قائمة الموقع

هنادي الكسيح.. ريشتها تنطق بجمال موطنها

2021-07-26T11:55:00+03:00

بكل ثقة تقف أمام طلابها محققة حلمها الذي تمنته بأن تكون معلمة تحمل رسالة وهدف، فبلغة الإشارة تشرح لهم كيفية رسم الخطوط كي تصل معهم لرسم لوحات جميلة لموطنهم فلسطين بكل مدنها المحتلة، وخاصة القدس لحرمانها من زيارتها والصلاة فيها.

هنادي الكسيح (41 عامًا)، تعمل مدرسة رسم لذوي الإعاقة السمعية في مدرسة جباليا المشتركة لتعليم الصم، وفنانة تشكيلية، تملك موهبة في الرسم والأعمال الفنية ورسم الجداريات، والخياطة بأشكالها المختلفة كالتطريز الفلسطيني والبرازيلي والفرنسي والجزائري، وفي النحت الخشبي والجبس، والصوف.

ولدت في غزة وبعمر ثمانية أشهر سافرت مع والديها إلى الجزائر، لم يكتشفوا حينها المشكلة السمعية التي ولدت بها إلا عندما أصبحت بسن أربع سنوات لتنتكس فرحة والديها بقدومها، عندما صدمهم الطبيب المعالج بوجود ضعف في السمع.

أمسك والد هنادي يدها وهي تحتضن القلم في عمر مبكر ليعلمها رسم خطوط وأشياء طبيعية كالشجرة والتفاحة والطائرة، ليجدها تجيد الرسم من خيالها الواسع، لتسبقه فيما يريد تعليمه إياها.

تطور الرسم لديها رغم صعوبة الحياة التي تواجهها، وما أسعفها هو عينها الناقدة ودقتها في نقل التفاصيل، فنمت موهبتها الصغيرة، ومن الخطوط التي رسمتها تعلمت كل شيء.

وبسبب المشكلة الصحية التي ولدت فيها واجهتها عقبة الالتحاق بالمدارس، وعن ذلك تقول لصحيفة "فلسطين": "في بداية سنوات الدراسة لم أتمكن من الالتحاق في المدرسة، وتولت والدتي مهمة تعليمي وتدريسي كالحروف كتابة وحفظ".

وعندما عادت إلى موطنها، أكملت تعليمها، وعلمت زميلاتها الرسم، وبعزيمة وإصرار وسهر الليالي لتحقق نجاحًا في الثانوية العامة وتتمكن من الالتحاق بالمرحلة الجامعية، فاختارت اختصاص الفنون الجميلة الذي يدعم موهبتها ويطورها، وتخرجت في 2006 حائزة المركز الأول على دفعتها.

وتستذكر هنادي أنه عند تسجيلها في الجامعة واجهت رفض قبولها بسبب ضعف سمعها، "الإعاقة ليست إعاقة الجسد بل العقل والفكر، فاستطعت إقناع إدارة الجامعة بقبولي من خلال نجاحي في الامتحان الذي أرادوا به قياس قدرتي، وكنت حينها لا اتقن لغة الإشارة، واتمكن من التواصل مع من حولي مترجمة حركة الشفاه".

تتابع: "اعمل بشغف لاكتشف مكامن الأطفال لعلهم يمتلكون مواهب في الرسم، وأعلمهم أساسياتها وخطوطها، إلى جانب كيف يفرضوا احترامهم على الناس، ويواجهوا الحياة بكل ما فيها وكسر حواجز الخوف".

لا تمل من الفن، فهي تمتلك تنوعًا فيه كالرسم الحر والتطريز والجداريات، والنحت والأشغال اليدوية والورقية، خياطة وتطريز، إلى جانب مشاركتها في العديد من المعارض المحلية.

عاشت هنادي 15 عاما في الجزائر بعيدة عن عشقها فلسطين، استهواها هواؤها، ومناظرها الخلابة التي تنقلها على لوحاتها.

ريشتها تميل لرسم موطنها فلسطين، والقدس، وحريتها، وجمال مدنها، وتوضح أن كل شيء في فلسطين هو بمثابة لوحة فنية جميلة، احلم أن أسافر للمدن المحتلة لأرسمها ببيوتها القديمة وأراضيها الزراعية، وتراه أنه سبيل للدفاع عنها، كما ترسم مظاهر النكبة والشهداء والجرحى.

وتستخدم أنواعًا مختلفة من الألوان كالمائية كونها سهلة الاستخدام، والزيتية لعمرها الطويل وتعطي رقي وجمال للوحة، وكذلك ألوان اكريليك التي تستخدمهم بسكين وريشة بشكل مميز جدًا، "فالألوان واللوحات والريشة سر حياتي".

تحلم أن تنصب استاند خاص بالرسم في باحات الأقصى وترسم وهي تتنعم في جمال المكان وقدسيته، وتزور عكا وحيفا ويافا وغيرها من المدن، مستنكرة الحواجز وجدار الفصل العنصري الذي يقف في طريقها، ففي جميع الدول لا يوجد حواجز ويتنقلون بين مدنهم بحرية.

أما فيما يتعلق بالعقبات التي تواجهها، تذكر مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، في ظل حاجة الرسم إلى إضاءة كافية لإتقان كل التفاصيل، وعدم وجود مرسم خاص بها، وغلاء أسعار أدوات الرسم من لوحات وألوان.

وتطمح في استكمال الدراسات العليا، والحصول على وظيفة رسمية، إلى جانب إقامتها لمعرض خاص بها في الخارج لتتحدث فيه عن موطنها وما يعانيه.

اخبار ذات صلة