فلسطين أون لاين

​(فيس بوك) يعين فقراء غزة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

لم يعد (فيس بوك) موقعًا للتواصل الاجتماعي حول العالم فحسب، بل أضحى له غايات أخرى عند فقراء قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي مشدد منذ قرابة عشر سنوات، تسبب بتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية داخل البقعة التي يقطنها قرابة مليوني نسمة.

وبين الحين والآخر ينشر بعض النشطاء والإعلاميين طلبات مساعدة لحالات إنسانية تطلب مساعدات مادية أو إغاثية طارئة، كالحاجة إلى مبلغ من المال لشراء علاج، أو توفير ثمن استئجار شقة سكنية لعائلة مهددة بالطرد أو التشرد.

المصور في قناة القدس الفضائية حسن اصليح أشار إلى أن طلبات مساعدة تصل إليه يوميًّا على صندوق الرسائل في صفحته بموقع (فيس بوك)، بمعدل يومي 10 - 20 طلب إغاثة، لكنها تتجاوز هذا العدد خلال أيام شهر رمضان.

ويقول اصليح في حديثه لصحيفة "فلسطين": "إن شريحة واسعة من الفقراء والمحتاجين باتت تفضل التواصل المباشر مع نشطاء مواقع التواصل، كونهم يرون أن معدل الاستجابة يكون مرتفعًا مقارنة بحالة الاتصال بالجمعيات الخيرية على أرض الواقع".

وعن كيفية التعامل مع الطلبات يضيف المصور الشاب: "أخضع جميع الإغاثات للفحص بالرجوع إلى الجهات المعنية وذات العلاقة بالفقراء، فبعد الحصول على بيانات المحتاج كعنوان مسكنه وطبيعة الحالة الاقتصادية أتواصل مع لجان الزكاة في منطقته والهيئات الخيرية المختصة".

وبعد انتهاء مرحلة الفحص والتثبت التي قد تستغرق ساعات أو بضعة أيام ينشر اصليح نص الإغاثة كما وصل إليه دون تحريف أو زيادة، مع إخفاء بعض المعلومات التي قد تنتهك كرامة الفقير.

"وهل جميع الطلبات تستحق النشر والتعامل معها؟"، عن سؤالي هذا يجيب اصليح: "دون شك، لا؛ فهناك الكثير من الطلبات المرتبطة بأشخاص محتالين، أو لا يستحقون المساعدة كون حالتهم أفضل من غيرهم، وفي الجانب الآخر هناك طلبات لا أتعامل معها لاعتبارات جغرافية، لأن مصدرها دول عربية إقليمية لا غزة".

ويبين اصليح أن طلبات الإغاثة التي تصل إليه خلال أيام رمضان تتمحور حول طلب معونات مالية لتوفير مستلزمات الإفطار أو السحور، الأمر الذي يجعل السلال الغذائية تحتل النصيب الأكبر من المساعدات المقدمة.

ويستذكر المصور حسن تفاصيل آخر مساعدة نجح في تقديمها، وهي متعلقة بسيدة فلسطينية ناشدته عبر صفحته توفير مسكن آمن وصحي لعائلتها المكون من خمسة أفراد، عوضًا عن بيت القش الذي تسكن فيه منذ سنوات طويلة بمدينة خان يونس، جنوب القطاع، وبالفعل تمكن اصليح من تأمين شقة لهذه العائلة في إحدى التجمعات الحديثة البناء.

مساعدات متنوعة

أما الصحفي مثنى النجار فتوسع تدريجيًّا في مجال عمله واستقبال المناشدات الإنسانية، فبعدما اقتصر على تقديم المساعدات للأفراد والعائلة المستورة انتقل إلى تسهيل إجراءات سفر مرضى القطاع، المحتاجين إلى السفر العاجل للعلاج من حاجز بيت حانون (إيرز).

وإلى جانب نشاطه الإغاثي السابق يساهم النجار مستغلًّا شبكة علاقاته بإنشاء مشاريع اقتصادية صغيرة لذوي الدخل المحدود، ما يمكن صاحب المشروع من توفير مصدر دخل مالي ثابت عوضًا عن المساعدات المتقطعة.

وكانت بداية دخول النجار في مجال المساعدة والإغاثة عبر (فيس بوك) بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، صيف 2014م، عندما تلقى عبر صفحته طلب إغاثة لعائلة تسكن في بيت من الصفيح والنايلون، لا يقيهم حر الصيف ولا مطر الشتاء.

ويرى الصحفي مثنى خلال حديثه إلى صحيفة "فلسطين" أن أسباب توجه الفقراء إلى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي _وتحديدًا (فيس بوك)_ مرتبطة بسرعة التعامل مع استغاثاتهم، في ظل ازدحام سجلات الجمعيات الخيرية العاملة في غزة بطلبات العائلات الفقيرة.

ويبين النجار أن مواقع التواصل توفر سرعة في انتشار الإغاثة، الأمر الذي يفتح المجال أمام فاعلي الخير سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها لتقديم المساعدة المطلوبة، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الطلبات التي تصل إليه يخضعها كلها للفحص والتحري بالتواصل مع الجهات المختصة.

ويتجنب النجار نشر تفاصيل المناشدات التي تصل إليه، إذ يفضل أحيانًا العمل على مساعدة أصحاب الحاجة دون النشر، ويستكفي في حالات أخرى بإعداد تقارير صحفية لمصلحتهم مستغلًّا منصات عمله، ويبين أنه يحاول دائمًا أن يكون حلقة وصل بين المحتاج وفاعل الخير.

ويزخر سجل النجار بالإنجازات التي حققها طوال السنوات القليلة الماضية، أبرزها الإشراف على إنشاء وتأسيس ثلاثة بيوت لعائلات مستورة، إلى جانب تسهيل سفر 30 حالة مرضية من المنافذ الحدودية، فضلًا عن وضع النواة الأولى لعدة مشاريع صغيرة.

والجريحة نداء أبو دقة (22 عامًا) من حي الفراحين شرق خان يونس جنوب القطاع، المصابة بشظية استقرت في نخاعها الشوكي في مطلع شهر آب (أغسطس) 2014م؛ من أبرز الحالات التي ساهم النجار في تسهيل إجراءات سفرها، إذ تلقت العلاج المناسب في المستشفيات الألمانية.