قائمة الموقع

​الشهيد "إياد".. ملح العائلة المفقود

2017-06-03T07:04:48+03:00

تسعة أشهر من الغياب يكتمل عقدها في هذه الأيام، لكنّ الجرح لا يزال مفتوحًا ينزف بقوة وجع الرحيل، والراحل هنا تارة زوجٌ وأخرى شقيق، تفقده الزوجة روحًا وجسدًا وحكايا ومشاوير، وتفقده الأخت سندًا وحنانًا وحضنًا.

كيف سيمر رمضان الأول على عائلة الشهيد إياد حامد – الذي استشهد على يد قوات الاحتلال في 26-8-2016 بحجة أن الجندي قاتله شعر بالخوف؟ "فلسطين" تحاور زوجته نرمين حمّاد (أم زكريا)، وشقيقته إلهام حامد (أم محمد) ليحمل إليكم التقرير وجع الفقد.

لن أشتري ما يحب!

البداية مع الزوجة أم زكريا، والتي ستختبر الفقد لأول مرة في رمضان بعد أن ملأ إياد حياتها لثلاثة عشر رمضانًا على التوالي، فرمضان الرابع عشر يأتي ثقيلاً، لأنها ستفارق "الحلاوة" و"المربى" و"الزبدة" "وقمر الدين" المكونات الرئيسة التي كان لا بد من تواجدها على مائدة سحور "إياد"، ويتسوق لها قبل يومين من بداية الشهر، "هي" لن تشتري أي شيء يحبه "هو" في هذا الرمضان.

تقول: "إياد يكون سعيدًا جدًا بمجيء رمضان، لا يمكنني وصف سعادته مطلقًا، حتى الزينة الرمضانية يسعد بها مع أطفاله زكريا وليان"، مشيرة إلى أنه ولقصر ليل رمضان يبقى مستيقظًا لينتظر السحور، ومن بعدها يصلي الفجر ويذهب إلى عمله، ويعود وقت الظهر ليصلي وينام حتى العصر، ومن العصر حتى المغرب يغلق على نفسه الباب ليقرأ القرآن الكريم.

وما أن يؤذن للمغرب يصلي ويجلس لتناول طعام الإفطار – ويكون قد اتفق معها مسبقًا على اختيار طبخة معينة لتتوسد منتصف المائدة الرمضانية -، ويصلي التراويح ثم يتناول "القطايف" المحشوة بالجوز نكهته المفضلة.

وتنوه إلى أنه كان يعشق المقلوبة والملوخية وجميع أصناف الأرز، منذ استشهاده – تقول – لم أعد قادرة على استساغة طعم المقلوبة والملوخية، غيابه هو "ملح" العائلة المفقود.

وتوضح أن إياد قليل الكلام، فيكون "خرّافه" مع المحيطين على قدر السؤال فقط، كان يحب البقاء في المنزل، لكنه يطيعها في صلة رحمه كثيرًا، فكان دائم الزيارة لأخته وجدتيه ووالدة زوجته، ولأن والديه يعيشان في الطرف الآخر من العالم في الولايات المتحدة الأمريكية كان يصل رحمهما بالاتصال الهاتفي بين الحين والآخر.

كل الحديث السابق كانت "نرمين" قوية جدًا فيه، لكن البكاء لم يمهلها طويلاً حين سألتها في رمضانك الأول دون "إياد" ماذا ستفقدين فيه؟، جوابها الذي أعادته بصوت مختنق بالبكاء: "مقعده على مائدة الطعام، سيفتقده، كل رمضان سيفتقده، ماذا سأفعل أنا دونه؟ سأحاول أن أكون أنا "إياد" للكل، يا رب يا رب".

هو عائلة أخته

إلى هنا ولم يعد من اللائق إثارة أوجاعها أكثر، فاستأذنتها بأن تصلني بأخته لأحادثها، إلهام شقيقته الكبرى، عبر الهاتف كان صوتها مرحًا طفوليًا في بداية اللقاء، وهي تتذكر كيف كان "إياد" معها، تقول: "كنا روحًا في جسدين، نذهب معًا، نخرج معًا، نلعب معًا، لم نفترق منذ طفولتنا حتى آخر يوم له قبل استشهاده".

وتشير إلى أنها بعد زواجها انتقلت لمنزل قريب من المسجد، ويبعد عن بيت أخيها "إياد" فقط سبع دقائق مشيًا على الأقدام، ولأنه مواظب على الصلاة في المسجد، كان يمرّ على منزلها كل صلاة، إما قبلها أو بعدها، فتشعر بأنها ملكت الدنيا كلها، مضيفة: "استشهد منذ تسعة أشهر لكني مع كل صلاة أقول سيأتي إياد الآن ليزورني".

وتكمل إلهام في حديثها عنه، فتقول: "ما تعده زوجته من طعام يحضر لي منه طبقًا، ما يشتريه من أغراض للمنزل حتى الحليب والبسكويت، يحضر لي منها، يتذكرني في كل شيء"، منوهة إلى أنه دون أن يسألها هل تمر بضيق حال أم لا يحسب حسابها عند شراء الخضروات والفواكه وكل شيء، وإن مرّ عليها ويديه فارغة يعطيها مالاً، المهم أن يعطيها أي شيء.

وتبين أن حنانه هو أكثر ما تفقده الآن، وفي كل وقت تسنح لها فرصة فإنها تذهب لزيارة زوجته وابنه وابنته، وابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات حين تمسك جوالها، وترى صورة والدها الشهيد عليها، تقول بصوت طفولي: "بدي بابا، بدي أبوسه وأحضنه"، فتبادرها بالقول: "يا عمتو يا حبيبتي أنا زي بابا، اعطيني بوسة وحضن"، هي تحاول أن تكون لهم كما كان لها.

أخيرًا، توضح إلهام أن إياد لا يتركها، فكثيرًا ما تنام وهي حزينة من موقف ما، أو لأنها لا تزال لا تستوعب فراقه لها، فيأتي لها في المنام ويخبرها أنه سعيد ومبسوط جدًا، كأنه يأتي لها ليزيل ما بها من وجع!

اخبار ذات صلة