بدا الشاب محمد نافذ حماد منهمكاً في شرح تفاصيل إعادة رسمه زخارف النافذة الوسطى في الجهة الشمالية الشرقية لقبة الصخرة الشريفة، وذلك للزائرين لمعرض "مكاور" الخاص بأعمال المصممين الهواة والمتخصصين في قطاع غزة.
واحتاج حماد لقرابة شهرين بواقع 70 ساعة و5800 طبقة (layer) لإنجاز اللوحة البديعية وإعادة رسم زخارف النافذة بدقة عالية بواسطة برامج المعالجة والتصميم المتعددة.
ويعد معرض "مكاور" أول فعالية فنية محلية تعرض عدة إنجازات عملية في فن الاتصالات البصرية "تصميم الجرافيك"، بينما اقتبس اسم المعرض، الذي يعد الأول من نوعه على مستوى غزة، من طائر "الببغاء" الذي يستمد منه ألوان السواتش ببرنامج التصميم الشهير "فوتوشوب".
واحتوى المعرض، الذي أقيم في بهو قاعة المؤتمرات الكبرى في الجامعة الإسلامية، على 14 زاوية، انقسمت إلى عشر زوايا للمصممين المشاركين من غزة والضفة وثلاث زوايا خاصة بإنجازات ممثلي الجامعات الفلسطينية والبقية للشركات والمدارس.
فن الرسم بالحروف
وعرض الشاب مصطفى إسماعيل خلال فعاليات المعرض خمس لوحات أعدها بواسطة فن الرسم بالحروف "تيبوغرافي"، من أصل 15 لوحة مختلفة المضامين والأحجام شارك بها واستخدام برامج الفوتوشوب والانسترتور والانديزاين في عمليات إعدادها بدقة واحترافية عالية.
وذكر إسماعيل لصحيفة "فلسطين" أن مصممي غزة الهواة منهم والمختصين يمتلكون مهارات فذة من شأنها أن تؤهلهم للمشاركة في مسابقات خارجية على المستوى العربي والدولي، إلا أن تداعيات الحصار الإسرائيلي تعد العقبة الأكبر في طريقهم.
ولفت إسماعيل، الذي يحترف مهارات التصميم منذ 12 عاما، إلى أن أزمة الانقطاع اليومي للتيار الكهربائي تُعد المُنغِّص الأول لعمل المصممين الغزيين، مبيناً أنه بإمكان المصمم إعادة رسم أي لوحة أو تطبيق أي فكرة فنية إن امتلك المهارات والقدرات اللازمة.
وخصصت إحدى زوايا المعرض لتقديم إنجازات الشاب محمد الدلو (22 عاما)، الذي تميز رغم إعاقته الجسدية منذ ولادته بإبداعاته الفنية التي تنوعت ما بين رسم الشخصيات الكرتونية والأعمال المتحركة "انيمي" والرسومات المحببة لدى الأطفال ولوحات ذات مضامين متعددة.
وأشرف نادي المصممين- فلسطين " الذي أُسس بمبادرة فردية شبابية عام 2015" على تنظيم وتنسيق فعاليات معرض "مكاور" بالتعاون مع كلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية ورعاية حاضنة الأعمال التكنولوجية "يوكاس".
مشاركة مميزة
بدوره، قال رئيس نادي المصممين، الشاب محمد المدهون إن المعرض يهدف لتحفيز المواهب لدى المصممين الفلسطينيين وتعريف أكبر شريحة ممكنة من الجمهور بهم، إلى جانب السعي لتشكيل شبكة علاقات وتواصل بين المصممين سواء في غزة والضفة والقدس المحتلتين، لتحقيق أقصى فائدة ممكن من فن التصميم.
وأضاف المدهون لـ "فلسطين" أن مراحل الإعداد والتجهيز للمعرض استغرقت قرابة الشهر رغم أنها اصطدمت ببعض الصعوبات لكن تذللت من خلال جهود المصممين المشاركين، موضحا أن أيام المعرض حظيت بتفاعل ومشاركة مميزة من شرائح مجتمعية مختلفة وتحديدا من الطلبة المهتمين بالتصميم والمؤسسات الخاصة.
وأشار المدهون إلى أن المصممين في غزة يواجهون صعوبات بالغة في عملية التواصل الخارجي وتبادل الخبرات، فضلاً عن إعاقة فرص حصولهم على دورات تدريبية خارجية، نظرا لسياسات الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الساحلي منذ قرابة العقد.
وبين المهندس محمد أن العمل في مجال التصميم من شأنه فتح آفاق عمل حر مع الكثير من الجهات المهتمة مما يساهم في تقليل نسب البطالة المتضخمة في صفوف الشباب والخريجين، مؤكداً في الوقت ذاته أهمية احتضان الأفكار الإبداعية وتوفير سبل لتطوير المهارات الذاتية بما يؤهلها لدخول سوق المنافسة والعمل.