استهجن مواطنون من القدس والضفة الغربية المحتلتين وقطاع غزة، إقرار السلطة الفلسطينية وحكومتها في رام الله إجراء انتخابات قروية جزئية بعيدًا عن التوافق الوطني، مع استمرار تعطيلهما إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، منتقدين استهتارهما بقضايا الشعب الفلسطيني الكبرى.
ودعا المواطنون في أحاديث لصحيفة "فلسطين" إلى ضرورة عودة السلطة عن "اغتصابها حق المشاركة السياسية" للشعب الفلسطيني في انتخابات شاملة ومتزامنة، تؤدي إلى تغيير حقيقي في الوضع السياسي القائم.
وكانت حكومة اشتية قد قررت أول من أمس أن يكون 11 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، موعدًا لعقد المرحلة الأولى من الانتخابات القروية الجزئية دون توافق وطني، في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
ذريعة القدس
وعطل رئيس السلطة محمود عباس إجراء الانتخابات التشريعية التي كان من المزمع عقدها في مايو/ أيار الماضي، بذريعة عدم موافقة الاحتلال الإسرائيلي على إجرائها في القدس المحتلة، وإزاء ذلك ينظر المواطنون بعين الريبة لنية السلطة عقد الانتخابات القروية الجزئية في بعض المناطق التابعة لها.
وكان عباس قد أعلن في أبريل/ نيسان الماضي تأجيل موعد الانتخابات التشريعية إلى حين ضمان مشاركة أهل القدس "ترشيحا وتصويتا ودعاية انتخابية".
المواطن رمزي غنايم من مخيم "عناتا" بالقدس، اعتبر أنه في حال إجراء السلطة الانتخابات القروية الجزئية في المدينة المحتلة، يعني أن تذرعها بالقدس في إلغاء الانتخابات التشريعية قبل عدة أشهر كان "باطلا".
وقال غنايم إن سلوك السلطة بشأن مزاجية إجراء الانتخابات يؤكد رغبتها في الالتفاف على الانتخابات التشريعية والرئاسية، متسائلا: "ما الفائدة التي سيجنيها شعبنا وأهل القدس من تغيير رؤساء مجالس محلية، في حين يُحرمون الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يمكن أن تغير الوضع السياسي القائم لديهم؟".
وأكد أن أهل القدس يرفضون تجزئة الانتخابات وإجرائها في مناطق دون أخرى، مردفا: "نريد انتخابات شاملة ومتزامنة" يشارك فيها كل المقدسيين بصفتهم جزءًا من كل الفلسطينيين، أما إجراء انتخابات قروية جزئية على مراحل، فهو يعكس رغبة الحزب الحاكم "فتح" في جس النبض تجاهه، إذ إنه في حال جاءت النتائج لصالحه يكمل مسيرة الانتخابات.
الرأي ذاته شاركه فيه المواطن عبد الفتاح بدير من جنين، إذ قال إن تذرع السلطة بالقدس في تعطيل الانتخابات التشريعية باطل، وإنه كان يمكنها التنسيق مع الاحتلال لإجرائها، كما تنسق الآن لانتخابات على مقياسها.
وأضاف بدير أن الأصل إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة، لا على مراحل وفي بعض القرى، حيث إن خسارة "فتح" فيها ستكون أقل وقعا عليها من حدوثها في المدن الكبرى، فهي خطوة تجريبية وجس لنبض الشارع، متوقعا ألا تكمل السلطة هذه الانتخابات حال خسارة حزبها المرحلة الأولى منها.
مسلسل التفرد
ويشارك أهالي غزة نظراءهم بالضفة الغربية الرأي، إذ عدت المواطنة أنوار هنية إعلان إجراء انتخابات قروية جزئية بعد تعطيل الانتخابات التشريعية "استمرارا لمسلسل التفرد الذي يفرضه عباس، متجاوزا إرادة الشعب الفلسطيني وفصائله".
وتساءلت هنية: "هل زالت الأسباب التي دعت عباس لإلغاء الانتخابات التشريعية (التذرع بالقدس) ليلجأ لانتخابات قروية جزئية؟ لماذا لا يُعلن صراحة إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة بالتوافق مع كل الفلسطينيين ما دام الدافع هو إجراء انتخابات ديمقراطية؟".
وأضافت: "لماذا اكتفى عباس بإعلان إجراء انتخابات جزئية ولم يحدد جدولا وسقفا زمنيا لإجرائها؟"، معتبرة أنه يريد الديمقراطية التي تناسب مزاجه ومقاسه وليس التي تعبر عن إرادة الشعب وفصائله.
وأكدت أنه لا يمكن القبول أن يكون الشعب الفلسطيني بكل ألوانه وأطيافه كورقة في مهب الريح بيد عباس دونما أي احترام لإرادته.
وبينت المواطنة أسحار صرصور أن المطلوب شعبيا الضغط على عباس للتنحي والتخلي عن الإمساك بالسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، "لأنه ما دامت الانتخابات مرهونة بكلمة منه فهذا لن يغير من الوضع شيئا".
وطالبت بتكثيف الرأي العام الضاغط نحو حوار وطني شامل لكل الفصائل الوطنية والإسلامية بعيدا عن أي ضغوطات خارجية وأي ابتزازات دولية.
أما ممثل الشباب بالهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار محمد هنية، فاعتبر ذهاب عباس لاتخاذ قرار منفرد بعيدا عن الإجماع الوطني "سياسة هدفها تكريس الانقسام والتفرد بالقرار".
وعدّ هنية خطوة عباس "مراوغة" أمام العالم خاصة الأوروبيين بإظهار أن هناك حالة ديمقراطية، لكن الحقيقة أن هذه القرارات تنصب لتحقيق مصالح شخصية له ولمعاونيه ما دامت لم تشمل إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة ضمن توافق وطني كامل.
تجاهل التوافق الوطني
واستغرب إقدام عباس على هذه الخطوة بعدما ضرب بعرض الحائط حالة التوافق الوطني، وتعطيله الانتخابات بعدما أصدر مرسومًا بعقدها، مضيفا أنه لا يمكن تفسير خطوته الحالية سوى كونها "تجميلًا للديكتاتورية"، لكن شعبنا وفصائلنا واعية للهدف من إجراءاته التي لن يكون لها نتيجة سوى تكريس احتكاره السلطة.
وأكد الناشط السياسي م. أمجد مزيد أن شعبنا كان يترقب انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة لتكون نافذة للخروج من الواقع السياسي الحالي، فقد أبدت جميع مكونات الطيف الفلسطيني استعدادها لخوض هذا السباق، فإذا بها تؤجل تارة، وتلغى تارة أخرى، تحت ذرائع واهية وغير مقبولة.
وبين مزيد أن شعبنا تفاجأ بنية السلطة إجراء انتخابات قروية جزئية مفصلة على مقاس معين في محاولة لخلط الأوراق، والتفرد بالحالة الوطنية، والضرب بعرض الحائط أولوياتنا الوطنية ومسار المصالحة الفلسطينية.