بالقرب من أرضه الزراعية الواقعة أعلى قمة جبل "صبيح" في بلدة بيتا جنوبي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، يراقب زيدان خضير، حركة المستوطنين الذي سيطروا عليه منذ نحو شهرين.
وحرم المستوطنون خضير من الوصول إلى أرضه بعد أن أقاموا عليها نحو 50 بيتًا منتقلًا، ليتحول المكان إلى ساحة صراع.
وتبلغ مساحة أرض الأربعيني خضير، 14 دونمًا زراعية، ويقول إنه يعتني برفقة أشقائه بالعشرات من أشجار الزيتون التي تجاوز عمرها 60 عامًا، لكن الحال تغير بعد أن بات الجبل منذ نحو خمسة أعوام، برمته في عين الاستهداف.
ويتعرض جبل "صبيح" منذ أيار/ مايو الماضي إلى هجمة استيطانية غير مسبوقة هدفها السيطرة على المكان الذي يقع بين ثلاثة قرى فلسطينية هي: قبلان ويتما وبيتا، ويطل على المنطقة المحيطة بالكامل.
ويرفض خضير كل محاولات المستوطنين للاستيلاء على أرضه، ويوجد بالقرب منها ويدافع عنها برفقة أصحاب الأراضي الأصليين من القرى الثلاثة المحيطة بالجبل.
وورث خضير أرضه عن أجدادهم قبل نحو 83 عامًا، أي قبل مجيء الاحتلال وسلب الأراضي الفلسطينية بأعوام.
ومنذ أن ورث خضير الأرض عن أجداده الذين تملكوها عام 1938، لم تُهمل في يوم من الأيام، فالعائلة تعمل بها على مدار الساعة، "ولم أنسَ أيام طفولتي فيها ولعبي بين أشجارها"، يقول خضير.
ويؤكد أنه وبرفقة سكان القرى الثلاثة يداومون على المشاركة في الاعتصامات والفعاليات والمواجهات التي تندلع مع قوات الاحتلال من أجل دفع المستوطنين للرحيل عن أرضهم، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال لا تتوانى عن رميهم بالرصاص لإجبارهم على الرحيل والقبول بالأمر الواقع.
ومنذ اندلاع المواجهة على أراضي صبيح، استشهد ثلاثة مواطنين خلال تصديهم لمحاولات الاحتلال ومستوطنيه للاستيلاء على الجبل وهم: عيسى برهم، وطارق صنوبر، زكريا حمايل.
ويؤكد خضير أن أصحاب الأرض وسكان القرى المجاورة يدافعون بدمائهم عن الجبل، وسيواصلون حراكهم لدفع الاحتلال للرحيل عن أرضهم، مشددًا "وإن كان الثمن أرواحنا، فنحن أصحاب الأرض الأصليون".
وبدأت سلطات الاحتلال العمل على وضع الجبل تحت سيطرتها خلال الانتفاضة الأولى، وبفعل صمود الأهالي وتصديهم لمخططات الاحتلال رحل المستوطنون عن المكان وأزيلت خيامهم، لكن ومنذ عملية زعترة البطولية في مايو/ أيار الماضي يحاول المستوطنون وبدعم من الجيش الاستيلاء على المكان.
ترسيخ الوجود
ويوضح خضير أن المستوطنين نصبوا على قمة الجبل نحو 50 منزلًا وخيمة متنقلة وذلك ضمن خطة لترسيخ وجودهم في المكان وتحويله إلى مستوطنة دائمة.
وعن ادعاءات الاحتلال بأن أرض الجبل مشاع، يقول: "هذا كذب وافتراء فأجدادنا ورثونا هذه الأرض التي يملكونها منذ عام 1938م"، مؤكدًا أن محاولات الاحتلال للسيطرة على الجبل باتت واضحة للجميع لكونه يطل على جميع القرى المجاورة، والطريق الذي يصل إلى مدينة أريحا، وكذلك يربط شمال الضفة بجنوبها.
وأردف أنه في حال سيطر الاحتلال على الجبل فهو بذلك سيسيطر تدريجيًّا على آلاف الدونمات من القرى والبلدات المحيطة كبلدة "بيتا وقبلان ويتما، وعقربا وأوصرين، وغيرها.
وذكر أن أصحاب الأراضي في "جبل صبيح" رفعوا دعوى لدى محاكم الاحتلال، وقدموا أوراقًا تثبت ملكيتهم للأرض، "لكن المحاكم الاحتلالية تماطل في البت في الدعوى بشكل يجعلها شريكًا في عملية السطو على أراضينا".
ويشهد "جبل صبيح" شبه يومي مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين الذين يحاولون ترسيخ بؤرة استيطانية صغيرة أقاموها قبل أسابيع عدة على قمة الجبل المشرف على الطريق الرئيس بين مدينتي نابلس ورام الله.
ويقع الجبل ضمن المنطقة (ج) التي نصَّ عليها في اتفاقية "أوسلو"، والتي تشكل نحو 61% من أراضي الضفة الغربية، وتفع فيها مسؤولية تقديم الخدمات الطبية والتعليمية على عاتق السلطة، في حين أن السيطرة الأمنية والإدارية تخضع لسلطات الاحتلال.