في الوقت الذي حملت فيه وزارة التنمية الاجتماعية في حكومة رام الله، الاتحاد الأوروبي المسؤولية الأولى عن التأخير في صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية عن الدورة البرنامجية الثانية للعام الحالي، خرجت مطالب داعية لسلطة رام الله إلى البحث عن بدائل لمساعدة المتعففين قبل استفحال أزماتهم المعيشية والاقتصادية.
ومن تلك البدائل الاستدانة من المصارف المحلية إلى حين التزام الأوروبيين دفعَ التزاماتهم المالية التي قالوا إنها ستتأخر لشهر أكتوبر/ تشرين المقبل، أو طرق أبواب الداعمين العرب.
وتصرف وزارة التنمية الاجتماعية مخصصات الشؤون لنحو (111) ألف أسرة، بمبلغ إجمالي (130) مليون شيقل تقريبًا لقطاع غزة والضفة الغربية. ويتقاضى مستفيدو الشؤون مبلغًا يتراوح من (750 شيقلًا-1800 شيقل)، حسب عدد أفراد الأسرة، والظرف الاجتماعي والاقتصادي الخاص بها، بمعدل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، لكن غالبًا ما تتأخر عملية الصرف بدعوى الأزمة المالية التي تُعانيها السلطة، وهو ما يزيد من معاناة الأسر التي تعيش أوضاعًا مأساوية في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض.
وكان المفوض العام لوزارة التنمية الاجتماعية بغزة لؤي المدهون، قال: "إن الأزمة القائمة سببها أن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بالتزامه في التحويلات النقدية".
وأشار إلى أن مساعي تُبذل من أجل صرف الدفعة المقبلة من موازنة حكومة رام الله، دون أن يعلن موعد محدد لصرفها.
من جهته قال شادي عثمان المسؤول الإعلامي في مكتب الاتحاد الأوروبي: إن تأخر الاتحاد في دفع إسهامه المالي يعود لأسباب فنية تتعلق بإقرار موازنة دول الاتحاد الأوروبي.
ورجح عثمان في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن يستمر تأخير الاتحاد الأوربي لشهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مشيرًا إلى أن إسهام الاتحاد في كل دورة برنامجية يقدر بـ(30) مليون يورو.
وفي العاشر من مايو/ أيار الماضي، صرفت وزارة التنمية الاجتماعية، مبلغًا موحدًا بقيمة (750) شيقلًا لمستفيدي شيكات الشؤون في الضفة الغربية وقطاع غزة، على حين اعتبرت العائلات المستفيدة أن الدفعة لا تلبي أدنى احتياجات بيوتهم.
وتواجه الأسر في قطاع غزة أوضاعًا اقتصادية صعبة جدًّا، زاد من تعقيدها العدوان الإسرائيلي في مايو الماضي، في وقت تسجل فيه معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي مستويات مرتفعة جدًّا.
وعبر الاختصاصي الاقتصادي الدكتور أسامة نوفل، عن استغرابه من تعامل السلطة المزدوج مع فئات المجتمع، مبينًا أن السلطة حينما تتأخر عن صرف رواتب موظفيها في القطاع العام فإنها تلجأ إلى الاستدانة، لكنها في ملف متلقي مخصصات الشؤون الاجتماعية فإن السلطة تجعلهم في مهب الريح لا تبحث عن بدائل وتعلق فشلها في إدارة الملف إلى الاتحاد الأوروبي.
ونبَّه نوفل في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن تأخر الاتحاد الأوروبي عن التزام دفع مساهمته كشف زيف وادعاء السلطة على مدار السنوات الماضية حيث كانت تتغنى أنها الممول الأكبر في مخصصات الشؤون الاجتماعية، وهي اليوم غير قادرة على ذلك، في وقت كانت في كل محفل تدعي إنفاقها على قطاع غزة شهريًّا (100) مليون دولار.
كما عبر نوفل عن خشيته من اعتماد السلطة صرف (750) شيقلًا بشكل موحد للضفة الغربية وقطاع غزة في كل دورة برنامجية للشؤون الاجتماعية، مشيرًا إلى أن انعكاسات ذلك سلبية جدًّا على واقع الأسر المتلقية للمخصصات، خاصة أنهم من الفئات الميسورة، والمعيلة لمرضى وكبار السن والطلبة الجامعيين، كما سيكون لذلك أثر سيئ كبير على الحركة التجارية في الأسواق المحلية.