كثيرًا ما تجذبنا صور الملابس والمنتجات البراقة عبر الإنترنت، فطريقة التصوير، وأسلوب التسويق، والشكل، وانخفاض السعر، كلها عوامل تدفعنا لطلب المنتج إلى منازلنا دون معاينته، لنتفاجأ عند تسلمه بفارق كبير بين المعروض والمنتج على أرض الواقع.
وفي قطاع غزة ينشط سوق التجارة الإلكترونية كثيرًا، من خلال المتاجر المنزلية، أو من خلال المعارض القائمة في الأسواق عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما سهل على المواطنين إمكانية الشراء دون الحاجة للنزول إلى السوق، وفي خلال ذلك وقع الكثيرون في مصيدة الاحتيال.
تقول الشابة لبنى عبد الواحد إنها أعجبت بقميص أزرق في أثناء تصفحها أحد المتاجر الإلكترونية على منصة "انستغرام"، جذبها تصميمه وبدت تفاصيله جميلة على العارضة التي ترتديه، فطلبته ودفعت مقابله 65 شيقلًا.
وتوضح أن القميص وصل إليها بواسطة عامل التوصيل (الديلفري) الذي انتظر تفقدها للمنتج، "فتفاجأت بأن الخامة رديئة جدًا واللون ليس كما بدا في الصورة، وكذلك التصميم، فأرجعته ودفعت لعامل التوصيل أجرته".
تجارب غير ناجحة
نشرنا استطلاعا إلكترونيا تفاعل معه العشرات من رواد موقع "فيسبوك"، وانتقد غالبية المشاركين منتجات المعارض الإلكترونية، يقول (Sayed Sarawy) : إن 90% من المنتجات تختلف تمامًا عن فيديو التسويق".
وشاركته "رشا وائل" الرأي ذاته، مشيرة إلى أن العروض التي تظهر على صفحات فيسبوك أو انستغرام تظهر جميلة الشكل من ناحية التصميم والخامة، ولكننا نُصدم حين نرى المنتج في المحل".
أما د. شيماء أبو شعبان فتؤكد أن المنتجات تختلف كليًا، ولا تفضل الشراء عن بعد إلا في حال الاضطرار إلى ذلك.
ويتحدث محمد مصلح عن تجربة أكبر من سابقيه: "منتجات كثيرة طلبتها وحين تسلمتها كانت مختلفة تماما عن الإعلان، ولم استفد منها، فالجودة والمواصفات صفر"، لافتًا إلى أن المنتجات التي يطلبها بسيطة كشمسية للسيارة، وأدوات طبخ، أجهزة كهربائية بسيطة، لا تخدم مدة طويلة.
أما محمد يوسف فيقول إن متجرًا روَّج لـ"بلايز" بألوان نادرة ومميزة على صفحته بموقع فيسبوك، "ولما رحت المحل حكوا أنه البلايز خلصت، وبالأساس ما كان عندهم مثل هيك بلايز، خسرت مشوارا من الجنوب لغزة عالفاضي، مجرد خداع للناس عشان يروحوا المحل ويشتروا أشياء تانية".
في حين يقول محمود الحلبي إنه يعتمد في الشراء عبر الإنترنت على متجر "علي إكسبرس" الصيني، فهو متجر عالمي معروف ويعطي مواصفات دقيقة لكل منتج بما في ذلك قياسها سواء أكان يتعلق بالملابس أو حتى النظارات، مشيرًا إلى أن من ينخدع المنتج يكتفي بالصورة دون الاطلاع على التفاصيل الأخرى التي يرفقها الموقع مع جميع المنتجات المعروضة على المنصة.
هل الرقابة غائبة؟
المدرب والأكاديمي المتخصص بالتسويق محمد العفيفي يقول إن ذلك يتوقف على أمرين: مشترٍ قد يكون اشترى من متجر غير موثوق أو من متجر معروف لكن البائع غير موثوق، "حتى موقع التسوق علي إكسبرس الذي يعد موثوقًا، فهذه المواقع تقوم على فكرة وجود بائعين يعرضون منتجاتهم فيه، فيقع على المشتري التأكد من البائع بالاطلاع على تاريخه السابق وتقييم الناس لمتجره".
ويرى العفيفي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الكثير من المعارض في غزة تلجأ للتسويق من خلال ثقافة الصور بغرض الاحتيال على المستهلك، لذلك على الزبون التأكد من وجود سياسة إرجاع في حال كانت المنتجات غير مطابقة للمواصفات المعلنة، حتى لا يفقد حقوقه إذا كانت الصور خادعة.
هذه العشوائية تتطلب من دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد، كما يشدد، إنشاء وحدة خاصة بتنظيم التجارة في الأسواق الإلكترونية، والرقابة عليها، والتأكد من مطابقة المواصفات المعلنة للمنتجات المعروضة حتى دون تقديم المواطنين الشكاوى، "ففي النهاية هذه عملية تجارة داخل حدود قطاع غزة".
قانون حماية المستهلك
وبشأن إذا كان هذا السوق يخضع لرقابة وزارة الاقتصاد بغزة، يقول الناطق باسم الوزارة عبد الفتاح موسى: إن "دائرة الشكاوى في دائرة حماية المستهلك يمكنها استقبال شكاوى المواطنين والتعامل معها في هذا الإطار"، مشيرا إلى أنه سبق لهم أن تلقوا شكاوى لعملية البيع الإلكتروني.
وأكد موسى لصحيفة "فلسطين" أن وزارة الاقتصاد يمكنها التدخل في حال كانت المواصفات المعلنة غير مطابقة للمنتجات المعروضة، التي تندرج تحت سياق "الغش والتدليس" وفي هذا الإطار يبيح قانون حماية المستهلك للوزارة عمل محاضر ضبط.
ولا يخفي موسى صعوبة ضبط سوق التجارة الإلكترونية، لافتًا إلى أن "جميع البضائع الواردة لغزة عبر المعابر الرسمية وتخضع للفحص للتأكد من مطابقتها للمعاير والمواصفات الفلسطينية وتتخذ إجراءات بحق المخالفين قبل عرضها في الأسواق".
من الواضح أن الأسواق التجارية الإلكترونية تفتقر لخانات تقييم الزبائن الذين جربوا المنتج والصفحة، ما يحتم على الوزارات المختصة إنشاء تطبيقات أو سن تشريعات وقوانين تتيح تفعيل هذه الخاصية، وكذلك تنظيم سياسة إعادة المنتج كما في المتاجر العالمية الموثوقة، لتطوير السوق.