يرى محللون وسياسيون أن اتفاق أوسلو هو أساس الوجود الإسرائيلي في القارة الإفريقية وانضمام دولة الاحتلال إلى الاتحاد الإفريقي بصفة عضو مراقب.
وأرجع هؤلاء تمكن الاحتلال في الوصول لهذه المرحلة إلى الدعم الأمريكي المستمر لـ(إسرائيل)، وتمكن الاحتلال من نسج علاقات مع عشرات الدول الإفريقية مستغلاً الاقتصاد في سياسته، وقدراته التكنولوجية، بعد سلسلة اتفاقيات تطبيع مع دول عربية حصلت في عهد رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة د. مخيمر أبو سعدة، أن توقيع "أوسلو" شجع دولًا عربية وغير عربية من إفريقيا وغيرها على تطبيع العلاقات، مشيرًا إلى أن هذه الدول تنظر إلى مصالحها وعدم إمكانية مواصلة المقاطعة، في حين تطبع السلطة مع الاحتلال وتنسق أمنيًّا منذ 27 سنة.
وإذ يؤكد أبو سعدة لـ "فلسطين"، أن موضوع تطبيع العديد من الدول العربية في الأعوام الأخيرة مع الاحتلال فتح الطريق أمام انضمام الاحتلال للاتحاد الإفريقي، فإنه ينبِّه إلى أن الأنظمة العربية كان يفترض أن تتحمل المسؤولية، وأن تحول دون انضمامها للاتحاد بطلب من إثيوبيا.
ودبلوماسيًا، يقول أبو سعدة: إن بعض سفارات فلسطينية حول العالم تقوم بدورها في كشف جرائم الاحتلال وعرضها، في المقابل لا تؤدي سفارات أخرى دورها المنوط على الإطلاق.
وأرجع ذلك إلى عدة عوامل، بعضها يرتبط بالعامل الزمني، وأن بعض السفراء وصلت أعمارهم لأكثر من 65 عامًا، وهذا لا يسمح للسفير بالقيام بالدور المطلوب.
ومن ضمن عوامل ضعف السفارات، الانقسام الفلسطيني الداخلي، وفهم الأطراف الدولية انتقادَ السفراء لـ (إسرائيل) بأنه دفاع عن فصائل المقاومة وتعاطف معها.
تنشيط السفارات الفلسطينية
وقال منسق الحملة الشعبية لمقاطعة الاحتلال خالد منصور: إن "دخول الكيان عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي سيكون له انعكاسات سلبية على القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال، فبعد أن كانت القارة السمراء ملعبًا للفلسطينيين أصبحت حديقة للإسرائيليين".
ونقل موقع "المركز الفلسطيني للإعلام"، عن منصور، أن الدول العربية في شمال إفريقيا تركت الساحة الإفريقية للكيان، مشيرًا إلى أن الدول العربية التي كان لها ثقلها ووزنها تراجعت عن دورها وانشغلت بذاتها وللإملاءات الأمريكية، حيث إن المغرب طبع ومصر لها علاقات مع الاحتلال، وليبيا تدمرت وتونس والسودان مشغولتان بمشكلاتهما الداخلية.
وأوضح أن هذه الدول كان من المفترض أن تواجه الوجود الإسرائيلي في إفريقيا، وتحول دون الوصول لأن يصبح الكيان دولة مراقبة في الاتحاد الإفريقي.
وأكد ضرورة أن يكون لدينا نحن الفلسطينيين دور كبير في منع هذا القرار وعدم السماح بتغوله في بلاد أخرى.
وقال: "لدينا سفارات في هذه الدول الإفريقية وجاليات في العديد من هذه الدول، ولدينا أصدقاء وحركات تحرر وتعاطف شعبي إفريقي لكون إفريقيا عانت بسبب الاستعمار".
ونبَّه إلى أن ذلك يتطلب الآن حراكًا دبلوماسيًا فلسطينيًا وتنشيط السفارات الفلسطينية الموجودة في هذه الدول، لافتًا إلى أننا نحن الفلسطينيين لدينا سفارات في إفريقيا أكثر من الاحتلال.
وأشار إلى ضرورة إعادة النظر بعمل هذه السفارات وشخوص السفراء وموظفيهم، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك ممثليات وسفارات مناضلة تعمل على كسب تعاطف الشعوب وتأييدها.
وأضاف: "الإسرائيليون يتحركون على كل الجبهات والدول والأقطار، وبنوا علاقات اقتصادية وسياسية وصولاً إلى تطبيع علاقتها مع القارة السمراء التي كانت سندا للقضية الفلسطينية".
وأكد أن حركة "BDS" تقاتل في كل الساحات، ولن تستسلم لهذا القرار، لافتًا إلى أنه يوجد في إفريقيا قوى تحرر ومؤسسات واتحادات تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم.
حسابات خاطئة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: إن الدبلوماسية ترتبط بالاستراتيجية الفلسطينية وطبيعة الصراع مع الاحتلال، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) تستمد قوتها من الدعم والحماية الكاملة التي توفرها أمريكا ودول أوروبية لها.
وعلى الرغم من قبول (إسرائيل) عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي وما سبق ذلك من عمليات تطبيع، فإن المجتمع الدولي بدأ يتعامل معها على أنها دولة تمييز عنصري، كما يقول عوكل لـ "فلسطين".
وأوضح أن ما حصل من تطبيع وانضمام الاحتلال للاتحاد الإفريقي يعود لضعف العرب وخوفهم وحساباتهم الخاطئة، وليس بسبب قوة رواية الاحتلال.
ونبه عوكل إلى أهمية استثمار مكاسب معركة سيف القدس التي أحدثت تغيرات استراتيجية على صعيد الصورة والرواية الفلسطينية.