حينما تتعرض النساء للعنف تغرق في التفكير ما بين الإبلاغ عن مُعنِّفها والتوجه للمؤسسات المعنية طلبًا للمساعدة، أو الصمت وتحمل الأذى خوفا من الفضيحة، وغالبا ما تختار هذا الحل مع بقائها في دائرة عنف مغلقة.
من هذا المنطلق بدأ مركز الإعلام المجتمعي بالتفكير نحو طريقة لضمان السرية وتشجيع المعنفات على طلب المساعدة، حيث أطلق "هاكثون رقمي"، وهو تطبيق يُسهِّل ويدعم وصول النساء والفتيات ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي والناجيات منه، لمقدمي الخدمات متعددة القطاعات، لأول مرة في قطاع غزة.
وتتحدث مديرة المتابعة والتقييم في المركز هيا أبو نصر عن دوافع تنفيذ التطبيق، من بينها صعوبة الوصول إلى المعنفات في المناطق المهمشة، وانعدام الوعي لديهن، وزيادة نسبة العنف بواقع 34% حسب آخر إحصائية أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وتلفت أبو نصر لـ"فلسطين" إلى أن جائحة كورونا وما رافقها من إجراءات كالحجر المنزلي زاد العنف المبني على النوع الاجتماعي داخل المنازل.
والتطبيق يعمل بآلية التواصل السري وضمان الخصوصية وسهولة التواصل من خلال الكتابة والصوت، ومن ثم ربط الضحية بمدير المؤسسة حسب نوع العنف (اجتماعي، نفسي، قانوني، خدمات متعددة).
وتشير أبو نصر إلى أن التطبيق يتيح حذف الرسائل مباشرة مجرد الانتهاء من التواصل مع الحالة، وحتى إخفاء الرسائل وعدم فتحها إلا ببصمة، وسيتضمن أيضا أيقونة خاصة تتيح إبلاغ الشرطة بأسرع وقت ممكن في حال تعرض مستخدمة التطبيق للخطر الشديد.
وتذكر أن المركز يعمل على تحقيق هدف المشروع من خلال تنفيذ ومراكمة سلسلة من الأنشطة التي بدأت بإعداد دراسة ميدانية لخط الأساس حول الفجوات المتعلقة بالمجتمع وبالإعلام، التي تعوق مكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
كما أشارت إلى اتجاه المركز لتطوير تطبيق "رقمي" الذي يدعم ويسهل وصول النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للعنف المبني على النوع الاجتماعي والناجيات منه، إلى المؤسسات التي تقدم الخدمات النفسية والصحية والقانونية والاقتصادية والإيواء وغيرها من الخدمات المتخصصة، من خلال الاتصال المباشر بمقدمي الخدمات وفقاً لنوع الخدمة المطلوبة والمنطقة الجغرافية.
وتنبه أبو نصر، أن مركز الإعلام المجتمعي أطلق فكرة التطبيق ضمن مشروع "مساحات آمنة" الممول من مؤسسة أرض الإنسان السويسرية، وبمشاركة ثلاث فرق تضم (18) مبرمجة شابة استوفين شروط المشاركة المُعلن عنها للترشح للمشاركة في مسابقة "الهاكثون".
وفور انتهاء مرحلة الإعداد قدمت فرق المبرمجات عروضًا توضيحية حول نماذج تطبيقاتهن، وبعد الانتهاء من العروض الثلاث، جرى نقاش داخلي بين أعضاء لجنة التحكيم المكونة من أربع خبراء ومختصين في حقوق المرأة والنوع الاجتماعي، إضافة إلى المستشار التقني لـ"الهاكثون"، الذين عملوا على تقييم هذه النماذج وتحديد الفريق الفائز بكل قسم من المسابقة.
وتلفت أبو نصر إلى أن التطبيق في مرحلة التنفيذ، حيث تقوم المبرمجات بوضع اللمسات البرمجية الأخيرة لمرحلة تجريبية لمدة 40 يوما قبل أن يتم إطلاقه.
وتقول: "فكرة التطبيق تشبه فكرة الخط الساخن ولكن تقديم الشكاوى سيكون إلكترونيا بضمان سرية تامة وسرعة في الوصول إلى الضحايا، ونأمل في الوصول إلى أرقام أكثر دقة في المستقبل".
وتتوقع أبو نصر أن التطبيق سيحقق سهولة في الإبلاغ عن العنف الذي تتعرض له النساء وزيادة نسبته، التي تشهد ضعفًا حادًّا بسبب وجود عوائق مجتمعية وعائلية.