قائمة الموقع

​كيف لأسرة أن تحيا بلا مأوى؟!

2017-06-10T08:03:52+03:00
تصوير - رمضان الأغا

عبست في وجوههم فجأة دون سابق إندار، وخاصة بعد مرض معيل الأسرة الذي أفقدهم طعم الحياة بل جعله علقمًا في أفواههم، لعبت بهم الظروف كالرياح كيفما شاءت، ليعيشوا حياتهم مكفكفين أنفسهم بما تملكه أيديهم، ولكن دون أمن أو استقرار بسبب عدم امتلاكهم لبيت يأويهم..

(ر. ح) (42 عامًا) وهو معيل أسرة تتكون من خمسة أفراد، كان عاملًا في بيع الأدوات الكهربائية بالأراضي المحتلة حتى بداية الانتفاضة الثانية، وبعدها أغلقت المعابر في وجوه جميع العاملين الفلسطينيين وقطعت سبل رزقهم، وحرم أطفالهم من العيشة الهنية.

كان ذلك بداية لتقلب حياتهم وتأرجحها يمنة ويسرة، فالعمل غير دائم ولا يستقر على حال، وبالكاد يوفر لأبنائه قوت يومهم، وفي ذات يوم أصيب فلذة كبده بالتهاب في الكلى أدى إلى وفاته، فأقعد رب الأسرة طريح الفراش بعد إصابته بصدمة نفسية حادة.

بسبب حالة معيل الأسرة دخلت العائلة بأكملها في دوامة المتاعب الصحية للأب وما يعانيه من اضطرابات نفسية اضطرته إلى الجلوس في البيت دون عمل، ومتاعب مادية بالنسبة للعائلة بأكملها كونهم يعيشون في بيت بالإيجار، وليس هناك معيل آخر يلبي ما يحتاجه الأبناء من متطلبات ومستلزمات دائمة.

وفي بداية مرض والدهم الذي كان على إثره ينسى نفسه، ويمشي في الشوارع دون وعي منه، وقد يسبب الأذية للآخرين لعدم تمكن عائلته من احتوائه، فقد أثقله المرض النفسي وهرم جسده، إلى أن استطاعوا السيطرة عليه من خلال الإبر المهدئة إلى جانب علاج دائم للتخفيف من حدة الاضطرابات، فيحتاج إلى ما يقارب 150 شيكلا شهريًا لشراء الأدوية الخاصة به، إلى جانب معاناته من مشاكل لا تنتهي في اللثة والأسنان.

حلم البيت

فقد كان بيتهم فيما سبق كما وصفته زوجته أشبه بـ "الخرابة"، وبالرغم من ذلك تراكم عليهم دين الإيجار، ولكن صاحبه قد غض النظر لسوء أوضاعهم المادية، وفي المقابل طلب منهم ترك البيت، وبعد بحث طويل عن آخر وجدت بيت "يشرح القلب" ولكن أجاره شهريًا 600 شيكل وهو ما لم يقدروا عليه.

قالت: "فرح أطفالي به كثيرًا، وأخيرًا أصبح لنا بيت جميل كباقي الناس"، ولكن فرحتهم لم تكتمل بسبب مطالبة صاحب البيت للآجار الذي لم تدخر لدفع آجاره سوى 50 شيكلًا، وعندما علم مالك البيت أن زوجها مريض وليس في يده صنعة أو عمل طلب منهم ترك البيت بحجة أنه يريد تزويج ابنه.

ونظرًا للأوضاع المادية حالكة السواد التي مروا فيها، اضطرت زوجته أن تخرج للعمل لتجد قوت يوم صغارها على الأقل، فمند ما يقارب 5 أعوام من بعد مرض زوجها وهي تبيع المحارم الورقية في الشوارع هي وابنها الذي أصبح اليوم يبلغ من العمر 16 عامًا، وغدا يتحرج من الذهاب معها للبيع، فتصطحب طفلتها التي تبلغ من العمر 11 عامًا.

في النهار تلبي احتياجات أبنائها وزوجها ومتطلبات البيت، وبعد صلاة المغرب تخرج مع أحد أبنائها لبيع المناديل الورقية على مفترقات الطرق، ولدى المحلات التجارية، لتعود حامدة ربها وشاكرة فضله على ما رزقها، وتضيف: "20 شيكلا في اليوم تسد احتياجاتنا اليومية الأساسية، ولكن لا أستطيع أن أدفع أجرة مواصلات لأبنائي لذهابهم للمدرسة، مما يضطرهم للخروج مبكرًا مشيًا على الأقدام قبل موعد دق الجرس".

كانت تأمل هي وأطفالها أن يأتي عليهم شهر رمضان المبارك شهر الخير وهم مستقرون في بيت، بدلًا من حالة الترحال من بيت لآخر لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، فهي تتكفل بمتطلبات أسرتها وسداد احتياجاتهم بأقل القليل من الطعام والشراب، ولكن البيت وإيجاره هما ما يقضان مضجعها.

اخبار ذات صلة