فلسطين أون لاين

​انخفاض الدولار يترك تأثيرات متباينة على الأفراد والقطاعات الاقتصادية

...
غزة - رامي رمانة

ترك الانخفاض المطرد في أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الشيكل الإسرائيلي تأثيراته السلبية قبل الإيجابية على الأفراد والشركات والقطاعات الإنتاجية في قطاع غزة، ففي الوقت الذي حقق البعض مكاسب مالية طال انتظارها، تكبد آخرون خسائر فادحة أمام هذا الانخفاض الحاد لا سيما المرتبطين بمشاريع دولية وسط مطالب بالتعويض عن حجم الفروقات في الأسعار.

وتواصل "العُملة الخضراء" التراجع أمام سلة من العملات الأجنبية، في ظل سياسية الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" التي يحيطها الغموض والتخبط، وكذلك خيبة الأمل المُصاحبة لنتائج تقارير تتحدث عن تراجع في معدلات التوظيف الأمريكية.

شركات مقاولات في قطاع غزة عبرت عن استيائها الشديد من تأثير انخفاض سعر الدولار على الأعمال والمشاريع التى تنفذها في غزة خاصة التابعة لمؤسسات دولية.

وطالبت رئيس السلطة محمود عباس وحكومته بالتدخل لدى المؤسسات الرسمية والدولية والأهلية لإلزامها بتعويض المقاولين عن فروق أسعار الصرف بعدالة تحجب عنهم الخسارة المحققة.

كما طالبت بالعمل الفوري لتفعيل قرار مجلس الوزراء بخصوص تطبيق العقد الفلسطيني الموحد وتعديلاته والتي أقرت اعتماد متغير الأسعار على المواد والعملات (الاندكس) والتعويض المتبادل بموجبه وذلك لحفظ حقوق الطرفين على قدر المساواة.

المسؤول السابق لاتحاد المقاولين ورئيس شركة مقاولات أسامة كحيل، يوضح لصحيفة "فلسطين" كيف تأثرت شركات المقاولات بالانخفاض قائلًا: "إن 90% من العقود التى توقعها شركات المقاولات بغزة هي بعملة الدولار الأمريكي، في حين أن مشتريات مستلزمات تنفيذ المشاريع تتم بعملة الشيكل وهنا يكون فرق السعر كبيرًا جدًا عند المشاريع ذات التمويل الضخم".

وأوضح أن المشروع الذي تبلغ قيمته 100 ألف دولار على سبيل المثال لا الحصر، أضحى يخسر فيه المقاول 35 ألف شيكل وفق أسعار اليوم، مقارنة بسعر الصرف عند نقطة 3.85 شيكل، للدولار.

ولفت كحيل إلى أن حكومة الحمد الله تعوض المقاولين عن ارتفاع أسعار مواد البناء شهريًا، كما أنه يتم تثبيت سعر الدولار عند فتح العطاءات وهي إجراءات غير معمول بها في القطاع بسبب الانقسام.

وأشار إلى أن بقاء الانخفاض الحاد دون تعويض الشركات يهدد عملها وقد يدفع بها إلى التوقف قسرًا عن العمل.

وعبر عن خشيته من اتخاذ المؤسسات المشغلة خطوات عقابية ضد المقاولين في حال عدم قدرتهم على استكمال الأعمال بفعل حجم الخسارة التي تفوق إمكانياتهم وتوضيح حجم الضرر وخطورة الموقف لهم.

الموظف في القطاع الخاص أحمد أبو قمر يتقاضى راتبه الشهري بعملة الدولار، تحدث لصحيفة "فلسطين" عن انعكاس الانخفاض على التزاماته تجاه متطلبات الأسرة ودراسته الماجستير، وإن كانت بشكل بسيط.

ويُشير إلى أن الأسر المتعففة التى تتلقى مساعدات نقدية من جمعيات خيرية وإغاثية بعملة الدولار تشعر بفارق سعر الصرف كونها أحوج إلى الشيكل الواحد في ظل الظروف العصيبة التى يمر بها قطاع غزة.

المستشار المالي الحسن علي بكر يبين أن انخفاض أسعار صرف الدولار أمام عملة الشيكل ترك آثارًا ايجابية وسلبية على الأفراد والشركات والقطاعات الإنتاجية.

وقال بكر لصحيفة "فلسطين": إن أي جهة تتعامل مع المنح الخارجية ذات عملة "الدولار واليورو" فهي أكثر تأثرًا بالانخفاض، لأن القيمة الفعلية للمنحة انخفضت، وهو ما يحدث الآن مع شركات المقاولات.

وأشار إلى أن المشروع الذي قيمته مليون دولار، يُخسر شركة المقاولات التي رسا عليها العقد من 60-70 ألف شيكل خلال أيام.

وأضاف لصحيفة "فلسطين"، أن الموظفين الذين يتقاضون أجورهم بعملة الدولار مثل العاملين في وكالة الغوث والبنوك والشركات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني هم أكثر تأثرًا بالانخفاض مقارنة بنظرائهم الذين يتقاضون رواتبهم بعملة الشيكل.

وينوه إلى أن القطاعات الإنتاجية استفادت من الانخفاض كون القطاعات الصناعية في فلسطين تنتج للسوق المحلي وعملية البيع وأجور العمال تتم بعملة الشيكل، في حين أن مدخلات الإنتاج التي يتم استيرادها تتم بعملة الدولار.

وأشار إلى أن القطاعات الخدماتية تتنوع فيها الخسائر والأرباح في انخفاض الدولار، فالخسائر تطال شركات البرمجيات التي تعتمد في مدخولاتها على الشركات والمؤسسات الخارجية.

وعلى صعيد التجار والصرافين بين بكر أنهم مستفيدون، كونهم يحملون العملتين الدولار والدينار، وأن نصيب الأسد عند كبار الصرافين.

وعزا المستشار المالي أسباب تهاوي الدولار إلى سياسة الرئيس الأمريكي ترامب التي يحيط بها التخبط والغموض والانحياز لدول على حساب أخرى، فضلًا عن البيانات القصيرة عن سوق العمل الأمريكي التى حملت خيبة أمل جراء تراجع الوظائف التى تم إضافتها في القطاع غير الزراعي، وانتظار رفع البنك المركزي معدلات الفائدة.