تعيش الضفة الغربية حالة من الغليان في إثر القمع الذي تعرض له المتظاهرون سلميا في الضفة الغربية المحتلة، للتعبير عن آرائهم، وقد طال الصحفيين، إلى جانب التهديدات التي انصبت عليهم، ومحاولات سلب هذا الحق من خلال كيل الاتهامات بحقهم.
وبلغ القمع ذروته في أعقاب اغتيال الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، الناشط السياسي المعارض نزار بنات.
ويحذر اختصاصيان في علم الاجتماع والنفس من أن استمرار تعرض المواطنين لهذه الأساليب القمعية ستكون له آثار خطرة على المنظومة الأخلاقية والقيمية عند المواطن التي ستهتز بشكل كبير.
الاختصاصي النفسي والاجتماعي د. درداح الشاعر يقول:" من المعروف أن الاحتلال الإسرائيلي وجنوده هم من يمارسون القمع والعنف ضد الفلسطينيين، ولكن ما يحصل الآن على أرض الضفة الغربية من قمع وعنف من أفراد الأجهزة الأمنية على المتظاهرين الذين يخرجون في مظاهرات سلمية للتعبير عن رأيهم في قضية من القضايا هو أمر غير طبيعي".
وفي حديث مع صحيفة فلسطين يبين الشاعر أن أي فلسطيني يمكن أن يتوقع الاعتداء من الاحتلال الإسرائيلي ولكنه لن يتوقع أن يأتي أشخاص من بني جلدته ليعتدوا عليه، وبالتالي فإن المنظومة الأخلاقية والقيمية عند المواطن ستهتز بشكل كبير.
ويوضح أن القمع الممارس على الناس يخلق حالة من التساؤل عن مدى سلامة توجه الجهة الحاكمة هناك نحو الدفاع عن القضية الفلسطينية.
ويؤكد الشاعر أن الأسلوب القمعي سيترك بلا شك خللا في المنظومة القيمية عند الناس في الشارع الفلسطيني، مشدداً على أن الشباب والأطفال الذين يعيشون هذا الواقع "ستكون شخصياتهم فيما بعد مهزومة وخائفة"، وفق وصفه.
ويرى أن العنف الممارس من الأجهزة الأمنية في الضفة "سيسبب توترا دائما عند الإنسان"، لافتا إلى أن ذلك لدفعه للعزوف عن المشاركة في أي فعاليات أو التعبير عن رأيه بشكل معلن وصريح في أي مكان، لكنه "ربما يأتي برد فعل معاكس لما ترغب به الأجهزة الأمنية ويزيد من إصرار المواطنين على مواجهة القمع المفروض عليهم".
"حالة من التصادم"
من جهته يوضح الاختصاصي النفسي والاجتماعي د. إياد الشوربجي أن ما يحصل على أرض الواقع في الضفة الغربية "من معاقبة السلطة الفلسطينية لمن يخالفها الرأي من خلال الاعتقال، والضرب، والتهديد، والسحل، والإهانة يؤدي إلى خلق حالة من التصادم بين أفراد البيئة الواحدة".
ويقول الشوربجي لصحيفة فلسطين:" إن هذه الاعتقالات التي تقوم بها السلطة أدت إلى حالة شعور بعدم الأمان وعدم الاستقرار عند المواطن لأن من يقوم بالاعتداء عليه هو فلسطيني مثله وليس جهة محتلة لأرضه".
ويضيف أن "كثرة الاعتقالات من الأجهزة الأمنية للمواطنين أثرت في مستوى الترابط والتماسك بين أفراد المجتمع الواحد، كما أنها سببت حالة من الحقد، والكره والقطيعة وزادت من المشاجرات العائلية بسبب المواقف السياسية".
ويؤكد الشوربجي أن هذه الحالة لها "أبعاد خطرة" على المستوى الاجتماعي سواء الحالي أو على المدى البعيد، فالمجتمع في الضفة يعيش الآن حالة من فقدان الأمان وعدم الاستقرار.
وينبه إلى أن مثل هذه القضايا تُبقي النفس مشحونة لسنوات "بمشاعر الانتقام والكره لدى المواطن وهو ما يؤثر في نفسيته، فتظل مشاعر التوتر والتهديد ملازمة له على المدى الطويل".
ويحث الشوربجي على أن تكون هناك وقفة جادة لمنع "مثل هذه الاعتداءات والقمع بحق المواطنين وضمان حرية التعبير عن الرأي في أي قضية من القضايا، كما يجب أن يؤدي المخاتير ورجال الإصلاح دورهم في ردم الصدع والتخفيف من حدة الاحتقان الموجودة وإلا فإن المجتمع سيعيش تبعات كارثية بسبب تصرفات الأجهزة الأمنية ضد المواطنين".