تعيش مدينة كفر قاسم حالةً من الغليان والتوتر عقب استشهاد الشاب محمد طه (26عامًا) بعد إصابته برصاص شرطة الاحتلال الاسرائيلي مساء الإثنين الماضي.
وكانت قد اندلعت مواجهاتٍ عنيفة بين المئات من أهالي كفر قاسم والشرطة التي تمادت بقمعهم وتفريقهم بالرصاص الحي والغاز المدمع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، ما أدى إلى استشهاد طه برصاص الشرطة الإسرائيلية، التي ما لبثت أن حولت المدينة إلى ثكنة عسكرية، وأغلقت جميع المداخل والمخارج المؤدية إليها، كما فرضت حظر التجوّل واعتقلت العشرات.
وفي إطار الإرهاب المنظم الذي يُمارس في الداخل المحتل؛ تتقاعس شرطة الاحتلال عن القيام بمهامها في وضع حد للجرائم التي أودت بحياة 6 من أهالي المدينة منذ مطلع العام الجاري.
واجتمع أهالي كفر قاسم ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني؛ أمس؛ لمناقشة تداعيات الحادث الذي وصفوه بــالوحشي؛ فيما يرقب السكان نتائج تشريح جثمان الشهيد، للإعلان عن مراسم الجنازة.
وأصدرت لجنة المتابعة العليا بياناً حملت فيه المسؤولية الكاملة لحكومة الاحتلال ولا سيما وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد إردان؛ مطالبة بالكشف عن الجهة التي تقف وراء الاعتداء على أهالي كفر قاسم.
وطالبت "المتابعة" إقالة ضابط مركز شرطة كفر قاسم من منصبه، وكذلك المفتش العام للشرطة روني الشيخ؛ داعية إلى إضراب شامل اليوم، كما أقرت سلسلة من الخطوات الاحتجاجية والتصعيدية، على صعيد تنظيم مظاهرات في الشوارع الرئيسة في كل مناطق الداخل، وتناول خطب الجمعة هذا الحدث.
من جانبه قال مجد صرصور مدير مدرسة كفر قاسم الإبتدائية ورئيس تحرير مجلة الشروق التي تصدر في بلدة كفر قاسم لـــ "فلسطين": "تدعي الشرطة الاسرائيلية أنها أطلقت الرصاص في الهواء وبمحض صدفة أصابت رصاصتان صدر ورأس الشهيد محمد طه".
وأضاف: "قتل خلال ستة أشهر 11 شابا في عمليات إطلاق نار، ولم تلقِ الشرطة الاسرائيلية القبض على المجرمين، فيما يبدو أنه تشجيع منها للقتل الداخلي، فيما تقوم بتصفية الشباب الفلسطيني على أدنى شبهة تدعيها، ما تفعله شرطتهم في حقيقة الأمر هو بلطجة".
وبعد مقتل الشاب طه أقدم السكان على حرق مقر الشرطة الإسرائيلية وسط كفر قاسم، ما دفع شرطة الاحتلال إلى تنفيذ عمليات اعتقال للعديد من شبان البلدة.
من جانبه قال النائب أيمن عودة: "تمعن الشرطة الاسرائيلية بجرائمها بحق المواطنين العرب، ويتم التعامل معهم كأعداء يجب محاربتهم وليسوا مواطنين يجب حمايتهم، فالعقلية الأمنية الاسرائيلية تنظر لأهل الداخل على أنهم أقلية يجب ترحيلها".
من جهته اعتبر النائب مسعود غنايم أن الشرطة الاسرائيلية تتآمر على المواطنين العرب في الداخل المحتل، لقتل الشباب وإظهار أن هناك قضايا اجتماعية مستعصية في الوسط العربي، ويقف في مقدمة هذا المخطط قادة المؤسسة الأمنية"، حسب قوله.
وتحدث البروفيسور ابراهيم أبو جابر عما تقوم به الشرطة الاسرائيلية في الآونة الأخيرة من إنشاء مقار لها في مراكز المدن والبلدات العربية بزعم تحقيق الأمن، والتي تهدف إلى قتلٍ منظم وإسقاط أمني للشباب للتعاون معهم، وباستشهاد الشهيد محمد طه يُفتح الباب على مصراعيه بشأن إرهاب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذي يتوجب ردعه.
وعلل أبو جابر استهتار الشرطة بأرواح المواطنين العرب، بسبب التحريض المستمر ضدهم من قبل المستوى السياسي أيضاً.
بدوره قال الشيخ كامل ريان رئيس مؤسسة أمان: "قُتل أكثر من 1600 مواطن عربي منذ عام 2000م ولم تحرك الشرطة ساكنًا تجاه هذه الجرائم ولم تقم بملاحقتها".
وأضاف: "لو كان الأمر يتعلق بعملية فدائية لما استغرق الكشف عن المنفذين وقتاً طويلًا، فشرطة الاحتلال تتعامل بعقلية عنصرية، أي أن الضحية إذا ما كان فلسطينيًا فلا بواكي عليه؛ وإذا تعلق الأمر بحياة يهودي تشار أصابع الاتهام نحو العرب".