لا تنفك كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عن تقديم قادتها وجندها فداءاً لتراب فلسطين كل فلسطين من بحرها لنهرها، ليكونوا قنديلاً ينير للثائرين السائرين على ذات الدرب يهديهم السبيل، ومنهم القائد القسامي نصر خالد جرار الذي يصادف اليوم الذكري الـ(19) لاستشهاده.
ارتقى أسطورة عمليات المقاومة وتصنيع العبوات الناسفة في الضفة المحتلة، بعد أن نجا من عدة محاولات اغتيال، عندما طوقت قوات كبيرة من جيش الاحتلال بالدبابات والمدرعات المنزل الذي تحصن فيه الشهيد نصر مع مجوعة من كتائب القسام يوم الأربعاء (14-8-2002)، حينما باغت الشهيد أعداءه بإطلاق النار لتغطية انسحاب من كان معه من المقاومين.
سيرة ومسيرة
ولد الشيخ نصر جرار في الأول من يناير عام 1958، في منطقة وادي برقين إحدى ضواحي جنين بالضفة الغربية، تربى في عائلة مثقفة متعلمة ملتزمة، كان قلبه متّقدا بحب وطنه، حيث قام في عام 1977 بإلقاء قنبلة مولوتوف على محطة باصات "إيجد" الصهيونية في منطقة جنين.
بدأت رحلته مع سجون الاحتلال مبكرا منذ عام 1978، حيث جرى اعتقاله بتهمة إلقاء قنبلة مولوتوف على شركة الباصات الاسرائيلية ومحاولة تنظيم خلية إسلامية مسلحة ومظاهرات ضد الاحتلال وقد حكمت عليه المحكمة العسكرية للاحتلال بالسجن لمدة عشر سنوات.
ورغم صغر سنه إلا أنه صاحب فضل على الكثير من السجناء فقد أسس وثلاثة آخرين من السجناء الجماعة الإسلامية داخل السجن رغم أنه لاقى في سبيل ذلك الأذى والتهديد من أصحاب الأفكار الأخرى.
وفي عام 1988 خرج الشيخ نصر جرار من سجنه يبلغ من العمر ثلاثين عاما ممتلئا حماسا متقدا للعمل الدعوي، لينضم للجنة أموال الزكاة ويكون من المشرفين على الأيتام والفقراء.
وفي عام 1994 كانت رحلته الطويلة الثانية مع السجن حيث اعتقل وأودع في معتقل مجدّو لمدة أربع سنوات ونصف في الاعتقال الإداري بعد اتهامه بالوقوف خلف عملية الخضيرة التي نفّذها الاستشهادي رائد زكارنة، إلا أن صلابته في أقبية التحقيق لم تثبت عليه شيء.
محاولات لاغتياله
حاولت قوات الاحتلال في 1/1/2000 اغتياله بعد أن قامت بتطويق منطقة سكناه في وادي برقين حيث قامت أعداد كبيرة من القوات الخاصة للاحتلال بتطويق منزله إلا أنه استطاع الانسحاب من بين براثنهم بعد أن شعر بتحركاتهم.
وفي 21/2 من عام 2000 انفجرت به عبوة ناسفة في منطقة قريبة من بلدة قباطية على الشارع الالتفافي أثناء مهمة جهادية، مما أدى إلى بتر يده اليمنى وساقه اليسرى من الفخذ وبقي ملقى على الأرض تحت الشجر لمدة ساعتين قبل أن يحضر المواطنون ليقلّوه إلى المستشفى.
واستطاعت قوات الاحتلال بمساعدة عملائها اغتياله يوم الأربعاء الموافق 14/8/2002 في بلدة طوباس بعد أن طوّقت منزل المواطن محمد عبد الله أبو محسن.
وأطلقت أربع قذائف باتجاه المنزل الذي جرت اشتباكات عنيفة في محيطه بين أفراد من كتائب الشهيد عز الدين القسام وجنود الاحتلال، إلا أنه ونتيجة الإلحاح الكبير ومطالبة الشيخ نصر أفراد الكتائب مغادرة المكان لعدم قدرته على الانسحاب معهم وحمله لكونه مقعدا، استطاع أفراد الكتائب الانسحاب من الموقع الذي تعرّض لقصف من الطائرات الإسرائيلية مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه قبل أن يتعرض للهدم عن طريق الجرافات، ليرتقي الشيخ نصر شهيدا تحت الأنقاض.
لم يُقدر للشهيد نصر أن يرى ابنه الرابع محمد (2002) فقد أبصر الحياة بعد 37 يومًا من استشهاد والده، ولكنه سيرى نجله الشهيد أحمد (1991) مبكرا جدا بعد بعد أن نفذ عملية جهادية قتل فيها مستوطن اسرائيلي، حيث ارتقى في مواجهة دامية مع قوات الاحتلال في بلدة اليامون بعد مطاردة دامت أكثر من شهر، بعد (15) عاماً من استشهار والده.