فلسطين أون لاين

​عن هذا النوع من "التعيينات" في إدارة المؤسسات

إن قُدتَ من يفوقونكَ علمًا وخبرة.. في أي زاويةٍ ستُحشر؟

...
صورة تعبيرية
غزة - هدى الدلو

ماذا لو وصلك قرار إداري ذات يوم مفاده أنك منذ الآن فصاعدًا ستستلم زمام مؤسسة، مع العلم أنك ستتولى القيادة على أشخاص أوسع منك علمًا، وأرفع مقامًا وخبرة، أو حتى أكبر منك عمرًا، فكيف ستتعامل في ظل شعورك المتناقض؛ هل تفرح لعلو شأنك، أم سترتبك لأنك وضعت في معادلةٍ من هذا النوع مع أشخاصٍ لم تبلغ سقفهم؟ وهل ستتمكن أصلًا في قيادة تلك المؤسسة وتتلاشى المشاكل التي يمكن أن تواجهك؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

ليس سهلًا

الشابة العشرينية إخلاص ناصر أوكلت لها مهام إدارة رياض أطفال بعد أن أجمع مجلس الإدارة على اختيارها؛ فحسب رأيهم أن الشروط تنطبق عليهم، حدث هذا بعد تقاعد المديرة التي سبقتها، وهي شخصيًا لم تتطلع لهذا المنصب الذي تقرّ أنه قلب حياتها رأسًا على عقب، سواء في العمل أو حتى البيت.

تقول: "كل من أنا مسئولة عنهن من مدرسات ومربيات هن أكبر مني سنًا، وأكثر خبرة، فهن يعملن في هذا المجال منذ سنوات طويلة، هذا عدا عن أن هذه المهمة بعثرتني قليلًا، فكلما فكرت في الأمر أجده في غاية الصعوبة، خاصة أن قراراتي قد تصيب أو تخطئ".

وأضافت: "ما كان مني لتلاشي المشكلات التي يمكن أن أواجهها داخل الروضة؛ عدا عن نظرات الاستغراب التي تحاصرني؛ إلا أن أحتويهم وأستشيرهم قبل اتخاذ أي قرار، ليقفوا إلى جانبي، ويساعدوني على النهوض بالمؤسسة معًا، واعتقد أني نجحت في أسلوب التعامل هذا".

الخبرة المشتركة

ورأى بسام موسى أن المؤسسات في المجتمع العربي لا تتقبل أن يتولى زمام أمورها شاب، وترى أنه من العيب أن يحكمها أو يتحكم فيها، فنجد التحالفات تحاك ضده وضد قراراته، وبالتالي بدلًا من أن ينهض بالمؤسسة ويأخذها إلى بر الأمان، نجده يقضي أغلب وقته في حل المشكلات والمواقف مع الموظفين.

وأوضح أنه في حال ترأس فرد قيادة من هم أوسع منه علمًا فكل ما عليهم هو أن يضيفوا خبرتهم إلى خبرته، فالجميع يعمل من أجل هدف عام، وقد تكون تجربة ناجحة للكل.

الاحترام والتشاور

من جانبه يقول صابر أبو الكاس الكاتب والمدرب في تنمية الذات: "في البداية لا بد من توضيح مفهوم القيادة، الذي يعتقد البعض أنها فطرية ولا يمكن تعلمها، فالقيادة هي القدرة على تحريك مجموعة من الأشخاص نحو تحقيق هدف معين".

وأضاف: "2% من العالم يولدون قادة بالفطرة، و2% آخرين لا يمكنهم تعلم القيادة، أما البقية 96% يمكنهم تعلم القيادة، وبالتالي يمكن للفرد أن يقود الآخرين إذا توفرت فيه الصفات، فليس كل مدير قائد، ولكن كل قائد مدير".

وأوضح أبو الكاس أن القيادة والإدارة لا ترتبطان بعمر معين، أو جنس معين، كما أن القيادة ليس لها علاقة بالدرجات العلمية والمؤهلات العليا مع أهميتها، وقيادة أي شخص لأي مجموعة كانت يُفترض ألا تعتمد على النظر إلى عمره أو درجته العلمية، وإن كان هذا الحاصل لدى الكثيرين، فكم ممن يمتلكون الدرجات العلمية الكبيرة لكنهم لا يعجزون في ممارسة المهام القيادية والإدارية، وكم من الذين بلغوا من الرفعة ما بلغوا لكنهم يفتقرون إلى مفاهيم القيادة.

وأشار إلى أن من يتم تنصيبه في أماكن قيادية وإدارية بغض النظر عن عمره أو المؤهلات التي يحملها، عليه أن ينشر ثقافة القيادة والإدارة بمفاهيمها الصحيحة حتى يلقى القبول من المرؤوسين، على أن يؤدى العمل في إطاره التعاوني والتكاملي لا على قاعدة الأمر والنهي كما هو منتشر في كثير من المؤسسات.

وبين أن الاحترام المتبادل والتفاهم والتشاور لا بد أن يكون سيد الموقف بين الإدارة الجديدة والمرؤوسين، لأن ذلك من شأنه أن يعود بالنفع على المؤسسة، وقد أثبتت دراسة أجرتها إحدى المؤسسات الغربية عن موضوع الاحترام في العمل أن معظم الموظفين لا يجدون الاحترام اللازم من قبل الإدارة لهم، ما ينعكس سلبًا على إنتاجيتهم وأدائهم.

ولفت إلى أن المدير إذا احترم موظفيه احترموه وأحبوه وإن أحسن معاملتهم وجد منهم الولاء والانتماء، وبالتالي تزيد الإنتاجية، وتتلاشى المشكلات؛ ويتحقق مبدأ الحوار والتفاهم داخل المنظمة، بحيث يستشير موظفيه ويتلقى منهم تغذية راجعة عن القرارات التي يتخذها، ويلبي احتياجاتهم في حدود ما يقتضيه العمل، وبشكلٍ حكيم.