فلسطين أون لاين

تقرير (16) عامًا على الاندحار.. عوامل أدت إلى هزيمة الاحتلال بغزة

...
غزة/ أدهم الشريف:

يوافق 12 أيلول (سبتمبر) الحالي الذكرى الـ16 لاندحار الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه بالكامل من قطاع غزة عام 2005، في تطور يسجل أول مرة داخل فلسطين منذ احتلالها بالكامل إبَّان نكسة 1967.

إذ بدأ رئيس حكومة الاحتلال أريئيل شارون آنذاك في 15 آب (أغسطس) 2005 الاندحار عن 21 مستوطنة في قطاع غزة، كانت تحتل نحو 35% من مساحة القطاع الذي لا تتعدى مساحته 360 كيلومترًا مربعًا، بفعل ضربات المقاومة.

ويومها تدفق عشرات آلاف المواطنين إلى الأراضي المحررة التي مُنعوا سنوات طويلة من دخولها، لاستيلاء الاحتلال عليها لبناء المستوطنات الإسرائيلية، واكتشفوا حينها حجم الأراضي التي كانت محتلة وما تحتويه من موارد اقتصادية.

ومع اندحار الاحتلال انتهت معاناة المواطنين من الحواجز التي كان يضعها جيش الاحتلال، ويقطع بها أوصال قطاع غزة.

وعند اندحار الاحتلال من غزة حاول إيجاد مسوغات تثبت عدم هزيمته، لكن خبيرين عسكريين يؤكدان أن ذلك تحقق تحت ضربات المقاومة، وأن انعكاسات ذلك لا تزال مستمرة، تزامنًا مع التطور الكبير في إمكانات فصائل المقاومة التي قصفت (تل أبيب) في أكثر من معركة اندلعت مع الاحتلال.

اندحار إجباري

وقال المختص في الشؤون العسكرية رفيق أبو هاني: "إن اندحار الاحتلال من غزة لم يكن اختياريًّا بقدر ما كان إجباريًّا، بدليل أن شارون كان يَعُدُّ مستوطنة (نتساريم) كـ(تل أبيب)".

وذكر أبو هاني لصحيفة "فلسطين" أن المستوطنات كانت تمثل وجودًا صهيونيًّا في غزة بهدف السيطرة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن الاحتلال استغل المساحات المستولي عليها لمصلحة المستوطنات، حتى إنه لم يترك الرمال وسرقها وأرسلها إلى الأراضي المحتلة عام 1948.

ولفت إلى أن الاحتلال لم ينسحب من أي منطقة اختياريًّا، مستدلًّا على ذلك بانسحابه من سيناء بعد حرب عام 1973، وكذلك انسحابه من جنوب لبنان عام 2000، واندحاره من غزة، وجميعها كانت إجبارية.

وأكد أبو هاني أن ضغط المقاومة العسكري على جيش الاحتلال ومستوطنيه شكل أهم العوامل التي أجبرته على الاندحار، مضيفًا: "إن المقاومة كانت قادرة على رصده وضربه في كل مكان من تحت الأرض وفوقها، وعملية موقع "محفوظة" شاهدة على ذلك".

وتابع: "إن الاحتلال فقد الأمان في غزة، وجنوده أصبحوا خائفين حتى وهم داخل ثكناتهم العسكرية المحصنة خشية تفجيرها عبر الأنفاق، أو عمليات الاقتحام والقصف بقذائف الهاون، لذلك كان يعيش الاحتلال تحت ضغط رهيب".

وبين أبو هاني أن حالة الوعي الشعبي بضرورة تطهير غزة من الاحتلال باستنزاف موارده الأمنية والعسكرية والاقتصادية أجبرته على الرحيل، ثم لجأ إلى فرض حصار محكم ممتد منذ عام 2006، وشدده في أعقاب أسر المقاومة جندي المدفعية الإسرائيلي جلعاد شاليط.

وأكد أن جميع الانسحابات التي نفذها الاحتلال، من غزة وسيناء وجنوب لبنان، كلها تشكل هزائم مُني بها، أدت إلى تضييق جغرافيا دولته المزعومة في المنطقة، منبهًا إلى أن تجربة غزة إن أُسقطت على الضفة الغربية مع ضمان وقف السلطة تعاونها الأمني مع الاحتلال؛ ستؤدي إلى نتائج إيجابية.

ضراوة عسكرية

من جانبه قال المختص بالشؤون الأمنية والعسكرية رامي أبو زبيدة: "إن اندحار الاحتلال من غزة جاء نتيجة ضراوة العمل العسكري المقاوم"، مشيرًا إلى أن عمليات المقاومة اشتدت، واستطاعت تطوير نفسها، وإلحاق أكبر أذى به عبر الأنفاق، وغيرها من العمليات المميزة التي استطاعت بها اقتحام المستوطنات، وإيقاع قتلى وجرحى في صفوف جنوده ومستوطنيه.

وبين أبو زبيدة لـ"فلسطين" أن اندحار الاحتلال من غزة شكل هزيمة وتراجعًا كبيرًا للمشروع الصهيوني وليس لجيشه فحسب، مشيرًا إلى أنه بفعل اندحاره من غزة أصبح غير قادر على حماية جبهته الداخلية في الداخل المحتل أمام ضربات المقاومة أيضًا، وقد جلب ذلك المزيد من النكسات السياسية له ولرؤساء حكوماته المتعاقبة.

وأكد أن الأوضاع في غزة ما قبل اندحار الاحتلال ليست كما بعده، إذ استطاعت فصائل المقاومة تطوير نفسها وتوسعة مشروعها العسكري، وأصبحت تمثل جيشًا منظمًا خاض معارك ضد الاحتلال ما بين عامي 2008 و2021، وآخرها "سيف القدس"، وجميعها من ثمار الاندحار، وارتكازًا على مقاومة صلبة.

 

المصدر / فلسطين أون لاين