قائمة الموقع

​اقتصاديون يستبعدون إجراء تعديلات جوهرية في اتفاقية "باريس"

2017-06-04T07:39:22+03:00

استبعد مختصون في الشأن الاقتصادي، موافقة الاحتلال الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية، على إدخال تعديلات جوهرية في اتفاقية باريس الاقتصادية التي أبرمت عام 1994، بل سيكتفي بتحسينات خارجية أشبه بــ"القشور"، لتظل حكومة تل أبيب بذلك محتفظة بأوراق ضغط اقتصادية تخدمها في تفاهمات سياسية وأجندات أمنية.

وشدد المختصون في منفصلة أحاديث لصحيفة "فلسطين" على أن التعديلات الأساسية في الاتفاقية التي "عفا عليها الزمن"، ينبغي أن تطال بنودًا رئيسة أبرزها، "الغلاف الجمركي"، و"التحصيلات الضريبية"، و"الانفتاح الخارجي"، و"الحرية النقدية" وغيرها.

واتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، في لقاء سياسي رفيع المستوى، عقد مؤخرًا، على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة، وإعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادية، وتوسيع صلاحيات السلطة الوطنية في الأراضي التي تسيطر عليها (إسرائيل) والمصنفة (ج) حسب الاتفاقيات الموقعة.

بنود جوهرية

واتفاقية "باريس" هي الاسم المتداول للبروتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية "أوسلو" الذي تم توقيعه عام 1994 بين السلطة و(إسرائيل)، ووقعت الاتفاقية بمشاركة أكثر من 52 خبيرًا فلسطينيًا إضافة إلى الاستعانة بخبراء فرنسيين وأردنيين ومصريين وأوروبيين.

وقال المختص في الشأن الاقتصادي د.نصر عبد الكريم: "لا أتوقع أن توافق (إسرائيل) على إدخال تعديلات جوهرية على اتفاقية باريس من شأنها أن تُعطي الفلسطينيين حرية وسيادة أكبر على مواردهم، ومعابرهم، وتسهم في تفكيك التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وإن حدثت تلك التعديلات فستكون فنية تتعلق بالقوائم التجارية وآلية التنفيذ".

ويشير إلى أن اتفاقية "باريس" جاءت أساسًا لتخدم مرحلة انتقالية تنسجم في جوهرها وتفاصيلها مع القواعد التى وضعتها اتفاقيه "أوسلو" على الصعيد السياسي والأمني.

ويؤكد المختص أن الاتفاقية باتت غير صالحة، لأنها صيغت في واقع غير قائم حاليًا والمطلوب صياغة اتفاقية جديدة أو إجراء تعديلات جوهرية وليست فنية وشكلية فقط.

وبين أن إعلان حكومة الاحتلال عن موافقتها لتقييم الاتفاقية "خطوة تقدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للفلسطينيين وللرأي العام بأنه يقدم تنازلات اقتصادية في حين أنها تخدم برنامجه الاقتصادي وتحسن صورة (إسرائيل)".

ومع ذلك، يُشدد الاقتصادي على أن حكومة الاحتلال ستُبقي على القضايا الجوهرية الاقتصادية التى تنص عليها الاتفاقية دون تعديلات، لأنها تعدّ التفاهم حولها مفاتيح ضغط لممارسة أي تسوية سياسية مع المفاوض الفلسطيني.

وكانت مطالب السلطة بتعديل 14 بندًا من بروتوكول باريس الاقتصادي قوبلت بالرفض الإسرائيلي أبرزها، إنشاء مناطق جمركية تخص الجانب الفلسطيني للتقليل من الاعتماد على الاحتلال الإسرائيلي في إيرادات المقاصة، ومد خط مباشر في نقل البترول ومشتقاته من (إسرائيل) للسلطة لتوفير أموال النقل.

قوة تفاوض

من جانبه، أكد المختص في الشأن الاقتصادي د.نائل موسى، أن الفلسطينيين بحاجة إلى قوة تفاوضية من أجل الحصول على مكتسبات حقيقية تسهِم في الارتقاء بالواقع الاقتصادي المتردي الذي يشهد ارتفاعًا في معدلات الفقر والبطالة وهروب الاستثمارات إلى الخارج، وضعف البنية التحتية الاقتصادية.

وشدد على أن اتفاقية "باريس" جسدت التبعية الاقتصادية الفلسطينية الكاملة للاقتصاد الاسرائيلي وجعلته منزوع السيادة.

ونبه موسى إلى أن التعديلات في الاتفاقية -إن أثبتت (إسرائيل) جديتها- يجب أن تشمل "العلاقة التجارية" التى أنشئت على أساس منطقتي تجارة حرة بين فلسطين و(إسرائيل)، و"التحصيلات الضريبية"، و"الانفتاح على العالم الخارجي عبر البوابة الإسرائيلية" وغيرها.

وقال: "إن الغلاف الجمركي المعمول به في الوقت الحالي قد حرم الفلسطينيين الكثير من الفرص لإقامة علاقات تجارية مع بلدان لا تقيم علاقة مع (إسرائيل) مثل ماليزيا، كما أنها فرضت قيودًا في عمليات الاستيراد والتصدير تحت دواعٍ أمنية، وأعطت لـ(إسرائيل) الحرية الكاملة في ذلك، علاوة على حرمان الفلسطينيين من العملة الخاصة بهم".

ويُشير المختص إلى أن أبرز بند تحتاج إليه السلطة في تعديل الاتفاقية ما يتعلق بـ"المقاصة"، ففي إدخال "البند الإلكتروني" يمكن للسلطة مواجهة التهرب والتسرب الضريبي اللذين يفقدانها سنويًا الكثير من الأموال.

ويُطالب المختص أن يشمل التعديل حرية تحويل ودخول وخروج الأموال من الخارج إلى الداخل وبالعكس، وأن تتحرر السلطة ضريبة القيمة المضافة "ضريبة المشتريات" بنفس معدلاتها في (إسرائيل) مع إمكانية تخفيضها 2% فقط، ذلك أن قيمة دخل الفرد في (إسرائيل) أضعاف دخل الفرد الفلسطيني.

ومع ذلك، يؤكد المختص أن إعادة النظر في اتفاقية "باريس" بمعزل عن "أوسلو"، وتقييمها وتعديلها لن يجدي نفعًا في إحداث تعديلات جوهرية في البنود الاقتصادية التى يحتاج إليها الشعب الفلسطيني.

تجدر الإشارة إلى أن المواطن الفلسطيني ما زال يدفع ثمنًا كبيرًا جراء هذا الاتفاق الذي يساوي بين سعر السلعة في الأراضي الفلسطينية ودولة الاحتلال رغم الاختلاف الكبير في مستوى المعيشة بين الجانبين، كما أن الاتفاقية رغم معالجتها قضايا متعددة لتيسيير الحياة الاقتصادية إلا أن مفاتيحها بيد (إسرائيل) فقط.

كما أن معضلة الاتفاق تكمن في أنه قام بإملاءات اقتصادية واجتماعية قائمة على أساس توجهات البنك الدولي والنقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.

اخبار ذات صلة