شكَّل لقاء رئيس السلطة محمود عباس مع وزير جيش الاحتلال بيني غانتس، تطورًا جديدًا يسلط الضوء على استمرار لقاءات مسؤولين بارزين في السلطة ومنظمة التحرير، مع مسؤولين وشخصيات إسرائيلية.
وأول من أمس، جمع لقاء بين عباس وغانتس في مدينة رام الله، كما أعلن رئيس هيئة الشؤون المدنية التابعة للسلطة حسين الشيخ.
وكتب الشيخ على صفحته في موقع "فيسبوك": إن عباس "التقى في رام الله مع بيني غانتس، إذ بحثا في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية من كل جوانبها".
في غضون ذلك أوردت القناة العبرية الـ13، أن غانتس أبلغ عباس، استعداد حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت، تقديم سلسلة إجراءات من شأنها تعزيز اقتصاد السلطة، كما ناقشا الواقع الأمني والمدني والاقتصادي في الضفة وغزة، واتفقا على الاستمرار في التواصل بشأن مختلف القضايا.
لغم سياسي
ويقول المختص بالشأن الإسرائيلي إبراهيم أبو جابر، إن لقاء غانتس مع عباس "ملغوم جدًّا"، يهدف إلى "تقوية طرف على آخر والدفع باتجاه استمرار الانقسام الممتد منذ 2007"، وفق تعبيره.
ويرى أبو جابر، في حديث مع صحيفة "فلسطين"، أن اللقاء يهدف إلى تحسين العلاقات بين السلطة و(إسرائيل)، وهو أيضًا نتيجة لزيارة بينيت للولايات المتحدة الأمريكية خاصة أن إدارة الرئيس جو بايدن، معنية بتقوية السلطة وبقائها، وتليين المواقف والعلاقات بينها وبين حكومة الاحتلال الجديدة وتعزيزها في الوقت نفسه.
وينبه إلى أن لقاء عباس وغانتس، في كل الأحوال لن يأتي بخير للشعب الفلسطيني، وسيزيد من حالة الحصار المفروض على غزة منذ 2006، مؤكدًا أن حكومة الاحتلال معنية باستمرار الحصار.
ويضيف أبو جابر أن اللقاء عبارة عن محاولة لـ"منح أكسجين الحياة" لشيء سمي في يومٍ من الأيام تسوية سياسية بين السلطة و(إسرائيل) مردفًا: "في الحقيقة هذا اللقاء وغيره من اللقاءات التي عقدت لن تساعد في حلحلة القضية الوطنية، أو عقد تسوية حقيقية وإقامة دولة فلسطينية".
ويوضح أن هدف الزيارة "بقاء (إسرائيل) في الضفة الغربية وتقوية وجودها مقابل تحسين وضع السلطة والعلاقات الاقتصادية".
وحول السبب الذي يدفع السلطة للقبول بمثل هذه اللقاءات مع علمها أنها لن تأتي بخير للمواطنين، يقول أبو جابر: "إن الأمر أكبر من السلطة، التي تتعرض لضغوطات أمريكية خاصة أن إدارة بايدن ألمحت إلى إمكانية إعادة فتح القنصلية الأمريكية شرقي مدينة القدس، مع احتمال تراجعها عن المعونات المالية المقدمة للسلطة والتي تقدر بـ800 مليون دولار، إضافة إلى ضغوطات تمارسها دول عربية خاصة الخليجية منها".
ويخلص إلى أنه "من الواضح أن السلطة ضعيفة أمام كل هذه الضغوطات، وهي لا تملك القوة، وذلك يجعلها تقبل بالجلوس مع مسؤولين إسرائيليين وعقد لقاءات معهم".
ومطلع آب/ أغسطس، عقد مسؤولون في منظمة التحرير لقاء مع شخصيات وصحفيين إسرائيليين في مدينة رام الله، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل غاضبة ومنددة في الوقت الذي يفرض فيه رئيس السلطة شروطًا للقاء حركة المقاومة الإسلامية حماس واستئناف حوارات المصالحة الوطنية.
إدارة العلاقات
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إن لقاء غانتس مع عباس، يأتي نتيجة للزيارة التي قام بها بينيت لواشنطن والتقى خلالها الرئيس الأمريكي، وعاد منها رئيس حكومة الاحتلال "خالي الوفاض".
ويقول عوكل لصحيفة "فلسطين"، إن الإدارة الأمريكية التي تدير ملف العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، ولديها رؤية تنسجم مع مبدأ ما يسمى "حل الدولتين"، واستئناف المفاوضات في مرحلة قريبة، تريد أن تهيئ الميدان لذلك من خلال "إعادة بناء الثقة بين سلطة رام الله وحكومة بينيت".
ويرى أن المساعي الأمريكية تتزامن مع "دمار يصيب علاقات السلطة بالاحتلال"، والهدف منها إعادة تقوية السلطة وفرض سيطرتها في الضفة وتحسين الأوضاع الاقتصادية بما يخدم السلطة.
ويرجح أن الاحتلال قد يكون ملزمًا بعد هذا اللقاء بعدم القيام بأي استفزازات ممكن أن تفجر الأوضاع خاصة بالضفة.
ويوضح أن السلطة وحكومة الاحتلال، معنيتان باستقرار الأوضاع في الضفة الغربية، لما في ذلك مصلحة للسلطة والاحتلال أيضًا بناءً على توجيهات إدارة بايدن.