كسر الفنان التشكيلي عمر البدور نمط المعارض التقليدية الثابتة في مكانها، إذ قدم مبادرة لتنظيم معرض فني متنقل يتحدث عن ملامح الهوية الفلسطينية بالريشة واللون بمشاركة نخبة من الفنانين الفلسطينيين والعرب والدوليين أيضاً، تحت عنوان "فلسطين.. حكاية ولون".
وطبق أول مخرجات الفكرة بالتزامن مع إحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني السابعة والستين بالعاصمة الأردنية عمان بإشراف جمعية المرسم الجوال في الأردن، قبل أن ينقل معرض "حكاية ولون" إلى جميع المحافظات ومخيمات الشتات الفلسطيني في الأردن.
وشارك في المعرض بأولى جولاته المتنقلة 32 فناناً أردنياً وفلسطينياً، رسموا مائة لوحة استحضرت حكاية فلسطين بأقصاها وأسراها وشهدائها وتراثها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، فضلا عن قضية استمرار حصار غزة للعام العاشر على التوالي وصمود الغزيين في وجه الحروب المتتالية.
ويسلط "حكاية ولون" الضوء على الواقع الفلسطيني وظروف الحياة المعيشية وكذلك يظهر صور المعاناة اليومية التي تتسبب بها الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، الأمر الذي يجعل المعرض بمثابة سفيرٍ متجول للقضية الفلسطينية، ينقل رسائل فنية حضارية إلى العالم.
فنانون عالميون
وبعدما انتهت جولات المعرض في أنحاء الأردن انتقلت الأعمال الفنية إلى العاصمة التركية إسطنبول قبل أن يصل مؤخراً إلى جمهورية البوسنة والهرسك، بالتزامن مع توسعة رقعة الفنانين المشاركين لتصل لـ 47 فناناً عالمياً بعد مشاركة فنانة روسية وآخرين من البوسنة والهرسك والجزائر ومصر.
وحظي قطاع غزة بمشاركة ستة فنانين من أعمار مختلفة وهم الفنان القدير فتحي غبن والفنانة ايرينا ناجي وآية عبد الرحمن، بجانب الفنان محمد الحاج وماهر ناجي ومحمد الشريف.
وتحدث الفنان الحاج لصحيفة "فلسطين" عن محتوى المعرض المتنقل، قائلاً: "تبحث الأعمال حول المفاهيم الإنسانية لملامح الشخصية الفلسطينية، وينسج من خلالها الحكايا الوطنية والتراث العريق عبر الخطوط والمساحات اللونية مع إضافة القيم التعبيرية للأعمال".
وأضاف: "نسعى دوماً للارتقاء بالواقع الفلسطيني عبر الفن، كلغةٍ بصرية لا تحتاج إلى ترجمة، فمن خلال لوحاتنا نستطيع توصيل رسائل إنسانية ووطنية لدى العالم أجمع عن ماهية الهوية الوطنية، التي تلقى تحدياً كبيراً يتمثل في سرقتها من قبل الاحتلال الاسرائيلي".
وأوضح الحاج: "كان لغزة نصيبها في المشاركة بفعاليات المعرض، الذي تنوع مضمونه من بين قضية الحصار المشدد وتداعيات الحروب الإسرائيلية على القطاع"، مبيناً أن المعرض يضم مشاركات لبعض رواد الحركة التشكيلية أمثال الفنانة تمام الأكحل وفتحي غبن.
ولم يتسن لفناني غزة حضور ساعات افتتاح المعرض في جمهورية البوسنة والهرسك نظرا لإغلاق منافذ الحياة، إلا أن الجاليات الأجنبية والعربية المقيمة هناك تسابقت على زيارات المعرض، كونها "متعطشة لكل ما هو من ريح الوطن فلسطين وما يخفف عنهم وجع الغربة".
طابع دولي
واعتبر الفنان محمد أن المشاركات الإقليمية والدولية تعطي للمعرض أهمية كبيرة، وتعكس تطلعات الشعب الفلسطيني المتعطش للتحرر من نيران الاحتلال واسترداد أرضه وحقوقه الضائعة منذ نكبة 1948.
وقال "من خلال هذا المعرض ذي الطابع الدولي نوجه رسالة للعالم أننا اصحاب قضية عادلة وأننا نعشق الحياة بكرامة على غرار الشعوب المتحررة"، كاشفاً عن وجود محاولات للتواصل والتشبيك مع فنانين عرب وأجانب في العديد من الفعاليات، ولكن مشكلة إغلاق المعابر تبرز كعقبة أساسية.
وأوضح القائمون على معرض "فلسطين حكاية ولون" أنه سيستمر في تجواله حول العالم ورفد المعرض بلوحات جديدة من كل الدول، ورفده أيضاً بخبراتٍ قوية من فناني العالم لتكون الرسالة عالمية وتصور حقيقة المعاناة الانسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
ولفتوا إلى أن المعرض سيستمر في تجواله، كاشفين عن ترتيبات لانتقاله إلى داخل دول البلقان خلال الشهر القادم، وأيضاً الانتقال إلى جنوب أمريكا خلال الشهرين القادمين، مؤكدين أن هناك تواصلا مع عدد من الدول مثل بريطانيا والنرويج والكويت والبحرين وتونس والجزائر لاستقبال فعالياته.