فلسطين أون لاين

عدُّوه استمرارًا لنهج قمع الحريات

تقرير إلغاء المادة (22) من مدونة السلوك تشعل مواقع التواصل الاجتماعي

...
صورة تعبيرية
رام الله- غزة/ جمال غيث:

أثار قرار مجلس الوزراء حكومة رام الله إلغاء المادة (22) من مدونة السلوك للوظيفة العمومية، والتي تمنح الموظف حقه في حرية الرأي والتعبير، موجة غضب وتنديد بقرار الحكومة باعتباره استمرارًا لنهج قمع الحريات في رام الله.

وانتقد قانونيون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي القرار الصادر عن حكومة محمد اشتية، وعدُّوه تعديًا على حرية الرأي التي كفلها القانون الفلسطيني الأساسي، ويسهم في قمع الآراء المخالفة للحكومة ومنعها، وربما يؤدي إلى ملاحقة صاحبها.

ألغت الحكومة في رام الله، مادّة من "مدوّنة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة"، تتيح للموظفين التعبير عن آرائهم، وذلك بحسب ما ورد في العدد 181 من الجريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية"، والتي صدر آخر عدد منها، الثلاثاء الماضي.

وتضمّن العدد "قرار مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2021، بإلغاء المادة 22 من قرار مجلس الوزراء رقم 4 لسنة 2020 بالمصادقة على مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة".

وتنص المادة 22 من مدونة السلوك على أن للموظف العمومي الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير عن الرأي، على أن يوضح عند إبداء رأيه سواء بالنشر أو التعليق على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا يمثل رأيه الشخصي فقط ولا يمثل أي جهة حكومية يعمل بها.

حرية منزوعة

وكتب جهاد بركات، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "المادة ٢٢ من مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة وفق قرار مجلس الوزراء رقم ٤ لسنة ٢٠٢٠، كانت تسمح للموظف العام التعبير عن رأيه ونشره شريطة التوضيح أن ذلك الرأي يمثل رأيه الشخصي فقط".

وقال بركات: "إعلان قرار مجلس الوزراء رقم ٣ لسنة ٢٠٢١، والذي ينص على إلغاء هذه المادة، ونشر القرار في عدد ١٨١ من الجريدة الرسمية الصادر في ٢٧ يوليو/تموز الحالي، مع العلم أن القرار موقع بتاريخ الخامس من نفس الشهر.

وتساءل: "ماذا يترتب على ذلك، هل يمكن أن يؤسس لمنع تعبير الموظف العام من التعبير عن رأيه بحرية؟ أم يزيل ذلك أي قيود عن تعبير الموظف عن رأيه؟!".

في حين كتب القاضي السابق والمحامي أحمد الأشقر، على "فيس بوك": "مجلس الوزراء يلغي المادة ٢٢ من مدونة سلوك الموظفين التي تتيح لهم الحق في حرية الرأي والتعبير، سبق ذلك مدونة جديدة للسلوك القضائي أفرغت تمامًا حق القضاة من التعبير عن رأيهم، ومن يعبّر من رجال الأمن أيضًا عن رأيه بما يخالف توجهات السلطة بيروّح ثاني يوم، وكبار الموظفين اللي بعارض منهم الموقف العام للسلطة بيروّح على الدار".

وأضاف الأشقر: "أما المواطنون العاديون، طبعًا قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لهم بالمرصاد وأدراج المحاكم ممتلئة، واللي بقول بدنا انتخابات بصير جاسوس لأنه بده يتنازل عن القدس، معقول إحنا شعب مناضل حرّ بطالب العالم بحريته وحقوقه وهو مش قادر يحكي كلمة وحدة ولا حتى يبوح بوجع؟"

عمل ممنهج

وكتب مدير الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"، ماجد العاروري: "قرار الحكومة إلغاء المادة المتعلقة بحق الموظف العمومي في الإبداء برأيه من قواعد مدونة السلوك دليل قاطع قدمته الحكومة بنفسها ونشرته في مجلة الوقائع، أن انتهاكات حرية التعبير التي رصدت في الأراضي الفلسطينية هو عمل ممنهج تقوم به الحكومة وليست مجرد أخطاء فردية تقع من موظفين كما كانت تبرر ذلك من قبل".

وأضاف: "تؤكد الادعاءات التي نشرتها مؤسسات حقوقية بأن الادارات الحكومية مارست ضغوطًا على الموظفين العموميين لإجبارهم على سحب منشورات عن مواقع التواصل الاجتماعي بعد جريمة قتل الناشط نزار بنات".

وتابع: "أظن أن قرار حرمان الموظفين العموميين من حقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم سيكون من أهم القرارات التي سينجم عن ردود فعل دولية ومحلية كونه صادر عن مجلس الوزراء ومنشور بصورة رسمية وعلنية وطغى عليه طابع قانوني بنشره في الوقائع ولا تشوبه شبهة الشائعة".

وكتبت مريم زهران على "فيس بوك": "إقرار مدونة سلوك تخص أكبر قطاع عامل في البلد، بحاجة إلى مناقشتها مع ممثلين عن هذا القطاع، واستشارة مؤسسات المجتمع المدني ذات الخبرة بمدونات السلوك، وحقوق العاملين لضمان عدم إهدار حقوق وحريات نظمها القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية".

وأكملت: "نناقش المادة 22، وغاب عنا مناقشة المدونة ومنهجية إعدادها والغاية منها، وتأثير تلك المدونة على باقي الحقوق والحريات للموظفين العموميين، في ظل إلغاء النقابة الخاصة بهم".