فلسطين أون لاين

الإرباك الليلي في "بيتا".. مفهوم المقاومة الشعبية بالضفة يتطور

...
"الإرباك الليلي" فعاليات احتجاجية شعبية

أحدثت فعاليات "الإرباك الليلي" التي تبنّاها المواطنون في بلدة بيتا جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية، تطورا هاما في عمل المقاومة الشعبية ضد الاستيطان الإسرائيلي الذي يلتهم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

و"الإرباك الليلي" فعاليات احتجاجية شعبية يُنظمها سكان بلدة "بيتا" بشكل شبه يومي في أوقات المساء والليل، منذ أسابيع، للمطالبة بإخلاء بؤرة استيطانية أقامها الاحتلال ومستوطنوه على أنقاض جبل صبيح في البلدة.

ويُشعل الشبان النار في إطارات مطاطية، وينفخ آخرون في أبواق تُصدر أصواتا مُزعجة، ويُسلّط البعض مصابيح إنارة "الليزر" نحو "كرافانات" البؤرة الاستيطانية، ويحمل غيرهم مشاعل إنارة.

ورأى خبراء ومختصون أن الحالة النضالية في بلدة "بيتا" المستوحاة من عمليات "الإرباك الليلي" في قطاع غزة تطورٌ في شكل وحجم المقاومة الشعبية، مؤكدين في أحاديث منفصلة "للأناضول"، أن هذا التطور من شأنه إحداث تغيير، غير أنه بحاجة لزيادة الوعي بأهميته والتفاف جماهيري حوله، واحتضان رسمي.

ولم يعهد المواطنون في الضفة الغربية هذا المشهد من قبل، لكن فكرة "الإرباك الليلي" مستوحاة من قطاع غزة، إذ شكّلت أحد عناوين مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في 30 مارس/ آذار 2018 على السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948، واستمرت قرابة عام ونصف محققة إنجازات كبيرة.

ويرى أهالي بلدة "بيتا" في تلك الفعاليات أسلوبا نضاليا جديدا ضمن أنشطة المقاومة الشعبية للاحتلال، وخصوصاً النشاط الاستيطاني، بهدف إزعاج المستوطنين ودفعهم إلى الرحيل، وإخلاء البؤرة الاستيطانية الجديدة.

وشيّد المستوطنون البؤرة الاستيطانية "أفيتار" خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الشهر الماضي، الذي جاء عقب الهبّة الشعبية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

انغلاق الأفق

وأرجع مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات تطور المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، والمتمثل ببلدة "بيتا" إلى مسببات رئيسة، أولها: انغلاق الأفق السياسي فيما يتعلق بعملية التسوية بين السلطة والاحتلال، ومستقبل القضية الفلسطينية، وإمكانية الدفع بعملية سياسية.

وثاني تلك الأسباب، وجود حالة من الضعف في مواجهة الاحتلال بالضفة الغربية، وثالثها: عدم وجود خطوات قوية في مواجهة التغول الاستيطاني، وفق بشارات، مضيفا أن البرامج والمخططات الاستيطانية في الضفة الغربية خلقت حالة رد فعل شعبية.

ولفت إلى أن الشارع الفلسطيني وصل إلى قناعة أن الوقفات السلمية والمسيرات التقليدية لن تحقق شيئا، لذلك بدأ هبة شعبية على مدار الساعة في بلدة بيتا، مستوحاة من قطاع غزة، وحتى من معركة المقدسيين في الشيخ جراح وباب العامود.

ويرى أن الطبيعة الأمنية والسياسية في الضفة الغربية في ظل غياب للعمل المباشر والمسلح، دفع للبحث عن بدائل، فكان "الإرباك الليلي".

وعن تطور المقاومة الشعبية، قال الخبير السياسي أمجد أبو العز: إن ذلك يعود لغياب قرار سياسي بالاشتباك مع الاحتلال، والرغبة بالاستمرار والتعبير عن رفض الشارع للاحتلال، منوها إلى أن المقاومة الشعبية بحاجة لعاملين اثنين لنجاحها، الأول يتمثل بـ"التفاف جماهيري، وهو يتحقق في بلدة بيتا ضمن هذا الفكر، وثانيا: وجود قيادة تؤمن به.

ونبه أبو العز إلى أنه حتى الآن لا يوجد قيادة فلسطينية في الضفة الغربية تؤمن بذلك، مردفا أن الشعب الفلسطيني استخدم المقاومة الشعبية منذ الانتداب البريطاني، وما يجري الآن "عودة الوعي والإيمان بها".

أستاذ العلوم السياسة في الجامعة العربية الأمريكية بمحافظة جنين أيمن يوسف، يرى أن حالة من المنافسة بين الفصائل على ساحة الضفة الغربية أحدثت نقلة نوعية في تطور المقاومة الشعبية.

وتوقع يوسف حذو بلدات أخرى قريبة من الاستيطان وجدار الفصل العنصري حذو بلدة "بيتا"، في مقاومة متواصلة ومستحدثة على مدار الساعة.

ويقول الناشط في المقاومة الشعبية، مسؤول دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة، إن بيتا أحدثت تطورا في المقاومة الشعبية لمواجهة الاستيطان، على مدار الساعة، من مسيرات وعمليات إرباك ليلي.

وأشار أبو رحمة إلى ضرورة تطوير الأداء واستحداث أساليب وخطط جديدة من شأنها إرباك الاحتلال ودفعه لتفكيك المستوطنات، وعدم التفكير في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وبما يتلاءم مع كل بلدة وموقع ومرحلة.

ولفت إلى وجود تطور في مفهوم المقاومة الشعبية لدى المواطن الفلسطيني، مردفا أن كل فرد في المجتمع يمكنه المشاركة في المقاومة من خلال أداء دوره، سواء بالتوجيه أو المشاركة في مسيرة، أو مقاطعة منتجات إسرائيلية، وصولا للمواجهة مع المستوطنين وقوات الاحتلال. وتوقع تحقيق بلدة "بيتا" انتصارًا على الاحتلال.