قائمة الموقع

بالرسم والعروض المسرحية كسرت "سكافي" روتين التعلم

2021-09-04T10:22:00+03:00

بدت طالبات الصف الثاني في حالة اندماج وانسجام تام مع معلمة صفهم رنا، مستمتعات بأسلوب شرحها غير التقليدي، إذ استطاعت أن تحوز حواسهم جمعيها وهي تشرح درس "الحرية أجمل"، فرسمت بطباشير ملونة أشجارًا وعصافير وبلبلًا محجوزًا في قفص ذهبي بعد أن أشغلت طالباتها بقراءة صامتة للدرس.

المعلمة رنا أكرم السكافي (41 عامًا) من سكان حي الشجاعية الواقع شرق مدينة غزة، تعمل مُدرِّسةً في مدرسة بدر الأساسية للبنات.

في بداية حياتها الجامعية التحقت بتخصص الصحافة والإعلام، إذ تمتلك موهبة في كتابة الشعر والقصص، ولكن عدم تقبل محيطها اختيارها وطبيعة البيئة المحافظة التي نشأت بها، دفعاها إلى التحول نحو دراسة اللغة الإنجليزية، وبعد عام وجدت نفسها على مقاعد التعليم الأساسي في جامعة القدس المفتوحة.

تقول السكافي لصحيفة "فلسطين": "تدربت في المدرسة عام 2005، وفي العام الذي يليه كنت موظفة فيها، وجدت نفسي أمام الطالبات تائهة دون شغف، لا أعرف كيف وصلت إلى هذا المكان، ولكن مع مرور الأيام استطعت أن أخلق علاقة ودية مع طالباتي اللواتي أصبحن بمنزلة بناتي".

وتوضح أن العمل في مهنة معلم صف يعني أن تبقى طيلة ساعات الدوام وأنت في صف واحد، فيفرض الملل نفسه عليك؛ ما دفعها إلى ابتكار واختراع أساليب جديدة في التعلم لكسر الروتين وجذب انتباه الطالبات وإشغالهم.

كانت البداية الحقيقية لخروجها عن المألوف بعد فقدها تسعةً من أفراد عائلتها في حرب 2014، فعادت إلى قواعد عملها دون شعور بالراحة النفسية والسلام بل متعبة داخليًّا، وفي منهاج الصف الثاني درس "نبني ونبني في القدس" يصف الجرافة الإسرائيلية التي تهدم البيت حجرًا حجرًا بلا مبالاة.

حاولت "سكافي" تأجيل الدرس مرارًا حتى لا تنكأ جرحها مجددًا إلى أن جاء موعد شرحه، لتذرف دموعها وهي تشرح دون إرادة منها على جرح الفلسطينيين النازف.

وبينما كانت الطالبات يحاولن فهم سر بكائها، عكفت سكافي على السبورة ترسم لإشغالهن عنها ولإيصال رسالة الدرس، وهنا كانت البداية، فمع انتهاء الدرس بكت بعض الطالبات لرفضهن مسح السبورة، لتكتشف أن السبورة هي عالم الطفل في الفصل الدراسي.

تتابع حديثها: "لا أجد أجمل من حفظ الطالبات للدرس بعد الانتهاء من شرح الدرس بأسلوب جديد، ومرات أخرى أبتكر سيناريو مسرحيًّا بسيطًا للدرس كما في حكاية الطفلة الحائرة والحقوق الضائعة، وغيرها من الاستراتيجيات كالكرسي الساخن، وإدخال الموسيقى والغناء، أو لوحة محادثة".

وتلفت إلى أن الجميل في الأمر هو اعتياد طالباتها الحديثَ بالعربية الفصحى بعد مدة من بدء العام الدراسي، واعتيادهن أسلوبها.

ورغم الوقت والجهد الذي تحتاج إليهما المُدرِّسة "سكافي" لإنجاز الحصة الدراسية الواحدة فإن المُخرَج التعليمي مختلف ومميز، وكونها معلمة الصف والمسؤولة عن جميع مواد المنهاج فتستطيع التحكم بالصف وتقدير الوقت بما يلائم حاجة الدروس المقررة يوميًا.

ولا تألو سكافي جهدًا للعمل على تطوير ذاتها من خلال الالتحاق بدورات تؤهلها لتنفيذ استراتيجيات صفية جديدة كدورة التعليق الصوتي التي تتلقاها هذه الأيام.

وبعد أن كانت المدرسة في نظر المعلمة السكافي سجنًا، باتت اليوم بيتها الآمن الذي افتقدته خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، التي أشعرتها بحالة من اليأس والإحباط رغم انتهاجها أسلوب تصوير الفيديوهات، مشيرة إلى كوارث التعليم الإلكتروني التي ظهرت مع بداية العام الدراسي الجديد.

وتبين سكافي أن استراتيجيات التعلم النشط تنمي قدرات المعلمين على إيصال الرسالة التعليمية وتعزز عملية التعلم مع طلابهم، وتعين في تصميم بيئات تعليمية مناسبة تساعد على إتمام دورهم التعليمي والتربوي في بناء مستقبل أفضل للطلبة، ويجعل التعلم ممتعًا، ويزيد من فرص اندماج الطلبة في أثناء التعلم، ويعودهم على تحمل المسؤولية، ويكسبهم قدرة في التعبير عن الرأي وينمي الثقة بالنفس والبحث والتفكير.

تتمنى سكافي العمل على تغيير القوالب الروتينية في العملية التعليمية لجذب الطلبة رغم سوء الوضع الاقتصادي وتأثيره في مختلف نواحي الحياة، وتوجه شكرها لمن كان داعمًا ومشجعًا لها؛ مديرة المدرسة ومشرفها.

اخبار ذات صلة