فلسطين أون لاين

الأبعاد الاجتماعية لمشاركة الطفل في اشتراء الأضحية

...
غزة/ صفاء عاشور:

يعيش الأطفال في هذه الأوقات تفاصيل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وما بين الصيام والصلاة والطاعات المختلفة تبقى نكهة هذه الأيام وذكرياتها في عقولهم مرتبطة بالأضحية واشترائها.

وهذا ما تلمسه ريم طه في أولادها الذين لا يتوقفون عن تذكير والدهم بقدوم العشر الأوائل من ذي الحجة، وانتظارهم بصبر نافد مشاركته في اختيار الأضحية ككل عام، إذ تحرص هي وزوجها على تشجيع أطفالهما على المشاركة في ذلك، لما له من أثر في تقوية وتعزيز شخصيَّة الطفل.

ابنها محمد (تسعة أعوام) يقول: "أنتظر كل عام قدوم عيد الأضحى والأيام الأوائل من ذي الحجة، إذ نشتري الخروف ونبقيه في المنزل يومين نطعمه ونسقيه"، لافتًا إلى أن هذا الأمر يدخل السعادة والسرور على قلبه، لأنه يصبح مسئولًا عن إطعام الخروف بحكم أنه الطفل الكبير في العائلة.

في دردشة مع صحيفة "فلسطين" يضيف: "كل عام أتوجه مع والدي لمزرعة تبيع الخراف والأبقار، ونتجول بها حتى نشتري الخروف الذي سنضحي به أول أيام عيد الأضحى".

الطفل عدي الدحدوح (11 عامًا) يحب كذلك الذهاب مع والده إلى مزرعة الأبقار والعجول القريبة من سكنهم، وهو أمر يسعده ويدخل السرور إلى قلبه.

ويبين أنه يحرص أيضًا على توزيع حصص اللحم التي تقسم بعد ذبح الأضحية على الأقارب، إذ يتوجه بنفسه إليهم من مكان سكنه ويوصل لهم حصصهم، أما والده فيذهب مع عمه ويوزعان الحصص على الأقرباء البعيدين عنهم.

جهاد الدحدوح والد الطفل يوضح أنه يحرص على إشراكه في هذه الشعيرة، خاصة أنه لم يفرح هو وإخوته في عيد الفطر بسبب عدوان الاحتلال على قطاع غزة، وأنه يريد أن يُرسخ في أذهانهم حكمة الأضحية في الإسلام، وأهمية أن يضحوا كل عام ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا عندما يكبرون.

ولا يتوانى الدحدوح عن الإجابة عن أسئلة عدي وباقي أطفاله في كل ما يخص الأضحية وشعائرها، وفضلها عند الله (سبحانه وتعالى)، خاصة عندما يوزع جزءًا منها على الفقراء والمساكين.

في السياق توضح الاختصاصية النفسية ليلى أبو عيشة أن اصطحاب الأهل الأطفال عند اشتراء الأضحية هو عادة وخلق حسن، يغرس به الأهل العديد من القيم الحسنة التي يمكن تعلمها من هذه العبادة.

وتقول أبو عيشة في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "مجتمعنا يحرص فيه الآباء على اصطحاب أبنائهم إلى مكان شراء الأضحية واختيار الأفضل منها، مع حرصهم على تذكيرهم قبل الذهاب بقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل وكيف فداه الله بذبح عظيم".

وتوضح أنه في الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة -خاصة موضوع اشتراء الأضحية- يمكن أن يتعلم الطفل الكثير من القيم والأخلاق، التي ستجعله إنسانًا حريصًا على طاعة الله بعد ذلك، والتوكل عليه في كل ما يتعلق بشؤون حياته.

وبجوار الفائدة الإيمانية التي سيتعلمها الطفل سيشعر بأنه شريك في أمر عظيم، وهو اختيار أضحية وتوزيع لحومها، وهو ما يدخل السعادة والسرور على قلبه طوال أيام العشر الأوائل وعيد الأضحى، وفق حديث أبو عيشة.

وتكمل حديثها بتأكيد ضرورة إلقاء الضوء على قصة الأضحية للأطفال وتعليمهم الحكم والقيم الدينية من ورائها، وأهمها الالتزام بأوامر الله، والتوكل على الله، وصلة الرحم، والتصدق على الفقراء والمساكين، وغيرها من القيم الإيجابية الكثيرة.