قائمة الموقع

"أمين المكتبة العالمي".. 4 مدرسين يحجزون مقعدًا في قائمة الـ100

2021-09-23T10:32:00+03:00

بريد إلكتروني وردها، للوهلة الأولى جهلت مصدره، يخبرها: "تم فوزك بلقب أمين المكتبة العالمي". كتمت فرحة سرعان ما دوى صداها بداخلها حين وقعت عينها على المرسل؛ مؤسسة (AKS) التعليمية في الهند، تتويجًا لجهد بذلته المدرسة في مدرسة سليمان الأغا الثانوية للبنات بمحافظة خان يونس عايدة الوحيدي على مدار أعوامٍ، واستحقت نيل اللقب.

إضافة للمعلمة عايدة، فازت منى أبو موسى عن مديرية رفح، وفاطمة غطاس ووسام الشرافي من مديرية شمال قطاع غزة، نلن الجائزة ذاتها، حجزن مقعدًا في قائمة مئة شخص نالوا اللقب في المسابقة التي تقام لأول مرة على مستوى العالم وشارك فيها الآلاف من أمناء المكتبات من عشرين دولة.

"كانت فرحة كبيرة، وشجعتني على تطوير عملي، حاليًّا اتجهت نحو التكنولوجيا فسجلت قبل أيام، وبعد الفوز بدبلوم تصميم جرافيك، لحاجتي إليها في تطوير برنامج برمير وبرامج أخرى، وهذا الفوز يشجعنا على إيصال قضيتنا العادلة عن طريق المكتبات والثقافة".. أمواج الفرح التي غشتها حينما وصل إليها البريد، ما زالت تدق طبولها بداخلها.

كواليس الفوز والاستعدادات

تدخل خلف كواليس استعدادها للمسابقة، تخرج كلماتها متراصة بهدوء واتزان تعبر عن شخصية واثقة: "جاءتنا النشرة من وزارة التربية والتعليم حول المسابقة العالمية لأمناء المكتبات، لرصد ماذا فعلنا من إنجازات وأنشطة مميزة، فقمت بتنظيم مبادرات على مدار العام وأرسلت مشاركتي في مارس/ آذار الماضي".

"الصالون الأدبي" كان من العوامل التي أهلت الوحيدي للفوز، فقد أنشأته داخل مكتبتها لطالبات من المرحلة الإعدادية والثانوية.

تقول: "بداية كنت أصطحبهن لزيارة أدباء فلسطينيين معاصرين، ليتعرفن إليهم من قرب ويجرين مقابلات معهم، فقد زرن صاحبة صالون "نون الثقافي" فتحية صرصور، كجزء من برنامج "رحلة في عالم أديب" كنت أنشره على يوتيوب، ومن ثم تطرقنا لأدباء آخرين".

في أثناء جائحة كورونا، نظمت الوحيدي مبادرة "اجلسوا في رحالكم وأقرؤوا كتابكم"، المبادرة التي خصصتها في البداية لطالبات مدرستها ثم توسعت لتشارك فيها طالبات وشبان من الضفة الغربية، ثم من دول عربية عديدة، لتسجل المبادرة نجاحًا فاق التوقعات.

وتشير إلى أن المبادرة هدفت "إلى استثمار وقت الفراغ في ظل الجائحة؛ بإعداد قائمة كتب، ويرشح مشاركٌ مشاركًا آخر بعدما ينتهي من الكتاب، لتبقى سلسلة القراءة مستمرة".

ولم يكُن ما سبق كل ما فعلته الوحيدي بشكل مميز مع طالباتها، ففي جعبتها المزيد لتدليه: "دربت الطالبات بالشراكة مع جمعية "أيام المسرح" على إعداد أفلام كرتون تتحدث عن مدن فلسطينية، ومشكلات اجتماعية كـ"التنمر" الذي يعانيه ذوو الإعاقة، دربتهن كذلك على الكتابة الإبداعية تحديدًا في كتابة القصص القصيرة التي استخدمنها في صناعة الأفلام".

