تساند الطفلة اليتيمة ملك طنبورة والدتها أم شادي، في اعتصامها المفتوح أمام مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى بمدينة غزة، لمطالبة السلطة بصرف المخصصات المالية التي لم تتلقَّها العائلة منذ استشهاد والدها رداد طنبورة، في العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014.
تبدو الطفلة البالغة (12) عامًا حزينة جدًّا وهو تجلس على كرسي إلى جانب والدتها تحت ظل خيمة الاعتصام المقامة هناك منذ أشهر، وتتساءل مع كل من يتحدث معها عن الأسباب التي تجعل السلطة في رام الله تمتنع عن صرف المخصص المالي المستحق لعائلتها!
وقالت ملك لـ"فلسطين" إن عائلتها لا تملك أي مصادر دخل منذ استشهاد والدها في قصف استهدف منزلها، ولا سبيل لها سوى المساعدات التي تتلقاها الأسرة بين حين وآخر.
كان طنبورة (32 عامًا) نزخ وعائلته من بلدة بيت لاهيا إلى المدارس التي تحولت لمراكز للنازحين في أثناء الحرب الإسرائيلية، لكن بسبب احتياجات ماسة لأسرته عاد لبيته لكن لم يقدَّر له العودة إليهم واستشهد في إثر قصفه مباشرة.
ومنذ ذلك الحين فتحت المعاناة أبوابها على زوجته أم شادي، وأبنائه.
واستشهد برفقة طنبورة، نجله أحمد (15 عامًا) وابنته آمنة (13 عامًا)، وبقيت ملك وشادي.
وتساءلت ملك بشيء من الغضب: كيف تقبل قيادة السلطة أن ينام أهالي الشهداء على أرصفة الشوارع للمطالبة بحقوقهم؟
والمعاناة التي تواجهها الطفلة تنطبق على أهالي الشهداء الذين يعتصمون منذ انتهاء العدوان على غزة صيف 2014، الذي استمر 51 يومًا.
وقالت منى قاسم، زوجة الشهيد إسماعيل قاسم (57 عامًا) من سكان بلدة بيت حانون، شمالي قطاع غزة، إن عائلتها تفتقد أي مصدر دخل منذ استشهاد زوجها، وهي تعيش فقط على شيك الشؤون الاجتماعية.
وذكرت لـ"فلسطين" أن زوجها استشهد في قصف عنيف استهدف به جيش الاحتلال منطقة سكن العائلة القريبة من المنطقة الحدودية مع الأراضي المحتلة سنة 48، في 17 يوليو/ تموز 2014، تاركًا خلفه 7 من الأبناء (4 أولاد و3 بنات)، أكبرهم 30 عامًا والأصغر 17 عامًا.
وأضافت أنها تواصل الاعتصام منذ سنوات أمام مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، لكن دون جدوى.
وعلى مدار قرابة أسبوعين تفترش زوجة الشهيد الأرض في خيمة الاعتصام وتنام بداخلها وعدد من أمهات وأبناء وبنات الشهداء وآبائهم.
كذلك تحرص بيان الشنباري (26 عامًا) على الحضور في خيمة الاعتصام باستمرار محاولة بذلك إيصال رسالة المعاناة التي تواجهها منذ استشهاد والدتها وشقيقها وشقيقتيها وزوجة أبيها، في عدوان 2014.
وذكرت أن جيش الاحتلال استهدفهم في مدرسة تتبع وكالة أونروا الأممية في بلدة بيت حانون، شمالي قطاع غزة، ولاحقًا توفي والدها ميتة طبيعية لتزداد معاناتها أكثر في تربية أشقائها وشقيقها من والدها الذي كان متزوجًا من ثلاث سيدات.
وتساءلت عن أسباب ربط ملف شهداء 2014 بالقضايا السياسية الفلسطينية الداخلية، "حتى بتنا لا نملك مصدر دخل نعتاش من ورائه"، مشيرة إلى أن المساعدات التي تتلقاها الأسرة لا تكفي لسد رمق أفراد العائلة.
وهذا الأسبوع، أبلغت مسؤولة مؤسسة أسر الشهداء والجرحى انتصار الوزير، اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى من خلال وساطة فصائلية، عبر اتصال هاتفي، أن المؤسسة سلمت كشفًا كاملاً بأسماء شهداء عدوان 2014 مع الميزانية المطلوبة إلى مكتب رئيس الوزراء في رام الله محمد اشتية، وما زالت المؤسسة تنتظر قرار المجلس للبدء في صرف المخصصات.
لكن الناطق باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى علاء البراوي قال إنه من المعيب والمخجل أن ينتظر أهالي الشهداء قرارات، عادًّا أن من يفرض الحصار على الأيتام والأرامل عليه أن يتذكر جيدًا أن هؤلاء الشهداء قدموا دماءهم من أجل فلسطين.
وبيَّن البراوي أن عدد شهداء عدوان 2014، المفترض صرف المخصصات المالية لعوائلهم، يصل لـ1833 شهيدًا، مشددًا على ضرورة تحمل قيادة السلطة والفصائل والقوى الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن هؤلاء.