قائمة الموقع

​عائلة ضهير لن يعود "رمضانها" أبدًا

2017-06-06T06:20:32+03:00

"لو أن كل شيء عاد كما كان؛ فهل يعود الأهل؟!، هل تعود أمي؟!، تلك السيدة التي جمعتنا حولها صغارًا بعد وفاة أبي، فكانت عمود البيت الذي نستند إليه جميعًا، لاشك أن الشهداء رحلوا بلا رجعة، إذًا لن يكون رمضاننا الآن كما كان في السابق، مهما سعينا إلى توفير الأجواء والطقوس العائلية القديمة"، بهذه الكلمات يختصر "علي ضهير" الحديث عن الشهر الكريم قبل "المجزرة" وبعدها.

"علي" (37 عامًا) هو أحد الناجين الستة من عائلة ضهير، فالبيت الممتد على مساحة 200 متر مربعة في رفح كان يضم عائلة تتكون من 25 شخصًا، وعلى إثر قصف صاروخي في ثاني أيام عيد الفطر خلال حرب الاحتلال على قطاع غزة عام 2014م استشهد 19 فردًا من العائلة، ولم يبقَ منها سوى علي وابنه وابنته، وأخويه، وابنة أحد هذين الأخوين.

دون ضحكات أطفالنا

خلال حديثه لـ"فلسطين" يستذكر ضهير أجواء رمضان في بيت العائلة: "كان الشهر الفضيل يمثل لنا حدثًا سعيدًا، أما الآن فبحلول رمضان لا نجد إلا أن نقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، فقد كنا 25 شخصًا، ولم يبقَ منّا سوى ستّة، كيف يمرّ رمضان بلا عائلة، ودون ضحكات أطفالنا؟!".

ويقول: "لأننا نسكن في بناية واحدة كنّا نقضي معظم ساعات يومنا في بيت أمي، وهذه عادتنا في رمضان وغيره، وعند أذان المغرب أتناول أنا وإخواني التمر والماء، ثم نتوجه إلى المسجد لأداء صلاة المغرب، وبعد العودة منه تكون زوجاتنا وأبناؤنا بانتظارنا حول مائدة الطعام في بيت أمي".

ويضيف: "بعد وفاة والدي أصبحت أمي صاحبة الرقم واحد في حياتنا، ومنذ طفولتنا تميزنا بأننا بارّون بها، ونسعى إلى راحتها، ونخجل أن نطلب منها ما يتعبها، لذا بعد زواجنا واصلنا الأمر نفسه، حتى إننا إذا أفطرنا في بيوتنا لا في بيتها نرسل لها مما نطهوه".

ويتابع: "كانت (رحمها الله) امرأة عابدة، حريصة على التقرب إلى الله، وكانت تعد قيام الليل كالفروض الخمسة، وفي رمضان كان منسوب الطاعة يرتفع، تختم القرآن، وتصلي التراويح والقيام في المسجد القريب، أضف إلى ذلك أنها كانت رحيمة بالفقراء الذين كانوا يطرقون بابها يوميًّا لثقتهم بأنها لن تردّهم خائبين، ومما كانت تتميز بها اهتمامها بزيارة الجيران جميعًا، وكانت تحمل إليهم البيض البلدي، إذ كانت تربّي الدجاج في البيت".

وعن رمضان الأول دون العائلة يبين ضهير أنه وأخويه الناجيين كانوا يسكنون في بيوت متفرقة، ما أفقدهم كل أجواء العائلة الممتدة التي كانت مصدر بهجة لهم، لافتًا إلى أنهم كانوا يحاولون التغلب على هذا الوضع بطرق عدّة.

ويقول: "عائلتنا تتميز بأنها متماسكة، لذا بعد استشهاد الأهل حرصت أنا وإخواني وأخواتي المتزوجات على الاجتماع مرّات عدّة خلال الشهر الفضيل، فكنا يدعو بعضنا بعضًا باستمرار لولائم رمضانية يقيمها كل منا في بيته".

"في رمضان الثاني بعد المجزرة كنت أنا وشقيقاي قد بنينا بيوتًا ثلاثة في موقع بيتنا المقصوف، ما حسّن الحال قليلًا، وجعل الشعور برمضان أقوى، وزاد فرصنا للالتقاء كما كنا نفعل سابقًا، نتبادل الدعوات لتناول الفطور معًا، أو يأخذ كلّ منا طعامه ويذهب إلى بيت الآخر" يضيف ضهير.

مع كل المحاولات لاستعادة رمضان المفقود لا يمكن أن يتحقق الحلم، كما يؤكد، فالأجواء الرمضانية لديه مرتبطة بالعائلة، وليست بالمكان والعادات فقط، فإن مارس الإخوة الطقوس نفسها، في بيوتهم القائمة بمكان بيتهم القديم نفسه؛ فهذا لا يكفي، لأن الجمع غير مكتمل، والأحبة ليسوا موجودين، ولن يكونوا.

إمامٌ لن يعود

وعلى هامش الذكريات الرمضانية يفتقد ضهير وأخواه الصوت الندي والصلاة الخاشعة خلف شقيقهم "عزّت"، الذي كان إمامًا وخطيبًا، يقول: "كان يومه في رمضان مختلفًا عن يومنا، يقضي ليله مستيقظًا ولا ينام إلا بين الفجر والظهر، أو بين العصر والمغرب، أما أيام الجمعة فهو لم يكن ينام فيها تقريبًا لانشغاله بالتحضير للخطبة".

ويضيف: "لم نكن نصلي خلفه كثيرًا لكونه كان إمامًا في مسجد بعيد عن بيتنا، ولكنني اليوم أتمنى لو أنني صليت كل الصلوات خلفه، واستمتعت بكل آية تلاها، فمن الجميل والمشرف أن يكون أخي إمام مسجد، ومن المؤلم أن يغيب صوته إلى غير رجعة".

اخبار ذات صلة