ما رأيك أخي الصائم أن تصوم رمضان مرتين؟ تسأل كيف؟. الإجابة بكل بساطة تكمن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فطّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء".
وأجر تفطير الصائم يستطيع أن يناله كل واحد منّا، فهو لا يتطلب مبلغًا كبيرًا من المال، ولا أنواعًا فاخرة من أنواع الطعام وأصناف المأكولات، وإنما يمكن أن ينال ذلك الأجر ولو بشربة ماء أو شق تمرة، حيث ورد في الأثر: "إنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ؟، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَزْقَةِ لَبَنٍ".
أتعلم أن هناك من المسلمين من يمر عليه رمضان وغير رمضان ولا يفرق؛ لأنه لا يأكل شيئاً؟ هو صائمٌ طوال العام، إن حصل على وجبة واحدة في اليوم والليلة، فهنيئاً له في ذلك اليوم.. أسمعت بمسلمين يبحثون عن الطعام في القمامات؟! أسمعت بمسلمين تنظر الأم إلى رضيعها ليس في ثديها قطرة لبن ترضعه، ويموت بين يديها ولا تستطيع أن تفعل شيئاً؟! أسمعت بمسلمين الآن في هذا الزمن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ليس عندهم رطبات يسدون بها جوعهم؟! أسمعت بهذا يا من فرشت لك الولائم! ويا من غضبت إذا نقص شيءٌ من أصناف الطعام! ويا من تشتكي من التخمة ومن كثرة الطعام! ويا من ألهتك تلك الملذات والشهوات عن إخوانك المسلمين؟!.
إنه شهر إطعام الطعام.. (من فطّر صائماً فله مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره شيء) هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].
لا تبخل أخي الصائم
تذكر إخواناً لك في الأرض جوعى ومرضى لا يملكون طعاماً ولا شراباً، ولا يملكون دواءً لمرضاهم، يموت الولد من مرض، وتموت الأم من جوع، ولا يستطيع أحدٌ أن يفعل شيئاً، شهر رمضان يذكرك إذا جعت وإذا عطشت بالفقراء والمساكين.. كم ستصوم؟! سبع عشرة ساعة، ومن المسلمين من يصوم أربعاً وعشرين ساعة، بل يصوم يومين وثلاثة ولا يجد طعاماً يأكله، فإذا جعت تذكر إخوانك.
يقول الزهري رحمه الله: شهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام، لا ثالث لهما، إما أن تقرأ القرآن أو تطعم المساكين. وكان السلف في ليالي رمضان يطعمون المساكين، والفقراء، والجياع، ويتقربون إلى الله بهذا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً [الإنسان:8-9]
وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل .
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وداود الطائي، ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.
وعبادة إطعام الطعام، تنشأ عنها عبادات كثيرة منها : التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة : كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه مسلم، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.