فلسطين أون لاين

بشرى الطويل الابنة الوحيدة لوالديها.. صوتٌ "لا يُسجن"

...
بشرى الطويل ووالدها
رام الله-غزة/ صفاء عاشور:

"صوتها عالٍ"، كانت هذه العبارة التي تذرَّع بها الاحتلال للزج بالشابة بشرى الطويل في سجونه، وهي صحفية لها سيلٌ من الأحلام في وطنٍ حرٍ خالٍ من الظلم الذي يلاحق الفلسطينيين منذ 73 سنة.

رحلة إضراب عن الطعام والاكتفاء بالماء والملح فقط، خاضها أبوها جمال الطويل في سجون الاحتلال مطلع يونيو/حزيران لمدة 29 يومًا، ليحقق هدفًا واحدًا سعى له هو حرية ابنته بشرى.

اعتقال طال جسدين ولكن الروح والحب بين جمال وابنته دفعه ليسلك هذا الطريق من أجلها ليكتب قصة جديدة في تاريخ النضال الفلسطيني بأن يُضرِب الأب عن الطعام لإنقاذ ابنته المعتقلة إداريًّا.

منتهى الطويل والدة بشرى تروي لصحيفة "فلسطين" تفاصيل الحكاية وكيف أراد الاحتلال الإسرائيلي إسكات صوت بشرى "العالي"، ومحاربة أي حراك يضمن حرية ودعم للأسرى في سجونه.

تقول منتهى: "بشرى (28 عامًا) شابة ذات شخصية قوية، وتحب مهنة الصحافة التي حرصت على دراستها من أجل إيصال الصوت الفلسطيني وخاصة كل ما يتعلق بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي أو قضايا الأسرى".

استغل المحتل مرور بشرى بأحد حواجزه ليعتقلها دون توجيه أي "تهمة" لها، وقيل لأمها حرفيًّا "صوت بنتك عالٍ ويزعجنا".

وتشير منتهى إلى أن بشرى كان لها دور كبير في تغطية إضراب المحرَّرين الذين قطعت السلطة في رام الله رواتبهم.

واعتقال بشرى ليس الأول، فقد كانت المرة الأولى في 2011 وحُكم عليها الاحتلال بالسجن 16 شهرًا، ولكنها تحررت منه بعد خمسة أشهر بموجب صفقة "وفاء الأحرار" لتبادل الأسرى.

الاعتقال الثاني جاء في عام 2014 حيث قضت 11 شهرًا في السجن، ثم جدد الاحتلال اعتقالها في 2017 وحكم عليها بقضاء تسعة أشهر في سجونه، أما في 2019 فقد اعتقلها ثمانية أشهر ثم جاء الاعتقال الأخير في 2020 والذي لا يزال مستمرًا.

مسيرة بشرى في الاعتقال لدى قوات الاحتلال تشابه معاناة والدها الذي حرص خلال إضرابه الأخير على إعلانه الرفض لأن يضيع عمر ابنته في دوامات السجون مثله، فهو قضى 15 عامًا من عمره داخل سجون الاحتلال.

وتوضح الأم أنه في اللحظات الأخيرة قبل إعلان التوصُّل إلى قرار عدم تجديد الاعتقال الإداري لبشرى، أرسلت رسالة لها تطالب أباها بالتوقُّف عن الإضراب خوفًا على صحته، معبِّرة عن عدم خوفها من أي مصير ينتظرها حتى لو بقيت في السجن.

وتضيف:" إن رسالة بشرى وصلت إلّي في اليوم الـ29 من إضراب جمال عن الطعام عصرًا، وفي العاشرة مساء من اليوم ذاته أُعلن التوصُّل إلى اتفاق يقضى بوقف الإضراب مقابل عدم تمديد الاعتقال لبشرى في السجن".

علاقة بشرى بوالدها وخوفها على صحته من تبعات الإضراب، قابلها جمال بخوف على مستقبل ومصير ابنته الوحيدة، فهي لا تزال في مقتبل العمر ويريد لها أن تعيش حياتها طبيعية كباقي الشابات، وهو حلم يبدو أنه بعيد المنال في ظل وجود محتل هدفه الوحيد هو التنغيص على حياة كل فلسطيني مقاوم حتى ولو بالكلمة.

لكن صوتُ بشرى يبقى حاضرًا وإن غيبها السجن، فهو يتردد في أذن كل حرٍّ إذ تدافع عن الأسرى، وعن حقوقهم، وعن الوطن.