كشف الاستطلاع الخاص بالمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عن نتائج بالغة الأهمية لقناعات الرأي العام وتوجهات الشارع الفلسطيني خصوصا بعد (متغيرات كبيرة) حدثت في الساحة الفلسطينية أثرت بشكل كبير في تكوين هذه القناعات والتي انعكست على حظوظ كلا من حركتي فتح وحماس.
حيث بدت حركة حماس متقدمة وتحظى بثقة من الجمهور وحصدت أعلى النسب في هذا الاستطلاع، الامر الذي يعد مكسب سياسي إضافي للحركة، وثقل جماهيري جديد تحصل عليه بعد تمسكها بخيار المقاومة وتدخلها عسكريا لنصرة الأقصى وحي الشيخ جراح.
بينما تهاوت حظوظ قيادة السلطة وحركة فتح وتضاءلت نسب التأييد لها كما يُظهر هذا الاستطلاع والذي أجري بشكل موضوعي في كلا من الضفة وقطاع غزة، وكان ذلك بسبب الدور السياسي الذي تقدمه قيادة السلطة وحركة فتح، الى جانب التسبب في تأجيل الانتخابات دون أسباب معقولة خصوصا أن الاستطلاع يبين أن التأجيل كان خشية من النتائج وليس بسبب رفض الاحتلال إجراءها في القدس.
الامر الذي يؤسس لاستحقاقات وطنية على صعيد الانتخابات وتمثيل الشعب الفلسطيني، فقد أعتبر جمهور المستطلعين أن حركة حماس هي الاقدر والاجدر على تمثيل وقيادة المشروع الوطني، كما نال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية نسب متقدمة أمام رئيس السلطة محمود عباس والذي تراجعت حظوظه بشكل لافت.
فالاستطلاع اليوم يقدم إجابات واضحة تؤكد أن الجماهير الفلسطينية ترى ما يلي: 1- أنها مع المقاومة المسلحة والانتفاض ضد ممارسات الاحتلال، 2- أنها تؤمن تماما بأن حركة حماس قادرة على حماية القدس والاقصى، 3 _أن إطلاق الصواريخ هو الوسيلة المناسبة لردع الاحتلال ووقف عدوانه في القدس والاقصى وكافة المناطق،4- وأنها مستعدة لانتخاب إسماعيل هنية في أي فرصة للانتخابات الرئاسية.
بينما تقول الإجابات أيضا وبحسب نسب الاستطلاع أنها:
1- أن الجمهور الفلسطيني لا يؤمن بمشروع التسوية ولا يعول على المسار السياسي لحركة فتح، 2- الاستطلاع ذاته يمثل ناقوس خطر لحركة فتح من أن جمهورها ينفض عنها وأن نسب تأييدها تتراجع بشكل لافت، 3- أن قناعة الجمهور بما قدمته قيادة السلطة وحركة فتح في المعركة الأخيرة لا يرقى لمستوى التحدي وهو أداء متواضع ولا يرضي جمهور شعبنا.
وعلى صعيد النسب والاحصائيات فإن الغالبية العظمى من الفلسطينيين بنسبة (77%) ترى أن حركة حماس قد خرجت منتصرة في الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كما أن أغلبية من 65% تعتقد أن حماس نجحت في تحقيق أهدافها من وراء إطلاق الصواريخ والمتمثل بوقف طرد العائلات من الشيخ جراح ووقف التعديات على الأقصى.
كما وترى أن دور حركة حماس في الحرب الأخيرة كان فاعلا بنسبة (75%)، بينما ترى نسبة من 13% فقط أن أداء حركة فتح كان ممتازاً، ويتبعها أداء حكومة السلطة الفلسطينية (11%)، ثم أداء الرئيس عباس (8%)، الامر الذي يعكس حجم التهاوي في حظوظ قيادة السلطة وحركة فتح لدى الجمهور.