قطف الثمار

بعد كدٍ وعناءٍ وجدٍ واجتهاد حصدت المعلمة منى محمد أبو موسى غرسها وقطفت ثمار سنوات عملت فيها أخصائي مكتبات في مركز "القطان" الثقافي، وأسهمت في إنشاء مركز "القطان" المصغر بجمعية المغازي، ثم عينت أمين مكتبة في مدرسة عباس العقاد في خربة "العدس" بمحافظة رفح.

في تلك المنطقة النائية شرقي محافظة رفح، توسعت أنشطة المعلمة منى الثقافية لتمتد إلى المنطقة التي تحيط بالمدرسة وتفتقر لوجود مؤسسات ثقافية تعنى بالقراءة، فاستفاد من أنشطتها أهالي الطالبات.

مبادرات عديدة نظمتها للمشاركة في المسابقة العالمية لأمناء المكتبات، كانت "كتابي في يدي" أبرزها والتي حفزت من خلالها طلبة المرحلة الابتدائية للقراءة والتعبير، وتكوين حصيلة لغوية كافية لتغذية الطالبات بالمعرفة والبلاغة، استفاد بعضهن من المبادرة في إنتاج قصة، وخواطر شعرية، والأهم أنه "زاد ثقتهن بأنفسهم، وتحسين مهاراتهن من خلال دراستهن" تقول المعلمة.

وتؤكد أن الثقة ليست وحدها التي اكتسبتها الطالبات، بل انغرست فيهن قيم عديدة مررتها المعلمة من خلال حثهن على قراءة كتب انتقتها بعناية، إضافة إلى شغف القراءة الذي زرعته في قلوبهن، مؤمنةً "أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" وهذا ما طبقته واقعًا عمليًّا مع طالباتها في المراحل الأساسية، وتؤكد من خلاله "أهمية المكتبة الفاعلة في المدارس".

ووضعت المعلمة منى بصمتها على أرشيف المكتبة منذ وصولها، بدءًا من ترتيب المعارف العشر العامة المطلوبة لأي مكتبة، من ديانات، وعلوم اجتماعية، ولغات، وفنون، وجغرافيا، وتاريخ، وعلوم بحثية وتطبيقية في موضوعات معينة اطلعت عليها ووجدت فيها نقصًا، فأنشأت قوائم ببليوغرافية وزاد عدد الكتب لنحو 750 كتابًا، عادة ما فعلته "غير كافٍ، لكن الكتب تفي بالغرض نظرًا لتنوعها".

والقوائم الببليوغرافيَّة عبارة عن قوائم بمواد منشورة أو مواد غير منشورة مرتبة وفق طريقة معيَّنة، كالترتيب الهجائي بأسماء المؤلفين أو بأسماء الموضوعات أبو بأسماء العناوين أو المُصنف.

الشيء المميز الثالث الذي نظمته المعلمة ذاتها، مشروع "أمين مكتبة مصغر"، وهدفت من خلالها لنقل العلم للمجتمع المحلي، كي يعرف الطلبة وظيفة "أمين المكتبة".

واتسعت بصمة المعلمة خارج حدود أسوار المدرسة بعد أن فتح أبواب المكتبة للمجتمع المحلي، "فوضعنا نظامًا حول كيفية استعارة أولياء الأمور للكتب، لكوننا نعيش بمنطقة نائية، فمثلت مكتبة المدرسة المكان الوحيد الذي يمكن أن يلجأ إليه أولياء الأمور لاستعارة الكتب".

وتغمر المعلمة منى مشاعر الفرح لفوزها بالمسابقة: "هو شعور فخر وتقدير، بأن تفوز بجائزة على مستوى العالم، وأن تكون ضمن أربع أسماء تخرج من مختلف المديريات بفلسطين وقطاع غزة، لنؤكد -وسط هذه الظروف- أننا أيضًا نقاوم في التعليم ونوصل رسالتنا الثقافية".

اخبار ذات صلة