في الضربة الجوية الأولى للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، كان الشاب الثلاثيني موسى شقورة من بلدة جباليا جالساً مع عدد من أصدقائه في الشارع عندما رمت عليهم طائرات الاحتلال صواريخها على المنطقة التي يجلسون فيها.
"صواريخ انهالت علينا من كل مكان، الجميع مصاب ولكن إصابتي كان الأخطر، حيث أصبت في يدي اليمنى، وهو ما تسبب ببترها بعد ذلك من المعصم"، هكذا عبر شقورة عن مأساته بعد العدوان على القطاع الشهر الماضي.
وأضاف في حديث لـ"فلسطين" إن:" المشكلة لم تقتصر على بتر كفي اليمني فقط، بل تجاوز الأمر خلال الشهر الحالي عندم استمر فقداني للسمع شكل كامل في أذني اليمنى بسبب قوة الانفجار، وحاجتي إلى تركيب سماعة في أذني اليسرى لأسمع بشكل جيد".
شقورة بعد فقدان يده اليمنى أصبح عاجزاً عن العمل في المهن التي كان يعمل بها في أوقات سابقة كالحلاقة وأعمال الجبس، لافتاً إلى أنه يعتمد على عائلته في تسيير أمور حياته حالياً ولكن ليس لديه أي خطة للأيام القادمة.
النزوح من البيوت
من جانبه، بين الشاب أحمد درويش المصاب بمرض في أعصابه منذ الولادة أن العدوان الأخير أصابه بالرعب الشديد وزاد من حالته سوءاً، لافتاً إلى أنه بسبب
مرضه لا يستطيع المشي ويجلس على كرسي متحرك.
وقال في حديث لـ" فلسطين" :" إن هذا المرض يجعلني غير قادر على التحكم في أعصابي وأخاف بسرعة من أقل شيء، فكيف لو كان الأمر قصف أو تدمير للمنازل المحيطة بنا بسبب حروب وعدوان من الاحتلال علينا".
وأشار درويش إلى أنه اضطر للخروج من منزله منذ بداية العدوان هو وعائلته والتوجه لأحد بيوت أقاربه في شمال القطاع ببلدة بيت لاهيا، وذلك بعد أن كانت المنطقة التي يعيشون بها في جبالياً تتعرض لقصف شديد منذ اللحظات الأولى للعدوان على القطاع.
قتلى وجرحى
من جانبه، أوضح مدير برنامج التأهيل بالإغاثة الطبية مصطفى عابد أن العدوان من قبل الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة زاد من معاناة الأشخاص من ذوي الإعاقة، لافتاً إلى أن هذا الاعتداء حرم ما يزيد عن 3000 شخص من ذوي الإعاقة من المكوث في منازلهم.
وقال في حديث لـ"فلسطين" "إن ألاف من ذوي الإعاقة نزحوا من بيوتهم إلى المدارس وأقاربهم وفي مراكز الإيواء"، مؤكداً أن ذوي الإعاقة عاشوا عيشة صعبة حيث أن هذه المراكز لم تكن مؤهلة لاستضافتهم في ظل عدم وجود الخدمات الأساسية لهم وخاصة من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).
وأضاف عابد :" إن نظرة القائمين على مراكز الإيواء كانت تعد ذوي الإعاقة بأنهم أشخاص متسولين وهو ما انعكس عليهم بشكل سلبي من كافة النواحي المعيشية والصحية في كافة المراكز".
وأشار إلى أن العدوان الأخير على القطاع أدى إلى استشهاد 6 شهداء، خمسة من الذكور وواحدة من الإناث من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى ما يزي عن 50 حالة إعاقة جديدة منها11 حالة بتر في الأجزاء العلوية والسفلية، وما يزيد عن 35 حالة شلل رباعي وثلاثي ونصفي سفلي.
ونبه عابد إلى أنه وحسب الخبرة الموجودة سيرشح ما يزيد عن 100 حالة إعاقة جديدة بعد مرور مدة زمنية تقاس بست شهور حيث أن نسبة العجز والخلل ستكبر عن هؤلاء الأشخاص.
وذكر أنه في ظل وجود العدوان أصبحت كافة الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة في كافة أرجاء القطاع معطلة بسبب الوضع الميداني واستمرار القصف الجوي والمدفعي والبحري وكل ما هو موجود على الأرض أصبح غير مفعل على أرض الواقع.
وأضاف عابد:" بعد الانتهاء من العدوان بدأنا بعملية حصر في الجرحى فهناك 1984 جريح صنفت ما يزيد عن 400 حالة متوسطة وشديدة وهذه الحالات بحاجة للخدمات الأساسية ومنها خدمات مستمرة وهناك العديد من الخدمات الغيار والعلاج الطبيعي والوظيفي".
وأوضح أن شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة من أفقر الفئات في المجتمع الفلسطيني وازدادت حالتهم سوءاً كل عدوان عما كانت في السابق حيث هناك الآلاف من أوليائهم يعتاشون على العمل اليومي وعلى مخصصات وزارة التنمية الاجتماعية والتي صرفت بنسبة 50% منذ بداية العام.
واستدرك عابد:" كما أن هناك توجه للمؤسسات العاملة في هذا المجال على تقديم خدمات للجرحى الجدد وحرمان مائة عشرين ألف حالة إعاقة مسجلة في القطاع من الخدمات الأساسية"، مشدداً على أن هذا الأمر يعتبر مأساة حقيقية سببها عدم قدرة الحكومة على تقديم الخدمات لهذه الشريحة.