أكد متحدثون أن اغتيال أجهزة أمن السلطة الناشط والمعارض السياسي نزار بنات، يعكس تاريخ السلطة في التعامل مع معارضيها.
وشدَّد المتحدثون خلال ندوة عقدها منتدى الإعلاميين بغزة، أمس، بعنوان: "واقع حرية الرأي والتعبير في ضوء اغتيال الناشط نزار بنات"، رفضهم الشديد لعمليات القمع والاعتداء على المتظاهرين والصحفيين.
وقال الناشط أحمد أبو ارتيمة، المرشح المستقل لانتخابات المجلس التشريعي: إن استهداف السلطة المعارض بنات، حصل لأنه يمثل جرأة غير محدودة ولا سقف لها، لا يهادن أو يتلون، ويعلن موقفه من الفساد والتنسيق الأمني بوضوح كبير، ولا يجامل أحدًا.
وأضاف في كلمة خلال الندوة أن مستوى الجرأة التي كان يتحدث بها المعارض بنات، فاق احتمال السلطة التي حاولت احتواء ذلك بالتهديد والاعتقال، "ومن ثم لم يبقَ أمامها إلا العودة لطبيعتها التي اغتالت من قبل 12 من المصلين في مسجد فلسطين عام 1994، وعناصر من الجهاد الإسلامي وحماس ومن حركة فتح نفسها".
وذكر أبو ارتيمة أن السلطة تعاني مشكلةً مزدوجة، الأولى ترتبط بالفساد، والثانية تتعلق بدورها الوظيفي، وقد جاءت جريمة اغتيال بنات في وقت لم نرَ فيه السلطة في مواجهة انتهاكات الاحتلال في الشيخ جراح، أو التصدي لعدوانه العسكري على غزة، وابتعادها عن المقاومة الشعبية التي يتغنى بها رئيس السلطة محمود عباس.
وأضاف: "عباس لا يمارس المقاومة السلمية أو يسمح لها، وهو ضد فكرة المقاومة كلها وحتى السلمية، ولو كان صادقًا في ذلك لرأيناه في قرية بيتا وجبل صبيح في نابلس".
وأشار إلى أن عباس وسلطته لم يكتفوا باغتيال البنات، الذي مثل ازعاجًا حقيقيًا لهم، ولجأوا إلى قمع المحتجين على قتله.
وذكر أبو ارتيمة أن نهج سلطة رام الله يسير بحالة تناغم وتكامل مع الاحتلال، إذ تقوم بدور وظيفي في خدمة الاحتلال.
وشدَّد على أن نزار بنات كان ملهمًا ويمثل السقف الأعلى من الدفاع والثورة والغضب على هذا الواقع، واغتياله خسارة حقيقية، مشددًا على ضرورة رفع سقف رفض سياسات السلطة.
من جهته أدان الحقوقي إسلام التميمي من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بالضفة الغربية، الاعتداء على الصحفيين والمدنيين باغتيال المعارض بنات، المرشح على قائمة الحرية والكرامة في انتخابات المجلس التشريعي.
وأكد التميمي في كلمة عبر تطبيق "سكايب" خلال الندوة، أن التعبير عن الرأي جزء أساسي من حقوق المواطن الفلسطيني في التعبير عن رأيه.
وأشار إلى مسلسل الملاحقة والتوقيف والاعتقال الذي تعرض له نزار بنات، واستهداف منزله بالأسلحة النارية قبل أيام من اغتياله، الأمر الذي ترك آثارًا سلبية على عائلته.
معالجات خاطئة
وذكر التميمي أن نزار بنات حاول تقديم شكوى من أجل توفير الحماية من خلال الجهات الأمنية المختصة، لكنه مقابل ذلك تعرض للتهديد والملاحقة قبل اغتياله، مشيرًا إلى أن الهيئة كانت تتابع قضيته باهتمام كبير، ونقلت صورة ما يتعرض له للنائب العام والجهات المختصة في سلطة رام الله.
ونبَّه إلى وجود معالجات خاطئة من سلطة رام الله في التعامل مع قضية نزار وغيره من المعارضين السياسيين، ترتقي إلى انتهاكات تمس حقوق الإنسان.
وأكد أن سلطة رام الله تعاملت بسلبية مع ردود الفعل المنددة بعملية الاغتيال، فاعتدت على المتظاهرين وقمعت الصحفيين بدلًا من أن تقف عند مسؤولياتها وتحاسب مرتكبي الجريمة.
وقال إن مشاهد اعتداء أمن السلطة، وهم متنكرين بلباس مدني، على الصحفيين والمحتجين على اغتيال بنات، "يندى لها الجبين"، داعيًا إلى رفع الصوت عاليًا ضد الممارسات القمعية والأمنية التي تتجاوز المحرمات الوطنية والقانونية والحقوقية.
جريمة سياسية
من جهتها قالت الصحفية فداء المدهون: إن ما حدث مع الشهيد نزار بنات ليس قمعًا للحريات، وقد تجاوز ذلك حتى أصبح جريمة سياسية.
وأضافت المدهون: "كان نزار بنات معارضًا سياسيًّا يعبر عن رأيه، وما حصل معه ليس قمعًا، إنما اغتيال يجب أن نضع عليه الكثير من الخطوط الحمراء".
وذكرت أن قضية بنات بدأت بجريمة قتل على خلفية الرأي، ثم امتدت المجزرة لمسرح جريمة مفتوح ضد حرية الرأي والتعبير وضد كل من يعترض على جريمة القتل بل وكل من يحاول نقل الحقيقة بتجرد وموضوعية.
وتابعت أن الصحافة والصحفيين كانوا في دائرة الاستهداف الأولى من قبل أجهزة أمن السلطة التي تنكر عناصرها باللباس المدني لقمع المحتجين والصحفيين، فصادروا الهواتف وكسروا كاميراتهم وهددوهم تهديدًا مباشرًا من أجل ترهيبهم.
وشددت على ضرورة إشعال الرأي العام ضد منتهكي حق التعبير، "فالرأي العام قادر على حماية حرية الكلمة وحرية الرأي، ولهذا فتحرك الرأي العام ضد جريمة قتل بنات يحمي كل من يتحدث بعد ذلك كل من يعبر عن رأيه".
من جهته أكد مدير منتدى الإعلاميين محمد ياسين خلال الندوة، أن اغتيال نزار بنات يمثل رسالة من سلطة رام الله للشعب الفلسطيني، تفيد بعدم رغبتها بسماع صوته، وهي لم تعد قادرة على تحمل حرية الرأي والتعبير، الحق الأصيل والأساسي لأي إنسان.
وشدد ياسين على أن الصدمة الأكبر تشكلت في قمع الصحفيين، والإمعان في استهدافهم وتكسير أدواتهم ومعداتهم، عادًّا أن السلطة بهذه الأفعال تذل الشعب الفلسطيني، وتصادر كرامته، وتحرمه حرية الرأي والتعبير.