تسارع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الخطى لتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك، وإغراقها بالمستوطنين، عبر إقامة أضخم المراكز التجارية والسياحية التهديدية شرقي المدينة المقدسة في محاولة لتحويل الأحياء والقرى العربية بالمدينة إلى معازل محاصرة، وتطويقها بالمستوطنات، وفصلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية المحتلة.
ووضع رجل الأعمال الإسرائيلي رامي ليفي، نهاية الأسبوع الماضي، بمشاركة رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون والمدير العام لوزارة الإسكان الإسرائيلية أفيعاد فريدمان، حجر الأساس لإنشاء حي يهودي جديد شرقي مدينة القدس المحتلة.
ويخطط ليفني، بحسب وسائل إعلام عبرية، لبناء 400 وحدة سكنية استيطانية وفندقين ومركز تجاري كبير ومبانٍ عامة ومركز رياضي ضخم، بجوار ما يعرف متنزه قصر المفوض في قلب حي جبل المكبر المقدس.
عامل جذب
وحذر مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر، من خطر إقامة رجل الأعمال الإسرائيلي الحي السياحي شرقي المدينة المقدسية، الذي يهدف من خلاله لتشديد الخناق على القدس.
وعدّ خاطر عبر صحيفة "فلسطين"، أن الحي السياحي هو شكل من أشكال الاستيطان بالقدس، وتطور جديد وخطر يسهم في زيادة اعتداء الاحتلال على الأراضي الفلسطينية وتحديدًا بالمدينة المقدسة، وتفريغها من سكانها الأصليين، وتحويل الأحياء والقرى العربية إلى معازل محاصرة، وتطويقها بالمستوطنات.
ورأى أن الحي الاستيطاني سيكون عامل جذب للمستوطنين غير المتدينين إلى المدينة المقدسة ليزاحموا سكانها الأصليين في العيش ويضيقوا الخناق عليهم لدفعهم لمغادرة المكان.
وأكد خاطر أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتوانى عن تضييق الخناق على المقدسيين مستغلًّا كل الأدوات والوسائل الهادفة للسيطرة عليها وتغيير معالمها في مقدمة لتهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدم الاحتلال لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها.
واستغرب إقامة رجال أعمال فلسطينيين مشاريع مشتركة مع رجال أعمال إسرائيليين، مؤكدًا أن ذلك بمنزلة تشجيع لمواصلة اعتداء الاحتلال وسلبه الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس والأقصى.
ودعا خاطر الحكومة والفصائل الفلسطينية لمقاطعة ونبذ رجال الأعمال الفلسطينيين الذين يقيمون علاقات مع الاحتلال في ظل ارتفاع وتيرة الاستيطان بالأراضي المحتلة.
وانتقد ضعف موقف السلطة تجاه مواصلة الاستيطان بالمدينة المقدسة، متسائلًا: "أين موقف السلطة من مواصلة الاستيطان في القدس والضفة الغربية؟! وما الآلية التي تتبعها السلطة لمواجهة الاستيطان؟! مشددًا: ليس هناك جواب رسمي فلسطيني حول كيفية مواجهة الاستيطان بالقدس والضفة الغربية في الوقت الذي ترتفع فيعه وتيرة الاستيطان.
استهداف ممنهج
وقال مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية زياد الحموري: إن الاحتلال يستهدف بلدة جبل المكبر بشكل كبير وممنهج من خلال إقامة مشاريع استيطانية وفنادق ومراكز تجارية، من أجل تهويد المدينة المقدسة.
وأوضح الحموري لصحيفة "فلسطين" أن الهدف من إقامة الحي اليهودي هو لإحاطة المدينة المقدسة بالمستوطنات والمستوطنين وفصل التجمعات السكانية عن بعضها، وتحويل الأحياء والقرى العربية بالمدينة إلى معازل محاصرة، وفصلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية المحتلة.
ورأى أن فتح رجل أعمال إسرائيلي، حيًّا يهوديًّا جديدًا وسياحيًّا شرقي القدس، سيسهم في رفع وتيرة الاستيطان بمدينة القدس في المرحلة القادمة.
وأشار الحموري إلى أن الاحتلال منذ عام 1967 وحتى اللحظة يسلب الأراضي الفلسطينية وخاصة المقدسية بطرق ووسائل متعددة، كهدم المنازل بذريعة البناء دون الحصول على ترخيص والإبعاد، والاعتقال وفرض الغرامات المالية الباهظة وسحب هوياتها، في محاولة إسرائيلية لطرد السكان عن أرضهم وسرقتها، وفرض وقائع جديدة عليها.
وأكد وجود إصرار إسرائيلي على تغيير التركيبة السكانية وماهية وواقع المدينة المقدسة وإحكام السيطرة عليها، وإنشاء مبانٍ استيطانية في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وحجب الرؤية عن تلك الأماكن في محاولة مقدمة للاستيلاء عليها.
وبين الحموري أن الاحتلال يسيطر على 87% من الأرض في المدينة المقدسة، ولم يتبقَّ للمقدسيين الأصليين سوى 13% من الأرض فقط، مشيرًا إلى أن الاحتلال أخرج نصف المقدسيين إلى أحياء خارج جدار الفصل العنصري بهدف إبعادهم عن المدينة.
ودعا السلطة وأحرار وشرفاء العالم، للوقوف إلى جانب المقدسين ودعم صمودهم، مطالبًا المجتمع الدولي محاسبة الاحتلال لارتكابه المزيد من الجرائم في المدينة المقدسة وخاصة بالقدس والمسجد الأقصى المبارك وتشديد الخناق على سكانها الأصليين.
وتسارعت في الأونة الأخيرة وتيرة الهدم والاعتداءات على الفلسطينيين في أحياء مدينة القدس المحتلة، ولا سيما حي "الشيخ جراح، وسلوان، البستان وحارة المغاربة" في محاولة إسرائيلية لخلق أغلبية يهودية فيها، من أجل تنفيذ مخططاته التهويدية ومشاريعه الاستعمارية.