قائمة الموقع

لينا الحوراني: فلسطين مبدأ حياة والتسابق مع الاحتلال اعتراف بوجوده

2021-09-11T09:40:00+03:00
لينا حوراني (أرشيف)

تنحدر أصولها من قرية "المسمية الصغيرة" في مدينة الرملة المحتلة، شمال غرب القدس، لم ترَ بلدتها، لكنها حفرت اسمها على جدار قلبها ورسمتها في مخيلتها كما حدّثها عنها جدها ووالدها، فتسلمت مفاتيح الارتباط المتجذر، وظلَّ الحب والحنين والشوق لقريتها كبيرًا.

وعندما تعلق الأمر بفلسطين وفي أول اختبار لهذا الحب خلال مشاركتها في مسابقة "بلومبيرغ" العالمية، انسحبت رافضة وجود فريق ممثل عن الاحتلال الإسرائيلي في المسابقة.

"لينا" ابنة الواحد والعشرين ربيعًا، وهي طالبة هندسة معمارية بالجامعة الأردنية بالسنة الرابعة، لم تلتفت لقيمة الجائزة البالغة مليون دولار؛ فهذا المبلغ بالنسبة لها "لا شيء؛ أمام رفض مواجهة فريق إسرائيلي بالمسابقة". لم تفكر في خيارات أخرى للبقاء أو حتى الانسحاب في مراحل متقدمة، رأت أن انسحابها يمثل "عدم اعتراف منها بالاحتلال!".

تثبت لينا بهذا الموقف أن كل محاولات إبعاد الشباب العربي عن قضيته الفلسطينية، ومع تكرار توالي الانسحابات التي يسطرها شباب عرب من كل أقطار الوطن العربي وبألوان مختلفة، قد فشلتْ وقد حقق الاحتلال "صفرًا كبيرًا"، وأن الشباب يلتفون حول فلسطين، يرفضون إعطاء أي شرعية للاحتلال، يضحون بمواقع متقدمة يصلون إليها بمسابقات وألعاب عالمية.

لكن الانسحاب من أي نشاط رياضي أو مسابقة علمية أو ثقافية يمثل للينا وغيرها فوزًا في حب فلسطين، ونصرة قضيتها العادلة، وخسارة مدوية للاحتلال في ميدان "الشرعية الدولية".

الاجتماع التعريفي

استهلت لينا حديثها لصحيفة "فلسطين" بتوضيح "معلومات مغلوطة" -كما تقول- نُشرت في وسائل الإعلام: "بداية لم أتوقع أن يحدث هذا الانتشار الكبير لموقفي، وهذا جميل جدًا ويسعدني ويحفز الشباب العرب على المضي قدما في طريق رفض الاحتلال، لكن صراحة صدر مني الموقف بعفوية لأن هذه مبادئي ولا يمكن أن أحيد عنها، لكن اللغط أني لم أصل للمرحلة النهائية بل كان الانسحاب في أول اجتماع تعريفي بالمسابقة".

تشعر بعمق حبها وارتباطها بفلسطين وكأنها الفائزة بالمسابقة، صوتها يعبر عن ذلك "لقد وزنت أموري من مبادئي التي نشأت وتربيت عليها، وحبي لفلسطيني أكبر من مكافأة مادية يمكن أن تغريني، وأكبر من مليون دولار، وأكبر حتى من أن أفكر بالاستمرار من عدمه، لأني انسحبت مباشرة من الاجتماع الأول للمسابقة، لكوني لا أعترف بوجود الاحتلال حتى أتسابق معه".

ترد لينا على كل من نصحها بعدم ترك ساحة المسابقة للاحتلال معارضًا هذا التوجه: "بالعكس نحن لا نترك الساحة للاحتلال عندما ننسحب من المسابقات، بل لها تأثير كبير عليه بأننا لا نعترف بوجوده، أي فعليا لا يوجد منافسة، وعندما أريد التنافس سأتنافس مع دولة، وصراعنا الأصلي أن هذا احتلال وليس دولة بغض النظر اعترف العالم بها أم لا".

آفاق مختلفة

مثلت المسابقة للينا وفريقها فرصة معمارية جيدة، تعطيها خبرة في مجال وتفتح لها آفاقًا مع دول العالم، وإن كان البعض يظن أن انسحابها ترك الساحة العلمية للاحتلال، مؤكدة أن المسألة تتجاوز رمزية الخطوة، "فرفض التطبيع العلمي هو جزء من رفض التطبيع عمومًا، ومنافستي مع مَن أصارعه على الوجود في الأصل إثباتٌ لوجوده، وهذا مرفوض".

وترى أن انسحابها يعزز شرعية القضية الفلسطينية في الساحة الدولية ويعطي دافعًا للرأي العام الدولي لمعرفة ما يجري بوصف فلسطين قضية شعب سلبت أرضه، وأنها "كسبت قلوب الملايين من أبناء الشعوب العربية"، وفتحت لها آفاقًا أكثر مما كانت تتمنى بعدما شاهدت حجم الإشادات الكبيرة بموقفها "المشرف".

ورغم أنها لم تزر قريتها التي تحلم بزيارتها، لكنها تشتمَّ رائحتها فوق قمة جبال الضفة الغربية التي تزورها كثيرًا، تقول: "ارتباطي بفلسطين ارتباط عقيدة وأرض ووطن، فدائما أزورها وأتردد إلى الضفة الغربية، وهذا ما ربطني أكثر، وجعلني أرى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وكيف يقوم بعملية التهجير والتضيق اليومي على الفلسطيني".

كل هذه الصور التي رأتها لينا جعلت الموقف يتشكل بداخلها برفض الاحتلال، كما يتشكل بداخل كل شاب عربي وضمير حي في العالم يرفض الاحتلال ويدافع عن حقوق الإنسان ومبادئه العادلة.

ومسابقة "بلومبيرغ" العالمية تنظمها جامعة "جون هوبكنز" الأمريكية. وقدمت لينا وفريقها حلولًا للمدن للتعافي من تداعيات كوفيد-19 على الأصعدة الاقتصادية والبيئية والحضرية.

وتأهلت 631 مدينة تمثل 99 دولة للمسابقة. وترشحت للمرحلة النهائية 50 مدينة، بينها مدينتا عمان و(تل أبيب) في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب شروط المسابقة تأهلت المدينتان للتنافس على المراكز الـ 15 الأولى والفوز بمبلغ مليون دولار.

اخبار ذات صلة