فلسطين أون لاين

المقدسي "أبو نمر".. عاش للأقصى ودُفن إلى جواره

...
المقدسي محمد نمر عبيدات "أبو نمر" (أرشيف)
القدس المحتلة-غزة/ عزام حافظ:

المقدسي محمد نمر عبيدات "أبو نمر" من حي الصلعة بجبل المكبر في القدس المحتلة، أحد المرابطين الدائمين داخل المسجد الأقصى وباحاته، انتقل إلى جوار ربّه لاحقًا بثلة من المرابطين الذين ورّثوا هذه الأماكن لأحفادهم، إيمانا منهم بأن الحق ستشرق شمسه يومًا ما على "القبة الذهبية".

كان وداعًا يليق بمكانة الحاج أبو نمر كما يحب أن يناديه أقرانه، وتنفيذا لوصيته لأحدهم: "إذا متت تبعدنيش عن الأقصى، ادفنوني جنبه"، فنُفذت الوصية، وووري تحت الثرى في مقبرة اليوسفية التاريخية التي تبلغ مساحتها نحو 14 دونمًا في الجانب الشرقي من سور البلدة القديمة بالقدس.

عماد عبيدات ابن عم الفقيد "أبو نمر" لم يتوقف طوال الحديث مع صحيفة "فلسطين" عن ذكر مناقبه، لِما له من صيت واسع في أرجاء الأقصى والقدس، فقد كان صاحب اللحية الطويلة محبوبا من الجميع، متواضعا مع الصغير قبل الكبير، حنونا على طيور ساحات الحرم القدسي الشريف.

يضيف عبيدات: "بكاه الصغير والكبير، وترك فراغا سيملؤوه أحفاده من أطفال القدس، فقد سطر خلال سنين حياته طريقًا للمقدسي القدوة المدافع عن أرضه".

وعمل الحاج "أبو نمر" في قسم النظافة ببلدية القدس، وكان يؤدي صلواته في الأقصى ما استطاع إلى ذلك سبيلا، إلى أن تقاعد ببلوغه 60 عامًا، حتى أصبح من المرابطين على مدار الساعة في أولى القبلتين، لينطلق قبيل الفجر من جبل المكبر لأداء الصلاة في الأقصى، ثم يتحلّق مع أقرانه لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم يؤدي صلاة الضحى ويغادر.

لم يبخل الحاج "أبو نمر" على الأقصى بوقته، في الشدة والرخاء والعسر واليسر، فقد كان من أوائل المرابطين في أحداث "هبة البوابات الإلكترونية" صيف 2017، حين أصر الاحتلال الإسرائيلي على تركيبها لتفتيش كل من يدخل الأقصى ويخرج منه، فرابط المقدسيون ومعهم الفقيد تارة عند باب الأسباط، وتارة أخرى عند باب حطة، ولم يسلم كآلاف المرابطين من اعتداء الجنود المدججين بالسلاح عليه بالضرب.

حال الحاج "أبو نمر" كحال مئات المرابطين الذين لا يألون جهدا في خدمة المقدسيين وزوار الأقصى. تؤكد ذلك لـ"فلسطين" الصحفية المقدسية شروق طلب، مضيفة أن وجود المرابطين الدائم في الأقصى يحميه من هجمات المستوطنين التي تزداد حدتها يوما بعد آخر، فوجودهم يعني الأمان لأهالي القدس.

ولفتت طلب إلى أن المرابطين يعملون على "مساعدتنا في العمل الصحفي، وخصوصا في حال منعتنا قوات الاحتلال من الدخول للمسجد"، مشيرة إلى مساعدة المرابطة نفيسة خويص لها، التي تعد أكبر المرابطات سنا، في إدخال معدات التصوير لتغطية إحدى الفعاليات بالمسجد، وإيصالها بـ"التوكتوك" الخاص بها من أنحاء المدينة إلى بوابات الأقصى.

ولم تقتصر محاربة الاحتلال المرابطين على ملاحقتهم من أجهزة أمنه، بل تعالت الأصوات داخل حكومته لعدهم "تنظيما إرهابيا محظورا"، وهو ما سعت إليه وزيرة الثقافة بحكومة الاحتلال ميري ريغيف التي كانت ترأس لجنة الداخلية في "الكنيست" الإسرائيلي عام 2014 حين طالبت بمعاقبة كل من يرفع صوته بالتكبير داخل الأقصى بغرامة 50 ألف شيقل.

وفي عام 2015، أعلن وزير جيش الاحتلال السابق موشيه يعلون المرابطين "تنظيمًا محظورا"، بناء على توصية من شرطة الاحتلال وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، لكن المرابطين بصمودهم يفرضون في نهاية كل جولة إرادتهم، ليقينهم أن "دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة".