة مسارات بيئية في جنبات الوادي بين الأحراش وطواحين المياه القديمة لأول مرة التي يصل عمرها إلى مئات السنين، إذ وجدت إقبالًا كبيرًا.
ويقول إن القائمين على إدارة الوادي أجروا عمليات ترميم لبعض الطواحين المقامة على شلالاته، وكانت تستخدم قديمًا لطحن القمح، لتكون مَعلمًا سياحيًّا يضيف رونقًا خاصة للمنطقة.
ويطالب بتطوير البنية التحية لمنطقة الوادي الذي يقع في قرية تعداد سكانها لا يتجاوز 4 آلاف نسمة، ولكن في فصل الصيف يتضاعف عدد زوارها ليصل إلى 10 آلاف زائر، والبنية التي التحتية لا تتوافق مع هذه الأعداد الكبيرة.
ويدعو صلاحات إلى إنشاء مركز صحي ليقدم خدماته لسياح، وتوسعة الطرق لاستيعاب أعداد السائحين الكبير، إذ تتعرض المنطقة لأزمات مرورية خانقة.
ويناشد من أجل التوقف عن كب المياه العادمة في وادي الساجور، وتختلط بمياه الينابيع فتصبح غير صالحة للري والشرب.