تتسبب قضية تأخر صرف مخصصات التنمية والشؤون الاجتماعية لعشرات آلاف الأسر في قطاع غزة بتعاظم معاناتهم، مع التقاعس والتسويف المستمر من السلطة الفلسطينية في صرفها للفئات الفقيرة والأشد فقرًا.
وتعيش هذه الأسر حالة من فقدان الأمن الغذائي، وعدم القدرة على توفير العلاج، خاصة لفئات الأطفال وكبار السن، إضافة إلى تراكم الديون على هذه الأسر التي أصبحت تعاني تدهورًا على المستويين الاقتصادي والمعيشي.
تأخر صرف الشؤون دفع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى إطلاق حملة تحت عنوان #الشؤون_حقي، للضغط على السلطة الفلسطينية للإسراع في صرفها لمستحقيها بالضفة وغزة.
أم بشار أبو عودة من بيت حانون شمال قطاع غزة أوضحت أن الوضع الاقتصادي الذي تعيش فيه عائلتها صعب جدًّا، وأنه لا يوجد أي طرف يشعر بمعاناة عائلتها من الجهات الحكومية، فلديها 11 فردًا في البيت لا يوجد مصدر دخل لهم غير مخصصات الشؤون الاجتماعية.
وذكرت في حديث لـ"فلسطين" أن زوجها يعمل سائقًا على سيارة ليست ملكه، ولا يتعدى دخل أسرتها اليومي 20-30 شيقلًا، وهذا المبلغ لا يكفيهم، خاصة أن لديها ابنة 21 سنة تعيش بكلية واحدة، وابنًا يعاني انكسارًا في قرنية العين.
وأضافت أبو عودة: "لدي ابنة تبلغ 6 سنوات من ذوي الاحتياجات الخاصة تحتاج إلى حفاظات باستمرار، وابن مريض قلب، فضلًا عن زوجي الذي يعاني انزلاقًا غضروفيًّا"، لافتة إلى أنها من مدة قريبة اكتشفت أن ابنتها لديها رفة في القلب.
وبينت أن مخصصات الشؤون التي كانت تصرف كل 3-4 أشهر تساعد في توفير الدواء وبعض المصاريف الخاصة بمستلزمات البيت، ولكن تأخرها أكثر من ستة أشهر تسبب بمعاناة كبيرة "لا يعلم بها إلا الله".
من جهتها أوضحت المواطنة حنين علي من مدينة غزة أنها محرومة التسجيل في الشؤون الاجتماعية والحصول على مخصصات، مع أن ظروفها التي تمر بها تجعلها من المستحقين لها، فزوجها يعاني أمراضًا عديدة.
وذكرت في حديث لـ"فلسطين" أنها قدمت أربع مرات للحصول على مخصصات الشؤون الاجتماعية، لكن طلبها يرفض، بحجة وجود ملف تجاري سابق لزوجها، مشيرة إلى أن زوجها أصيب أكثر من مرة بجلطة أثرت على حركته.
وقالت علي: "إن الإعاقة في قدم زوجي جعلته مقعدًا ولا يستطيع الحركة أو العمل في أي شيء، وأصبح حمل العائلة وابنتي الصغيرة ملقى عليّ وحدي، دون أن أحصل على مساعدة من أي جهة حكومية أو خاصة".
انتهاك الحقوق
في السياق ذاته أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني د. صلاح عبد العاطي أن تأخير صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية هو انتهاك لحقوق الفئات الهشة في المجتمع الفلسطيني، التي تنتظر هذه الشيكات بصبر نافد لتأمين احتياجاتها.
وقال في حديث لـ"فلسطين": "هناك فساد إداري وغياب للمساءلة والمحاسبة عند السلطة الفلسطينية، وهذا يجعل الفئات القيادية فيها تستأثر بالمال العام، وبأي حسابات من الأولويات التي من ضمنها شيكات الشؤون الاجتماعية".
وأضاف عبد العاطي: "إن نظام السلطة الفلسطينية لا يراعي النهج الحقوقي في قيام أصحاب الواجبات بمسؤولياتهم تجاه أصحاب الحاجات، لهذا الأمر انعكاس خطر، فإن تأخير صرف شيكات الشؤون أثر على حياة وحقوق هذه الفئات".
وطالب السلطة الفلسطينية بالإسراع في صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية للمستفيدين منها، لكونهم من الفئات الأكثر حاجة وهشاشة، التي تحتاج إلى انتظام في صرف مستحقاتها لا تعطيل صرفها.
ودعا عبد العاطي إلى أن تكون هناك سهولة في الحصول على المعلومات، خاصة موعد صرف المساعدات، فهذا حق للفئات المتلقية، إضافة إلى حسن التعامل بما يضمن كرامة الناس، وليس تركهم أمام البنوك يعانون الازدحام والانتظار ساعات طويلة.
جدير بالذكر أن وزارة التنمية الاجتماعية كانت تصرف مخصصات الشؤون أربع مرات في السنة بمعدل مرة كل 3 أشهر لـ111 ألف أسرة منتفعة في الضفة وغزة، لكن مع بداية العام (2021) لم تصرف الوزارة المخصصات إلا مرة واحدة بقيمة 750 شيقلًا فقط لجميع العائلات المنتفعة في الضفة الغربية وقطاع غزة.