يواصل وزراء الطاقة في منظمة "أوبك" (OPEC) وتحالف "أوبك بلس" (+OPEC) اجتماعهم لليوم الثالث على التوالي، وذلك في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الإنتاج بعد إخفاقهم في التوافق يومي الخميس والجمعة الماضيين.
وتجتمع دول تحالف "أوبك بلس" الـ23 المصدرة للنفط مجددا اليوم الاثنين لإيجاد مخرج بعدما أخفقت الجمعة في التوصل إلى اتفاق لتحديد حصص الإنتاج اعتبارا من أغسطس/آب.
وتستأنف المحادثات بين دول أوبك وحلفائها من خارج الكارتيل غداة رفض دولة الإمارات العربية خطة يجري التفاوض بشأنها باعتبارها "غير عادلة"، في تصعيد للخلاف قد يؤدي إلى عرقلة تعافي سوق الخام بعد جائحة كورونا.
وتنص الخطة المطروحة على زيادة إنتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من أغسطس/آب وحتى ديسمبر/كانون الأول، بحيث تبلغ كمية النفط الإضافية المطروحة في السوق بحلول نهاية السنة مليوني برميل في اليوم.
ويتماشى ذلك مع الإستراتيجية العامة التي تتبعها "أوبك بلس" منذ مايو/أيار، والتي تقضي بزيادة الإنتاج تدريجيا بعد خفضه بشكل حاد مع التراجع الهائل في الطلب عند بدء انتشار فيروس كورونا.
وحققت هذه الإستراتيجية إلى حد ما نجاحا، إذ انتعشت أسعار النفط لتبلغ نحو 75 دولارا لبرميل الخامين المرجعيين برنت بحر الشمال وغرب تكساس الوسيط بزيادة 50% منذ مطلع العام، وهو مستوى مماثل لما كانت عليه الأسعار في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وإن كانت الدول بدت موافقة على هذا الاقتراح، إلا أن مسألة التمديد هي التي أثارت خلافا.
تباين في المواقف
وتعهد تحالف أوبك بلس في أبريل/نيسان 2020، عندما تراجعت أسعار الخام على وقع الموجة الأولى من الوباء، بسحب 9.7 ملايين برميل في اليوم من السوق على أن تعاود ضخها تدريجيا خلال الفترة الممتدة حتى نهاية أبريل/نيسان 2022، غير أن هذه المهلة تبدو الآن قصيرة جدا في ضوء الوتيرة الحالية لزيادة الإنتاج حيث إن دول التحالف لا تزال تقتطع 5.8 ملايين برميل في اليوم من إنتاجها.
وهذا ما دفع إلى طرح تمديد الاتفاق المطبق حاليا حتى ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو خيار يصطدم بمعارضة أبو ظبي. وبينما تؤيد السعودية وروسيا تمديد الاتفاق كما هو حتى ديسمبر/كانون الأول 2022، ترغب الإمارات في مناقشة زيادة في مستويات الإنتاج قبل الموافقة على التمديد إلى ما بعد أبريل/نيسان.
وقال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي، أمس الأحد، خلال مداخلة تلفزيونية عبر قناة "سكاي نيوز العربية" (Sky News)، إن مطلب الإمارات هو العدالة فقط بالاتفاقية الجديدة ما بعد أبريل/نيسان.
وأعلنت وزارة الطاقة أن دولة الإمارات لا تمانع تمديد الاتفاقية إذا لزم الأمر، ولكنها طلبت مراجعة نسب نقط الأساس لمرجعية التخفيض لضمان عدالة الحصص لجميع الأعضاء عند التمديد، وتصرّ الإمارات على رفع خط الإنتاج الأساسي بمقدار 0.6 مليون برميل يوميا إلى 3.8 ملايين برميل، باعتبار أن النسبة الحالية المحددة في أكتوبر/تشرين الأول 2018 لا تعكس طاقتها الإنتاجية الكاملة.
استنكار سعودي
ولكن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان استنكر خروج الإمارات عن الإجماع، وقال إن المقترح السعودي الروسي بتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الحالي حظي بقبول جميع الدول ما عدا دولة الإمارات. وأضاف وزير الطاقة السعودي، في تصريحات لوسائل إعلام سعودية، أنه لا يمكن لأي دولة اتخاذ مستوى إنتاجها في شهر واحد مرجعية.
وأكد أنه يشارك في اجتماعات "أوبك" منذ 34 عاما ولم يشهد طوال هذه المدة طلبا كطلب الإمارات، ونقلت وسائل إعلام سعودية عن وزير الطاقة السعودي قوله إن التوافق في مجموعة "أوبك بلس" قائم ما عدا دولة واحدة.
وتساءل وزير الطاقة السعودي عن الأسباب التي تدعو دولةً ما، لديها تحفظات، إلى السكوت سابقا عن إبدائها طوال هذا الوقت.
وهذا الخلاف هو الذي أفشل الجولة الأولى من الاجتماعات الخميس الماضي، ثم اجتماع الجمعة بين أعضاء مجموعة تشهد عادة خلافات بين السعودية وروسيا. ورأت حليمة كروفت المحللة لدى شركة "أر بي سي" (RBC)، في مذكرة، أن "احتمال غياب اتفاق، بل حتى خروج الإمارات من أوبك، ازداد ازديادا كبيرا"، إذ يبدو من الصعب على التحالف أن يقبل طلب الإمارات من غير أن يفتح الباب للفوضى.
وعلق محللو شركة "كبلر" (Kepler) بالقول "ما كان يفترض أن يكون اجتماعا هادئا نسبيا لأوبك بلس تحول إلى اجتماع طويل جدا وغير مؤكد النتائج".
وتواجه أوبك بلس معادلة صعبة بين انتعاش فعلي لكنه هش للطلب، وعودة الصادرات الإيرانية المرتقبة، والأسعار المرتفعة الحالية التي تثير استياء بعض كبار المستهلكين مثل الهند، غير أن التحالف معتاد على الخلافات وتمكن في مطلع العام الماضي من تجاوز خلاف كبير بين موسكو والرياض أثار حرب أسعار قصيرة لكنها شديدة.