ضمن إجراءات وممارسات ممنهجة، لم تتوقف أجهزة أمن السلطة عن انتهاكاتها لحقوق وحريات المواطنين في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، رغم أنها مكفولة في القانون الفلسطيني والمواثيق الدولية والأممية، تحت سطوة "سلطة الغاب" والقوة المفرطة.
وارتفعت وتيرة تلك الانتهاكات منذ مطلع العام الجاري، وتنوعت ما بين الاعتقالات السياسية على خلفية حرية التعبير والرأي، والتعذيب داخل السجون، والاستهتار بالحقوق الصحية، وصولاً لاغتيال المعارض السياسي نزار بنات في جريمة بشعة.
وتجري سلسلة الانتهاكات على مرأى ومسمع الكل الفلسطيني والعالم أجمع، دون محاسبة الفاعلين، بل تحظى بغطاء سياسي من السلطة، في مؤشر خطير لتردي الحالة القانونية والقضائية في الضفة.
انهيار شامل
يؤكد رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق عصام عابدين، أن انتهاكات السلطة للحقوق والحريات متواصلة بل تشهد ارتفاعاً عاماً بعد آخر، دون حسيب أو رقيب.
وقال عابدين لصحيفة "فلسطين"، إن النظام السياسي يعيش حالة انهيار شامل خلال السنوات الأخيرة نتيجة غياب السلطات القانونية، وأبرزها البرلمان التشريعي الذي ألغته السلطة.
وبيّن أن غياب التشريعي يساعد السلطة التنفيذية على الانقضاض على منظومة القضاء، مما يتسبب بانهيارها بالكامل، مشيراً إلى أن ما يجري فعلياً هو عدة أشخاص متنفذين يديرون النظام السياسي.
وأوضح أن كل الانتهاكات ممنهجة وتجري وسط غياب كامل للمحاسبة مما يخلق بيئة حاضنة للفساد، وضوء أخضر للفاسدين بالاستمرار في انتهاء حقوق الانسان.
وبحسب عابدين، فإن السلطة ترتكب جرائم ممنهجة تتمثل في الاستدعاءات والاعتقالات السياسية وسوء المعاملة والتعذيب والانهيار الحاصل في الحقوق الصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، إضافة إلى غياب الديمقراطية التي تتمثل بإلغاء إجراء الانتخابات وغيرها من الممارسات.
وعزا أسباب انهيار منظومة العدالة إلى التدهور الخطير في النظام السياسي والتفرد غير المسبوق للسلطة، وسط غياب كامل لمحاسبة القتلة والفاسدين، مشدداً على ضرورة "رحيل النظام القائم وإجراء انتخابات شاملة متزامنة في غضون 6 شهور للخروج من الأزمة العميقة.
وأكد أنه "لا يمكن دحر الاحتلال والحصول على الحرية إلا باحترام كرامة المواطن الذي يعاني من جرائم السلطة والاحتلال، والعمل على تأسيس نظام سياسي يحترم منظومة الحقوق".
وحمّل عابدين، المسؤولية الكاملة عما يجري من انتهاكات للسلطة ورئيسها محمود عباس، مستعرضاً سلسلة الجرائم الأخيرة ومنها صفقة اللقاحات الفاسدة واشتداد الاعتقالات السياسية والاستدعاءات وأخيراً اغتيال المعارض السياسي نزار بنات.
وشدد على أن أهداف السلطة من استمرار هذه الانتهاكات هي محاولة ردع المواطنين وتكميم الأفواه، وإسكات الأصوات المطالبة بالتغيير في سبيل البقاء على سدة الحكم على حساب منظومة حقوق الإنسان.
بدوره، أكد مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان جنوب الضفة فريد الأطرش، أن انتهاكات حقوق الانسان لم تتوقف في مدن الضفة الغربية، على حرية التعبير والرأي رغم مرسوم الحريات الذي صدر فترة الإعلان عن الانتخابات الأخيرة.
وبيّن الأطرش خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الانتهاكات زادت أكثر عقب قرار السلطة بإلغاء الانتخابات، وأكثر من ذلك بعد العدوان الأخير الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة كثّفت من حملات الاعتقالات واستدعاء النشطاء على خلفية حرية التعبير والرأي، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.
وتطرق إلى قضية صفقة اللقاحات الفاسدة التي لاقت غضباً شعبياً واسعاً، إضافة إلى الغاء الانتخابات التي كانت بمثابة "صدمة" لجموع الشعب الفلسطيني، حيث انعكست على العملية الديمقراطية ومنظومة الحقوق والحريات وشرعية وقانونية النظام السياسي القائم.
وشدد الأطرش على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق المواطنين، داعياً إلى انهاء الانقسام وتوحيد مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات حرة والتأسيس لحياة ديمقراطية، كي يتمكن الشعب الفلسطيني من مواجهة الاحتلال والخلاص منه.