أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية، د. مصطفى البرغوثي، أن تخلي قيادة السلطة في رام الله عن نهج "أوسلو" سيفتح لشعبنا الفلسطيني طريق التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا لتبني إستراتيجية وطنية قائمة على المقاومة بكل أشكالها.
وقال البرغوثي في حديث لصحيفة "فلسطين": إن "اتفاق أوسلو كان "فخاً" نُصب للفلسطينيين لتضييع نتائج الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة)، ووصل اليوم لنفق نهايته مسدودة ولا مخرج منه سوى بالتخلي الكامل عن هذا النهج".
وبين أن اتفاق أوسلو شابه الكثير من الأخطاء، منها توقيعه دون وقف الاحتلال للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، كما أنه كان اتفاقاً انتقالياً، الأمر الذي استغله الاحتلال في المماطلة في الوصول للمرحلة النهائية، فالملفات التي كانت ستنتهي بعد 6 سنوات من توقيعه على حالها منذ 28 عامًا.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن من أهم الأخطاء -وفقاً للبرغوثي- أن الاتفاق عُقد بشكل غير متكافئ حيث أُجبر فيه الفلسطينيون على الاعتراف بـ(إسرائيل)، التي لم تعترف سوى بمنظمة التحرير ممثلا عن شعبنا، ولم تعترف بأي دولة فلسطينية.
ونبه إلى أن ما أثبتته الأحداث لاحقاً أن الإسرائيليين سواء كانوا يمينا أو يسارا لا يؤيدون أي حل وسط مع الفلسطينيين وقيام دولة فلسطينية مستقلة، "وهذا موقف رؤساء وزراء الاحتلال السابقين ومنهم بنيامين نتنياهو من قبل وحالياً نفتالي بينيت.
وأضاف أن "الإسرائيليين لا يرون في السلطة سوى وظيفتها الأمنية وغير مستعدين للبدء بأي عملية سياسية معها، لذلك بعد 28 عاماً على "أوسلو"، يجب على السلطة التخلي عن هذا النهج كاملاً".
إستراتيجية وطنية
ورأى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية أن البديل أمام السلطة يكمن في الوصول لإستراتيجية وطنية تشمل كل أشكال المقاومة وتوحد شعبنا ضد المشروع الإسرائيلي وسياسة الأبارتهايد التي يعانيها الفلسطينيون في مختلف أماكن وجودهم في الداخل والخارج.
وأوضح البرغوثي أن المعاناة الفلسطينية كبيرة فغزة تخضع لحصار إسرائيلي خطر تسيطر فيه على الجو والبحر والمعابر، في حين تقع الضفة الغربية تحت احتلال عنجهي كامل حتى مناطق (أ) التي من المفروض أنها تابعة للسلطة يخترقها الاحتلال كل يوم، ويمارس فيها الاعتقالات، والتوسع الاستيطاني.
واستدرك بالقول: "لكن أكثر المناطق استهدافاً بالتهويد القدس وخاصة المسجد الأقصى، إذ إن سماح حكومة بينيت للمستوطنين المقتحمين للأقصى بأداء صلوات تلمودية فيه محاولة لجعله شراكة بين المسلمين واليهود وصولاً للتهويد الكامل فالقدس تواجه مخاطر كبيرة".
ولفت إلى أنه في الوقت نفسه فإن (إسرائيل) تواجه فشلاً إستراتيجياً يتمثل في أن عدد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية أصبح أكبر من عدد اليهود، ما يشكل خطراً كبيراً على مشروع الاحتلال الاستيطاني.
ورأى أن الجمود في المشروع الوطني يمكن حله بتبني إستراتيجية وطنية كفاحية تعتمد على المقاومة الشعبية وتفعيل حركة المقاطعة للاحتلال دولياً، وإنجاز الوحدة الوطنية، وتشكيل قيادة موحدة.
ومن أهم بنود الإستراتيجية التي يقترحها البرغوثي: تعزيز صمود الفلسطينيين بالداخل والخارج، وتعزيز النضال الوطني الفلسطيني في الداخل كما لمسنا ذلك في أحداث القدس الأخيرة معركة "سيف القدس"، والعمل على اختراق صفوف الخصم دولياً، وتعزيز التضامن الدولي مع شعبنا.
وكل ذلك يأتي سعياً لإحداث تغيير في ميزان القوى الذي يميل للاحتلال، وصولاً لتغيير المعادلة بشكل كامل، "فيكون هدفنا على المدى البعيد ليس فقط إنهاء الاحتلال بل أيضاً إسقاط كل أنواع التمييز العنصري الذي يعانيه الفلسطينيون في الداخل والخارج"، وفقاً للبرغوثي.
وعبر البرغوثي عن اعتقاده أن المقاومة الشعبية لشعبنا ستتوسع،" نحن نعيش انتفاضة من نوع جديد على شكل موجات كما حدث في هبة الأقصى 2015، ومسيرات العودة الكبرى، ويحدث الآن في معركة التضامن مع الأسرى، وهذه الهبات ستتسع، فلا طريق آخر أمام شعبنا سوى المقاومة".
وأضاف: "في كل يوم تتسع رقعة هذه المقاومة، فرأينا تصاعداً لها في بيت دجن وكفر قدوم والمغير ومسافر يطا وغيرها من المناطق التي يهدد الاستيطان أراضيها"، داعيًا لأن تبقى هذه المقاومة شعبية، دون إضفاء الصفة الرسمية الحكومية عليها بما يضمن استمرارها.
وبين أنه في اللحظة التي يتم فيها إغلاق مسار أوسلو بشكل كامل ومحكم فإن دروب الحرية ستُفتح لشعبنا، كما فعل الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم بأيديهم وكلفوا الاحتلال مبالغ طائلة للبحث عنهم وما زال عاجزاً حتى اللحظة عن العثور على اثنين منهم.
ورأى أن عملية تحرر الأسرى الستة من سجن "جلبوع" أفضل وجوه المقاومة الشعبية التي استطاعوا من خلالها جذب الاهتمام المحلي والعالمي لمعاناتهم في سجون الاحتلال.
أزمة عميقة
وحول الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية عدّ البرغوثي أن تعطيل الانتخابات وقتل المعارض السياسي نزار بنات أثر سلبيا في الوضع الداخلي،" فخلق أزمة داخلية عميقة لا يمكن أن تحل إلا بإعادة مبدأ الديمقراطية وحق الانتخاب لشعبنا وإجراء انتخابات شاملة".
وبين أن ممارسات السلطة بعد هذه الأحداث مرفوضة، مضيفًا: "لا نطالب فقط بالإفراج عن المعتقلين السياسيين بل أيضاً إسقاط التهم الملفقة لهم، وتحريم الاعتقال السياسي والاستدعاء على خلفية الحريات خاصة حرية الرأي والتعبير".
وأكد أنه "لا يمكن أن ننتصر في كفاحنا ضد الاحتلال دون أن تكون أوضاعنا مرتبة على أسس ديمقراطية".