الجمهور ذاته يرى مجددا أنه في حال قامت إسرائيل بطرد العائلات من الشيخ جراح أو وضعت القيود على الصلاة في المسجد الأقصى فإن 68% يقولون إنه ينبغي العودة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وهذا بحد ذاته يؤكد فشل الرهان على أي وسائل أخرى ورغبة الجماهير في الرد العسكري على العدوان الإسرائيلي.
بينما ترى النسبة الأكبر وهي؛ (38%) أن السلطة بقيادة عباس لن تقوم بعمل شيء، فيما تقول نسبة من 24% أنها ستتحرك باتجاه الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات، وتقول نسبة من 20% أنها ربما توقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، فيما تقول نسبة من 14% أنها ستلجأ للمقاومة الشعبية السلمية، الامر الذي يؤكد محدودية الخيارات أمام السلطة واستمرارها في ممارسة سياسات هي بعيدة عن أي سيناريو داعم لفعل المقاومة التي يؤمن بها شعبنا.
وفي ذات الوقت فإن الجمهور الفلسطيني يجدد ثقته في قدرة حركة حماس على العودة مجددا لإطلاق الصواريخ في حال أقدم الاحتلال على طرد العائلات من الشيخ الجراح، فقد توقع 77% قيامها بإطلاق الصواريخ ردا على العدوان الإسرائيلي المحتمل، وهذه نسبة كبيرة تعكس حقيقة القناعات التي رسخت لدى الجمهور نتيجة سلوك المقاومة في معركة (سيف القدس)، في ظل المصداقية التي كانت تمتلكها الحركة حين هددت الاحتلال وحذرته من مغبة العدوان على القدس والاقصى.
وهذا يفسر انخفاض حجم الثقة في قيادة السلطة التي أصبحت حمل ثقيل على شعبنا حيث رأى أغلبية بنسبة 56% أن هذه السلطة الفلسطينية أصبحت عبء على الشعب الفلسطيني، وفي ذات الوقت فإن جمهور المستطلعين يعطي "أغلبية كاسحة لحماس" التي يقول إنه يشعر بالفخر من أداءها في المعركة الأخيرة مع الاحتلال حيث وصلت النسبة لهؤلاء 94%، وهذا يعني أن حماس تتقدم لدى قناعات ووعي الجمهور وتحتل (المرتبة الأولى) في الإجابات.
ويمكن القول إن هذه الاحصائيات والنسب التي أفرزها الاستطلاع الأخير تعبر بشكل جلي عن (التغير الحاصل) في قناعات الجمهور لصالح المقاومة الفلسطينية بعد فشل كل المراهنات على مشاريع التسوية التي شكلت أكبر انتكاسة لشعبنا الفلسطيني، حيث أبدى 49% قناعته بالعمل المسلح طريقا لطرد الاحتلال، بينما رأت نسبة 27% المفاوضات طريقا لذلك، فيما رأت نسبة 18% المقاومة الشعبية السلمية خيارا لمواجهة الاحتلال.
إن هذه الاستطلاعات تحتم على قيادة السلطة وحركة فتح:
1- مراجعة نهجها ومشروعها السياسي واجراء إصلاحات فورية في منظومتها القيادية بعد أن فقدت شرعيتها أمام الجمهور، كما تفرض تبني خيارات أكثر جدية في مواجهة الاحتلال بما يتناسب مع قناعات شعبنا، 2- إضافة إلى التحرك الفوري لمساندة حركة حماس في مشروعها التحرري من خلال تبني المقاومة المسلحة طريقا لتحرير فلسطين.
كما تفرض استحقاقات على حركة حماس منها؛ 1- الاستمرار في مراكمة القوة العسكرية لأنها تمثل الطريق الامثل لإنهاء الاحتلال، 2- التقدم لقيادة المشروع الوطني لأنها تمتلك كل المقومات اللازمة لذلك شعبيا، وسياسيا، وعسكريا، في ظل تراجع دور السلطة، وسقوط مشروعها، وفشل كل خياراتها في وقف العدوان وحماية الحقوق الفلسطينية.