قائمة الموقع

​الحنين إلى "لمّة" رمضان يذيب قيود سجن إياد

2017-06-12T06:52:10+03:00

"كيف كان رمضانك قبل الأسر؟، هل تذكر تفاصيله ما قبل ما يقارب الخمسة عشر عامًا؟".. بتنهيدة كبيرة تحملها أسلاك الهاتف هذه المرة من داخل أحد سجون الاحتلال الإسرائيلي، يقول الأسير إياد ياسر مسالمة: "ايييه في فرق كبير لما يكون رمضان بين أهلي، وبين رمضان وأنا هلا جوا الأسر".

"فلسطين" هذه المرة في زاوية "نشتاقهم" لم توقف حدودها في التواصل مع أهالي الأسرى، بل عمدت للوصول إلى داخل السجون لتسمع من الأسير ذاته ما يعانيه في غيابه عن عائلته، وتكمل بعدها طرف الحكاية مع والده، لحظات من الوجع في اللقاءين المنفردين مع الأب وابنه، يحتويها تقرير اليوم.

رمضان قبل وبعد الأسر

الأسير إياد ياسر محمود مسالمة، من سكان بيت عوا ومواليد 27-4-1975، اعتقل في الـ 29-8-2002 بسبب انتمائه لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في عام 1994، وحكم عليه بأربعة مؤبدات، قضى منها حتى الآن أربعة عشر عامًا ونيّفا.

يتابع الأسير إياد : "رمضان قبل الأسر كان له طعم خاص ونكهة ممزوجة بحلاوة العبادة ولمة الأهل وصلة الرحم"، مشيرًا إلى أنه في رمضان كان يعيش كل يومه –قبل الأسر– في العبادة ما بين صلاة الفجر إلى التراويح في المسجد.

ويستذكر لحظات اجتماعه مع أفراد عائلته على مائدة الإفطار والسحور، ولا يزال قلبه يدعو الله مخلصًا في كل رمضان أن يكون هذا رمضانه الأخير داخل السجن، وأن يجتمع مع والديه مجددًا على المائدة.

"إذًا ماذا عن رمضانك داخل الأسر؟".. بلهجة لا تحمل إلا التحدي لقهر السجان، يقول: "رمضان داخل الأسر مختلف جدًا، فنحن نعيشه في ظل معاناة السجن وتضييق السجان"، مستدركًا بقوله: "لكننا مع كل هذه المعاناة نصنع بيننا كأسرى أجواء الأخوة والمحبة".

ويوضح أنهم في السجن يقومون بتهيئة أنفسهم لاستقبال الضيف الكريم –يقصد شهر رمضان الفضيل– ويحضرون برنامج عبادة عاما وبرنامج عبادة خاصا، منوهًا إلى أن برنامج العبادة العام هو برنامج العبادة المشتركة مع الجميع كصلاة التراويح والذكر والدعاء والوعظ، وأما البرنامج الخاص بكل مجاهد -لقب يطلقه عوضًا عن وصفه بالأسير كتحدي للاحتلال الإسرائيلي– فيضع برنامجًا بما يفتح الله به عليه.

هذا رمضان الروحاني في الأسر.. فكيف هو الطعام في رمضان داخل الأسر؟ يشير إلى أنه على صعيد وجبات الفطور والسحور، هي وجبات جماعية لكل غرفة على حدة، مبينًا أن لكل غرفة مجاهدين يجيدون الطهي، متابعًا: "المجاهدون أصحاب النفس في تحضير الطعام يصنعونه من لا شيء، يسهرون ليلهم في العبادة، وفي النهار يقومون على خدمة إخوانهم في تحضير الطعام".

اجتمعوا في السجن!

خاتمًا حديثه لنا: "هذا رمضان الرابع عشر لي داخل الأسر، تنقلت خلاله في سجون الاحتلال ابتداءً من زنازين عسقلان وسجن هداريم وعوفر ونفحة وأهليكدار ورامون، لكني أثق بأن الله عز وجل سيخرجنا قريبًا بعزيمة وإرادة المقاومة الباسلة".

بعد انتهاء اللقاء مع الأسير إياد، تواصلنا مع والده الحج ياسر، والأب لخمسة شباب كلهم تعرضوا للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي في أوقات متفرقة، ومرّ عليه عام من الأعوام قبل عقد من الزمان أن اجتمع الخمسة في قبضة الاحتلال متفرقين على سجونه.

ابن السابعة والستين يقول: "منذ ما يزيد على العشرين عامًا لم اجتمع مع أولادي على مائدة واحدة، فقبل أسر إياد، أُسر شقيقه الأكبر نضال، وفي أوقات أخرى أُسر محمود ويسري ومحمد".

ضحك ضحكة مصحوبة برنة وجع، وهو يكمل الحكاية: "ذات مرة اجتمعت مع أولادي الخمسة في السجن، كان نضال وإياد ومحمود أسرى، وزرتهم أنا ومحمد ويسري"، مشيرًا إلى أن ابنه نضال مازحه أثناء الزيارة التي اختلطت فيها المشاعر الحزينة بالسعيدة، حين قال له: "هيّ أولادك كلهم حواليك يا حج".

طلبت منه العودة بالزمن إلى ما قبل اعتقال إياد، فقال: "كنا نتسوق أنا وهو ووالدته لرمضان، كان بمثابة الابن الأكبر لي، يساعد في كل شيء، وأهم ما يبحث عنه إحضار كل متطلبات المقلوبة –أكلته المفضلة–، والقطائف المحشوة بالجبنة".

ويشير إلى أنه يهتم بكل أفراد العائلة، فقبل أسره تزوجت آخر أخت له، فأهداها سوارًا ذهبيًا، وفي رمضان يصرّ على إحضار "اللوج" الرمضاني، -نوع من زينة الأضواء– لإضافة أجواء رمضانية عائلية في المنزل.

ويلفت إلى أن ابنه الأسير إياد كان لا ينسى الفقراء والمساكين والعائلات المستورة من ريع عمله في محل للتلفزيونات قبل أسره، أتعرفين –يقول لي– حتى وهو في الأسر الآن يطالبنا بأن نقتطع من مخصصاته لإعطائهم المال.

اخبار ذات صلة