فلسطين أون لاين

تقرير خبيران عسكريان يحددان قواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها معركة "سيف القدس"

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

استطاعت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أن ترسم قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي خلال خوضها معركة "سيف القدس"، وذلك بإحداث خلل في النظريات الأمنية والعسكرية التي كان يتغنى بها جيش الاحتلال أمام المجتمع الإسرائيلي.

وتمكنت المقاومة من قلب موازين القوة لدى الاحتلال، إذ اختلفت مواجهة مايو/ أيار بالكامل عن سابقاتها في العقد الأخير، من حيث اتخاذ قرار المواجهة والأهداف والنتائج المؤثرة في دولة الاحتلال، كما يرى خبيران في الشأن العسكري.

قواعد اشتباك جديدة

ويرى الباحث والخبير العسكري في لبنان اللواء أمين حطيط، أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة استطاعت ترسيخ أربع قواعد اشتباك جديدة مع دولة الاحتلال خلال جولة التصعيد الأخيرة.

وأوضح حطيط في حديث لصحيفة "فلسطين" عبر الهاتف، أن القاعدة الأولى تتمثل بقرار بدء المواجهة، التي بادرت إليها المقاومة بهدف حماية القدس، وهذا يحدث للمرة الأولى ويضرب نظرية أن كل مكون فلسطيني يدافع عن نفسه أو فصيله.

وبين أن حماية القدس كانت خلال العدوان مزدوجة، ما بين المقدسيين الذين ثبتوا في الأقصى والشيخ جراح، والمواجهة العسكرية بالقذائف الصاروخية من المقاومة في غزة، وتحرك الفلسطينيين في الداخل المحتل، وهذا شكّل "صاعقة كبيرة" للعدو.

والقاعدة الثانية، وفق حطيط، أن طبيعة العمل العسكري الذي كانت تقوده المقاومة دفاعاً عن غزة وقيادتها، تغيرّت، حيث أصبح دفاعاً عن كل فلسطين التاريخية، وقد انطلقت صواريخ المقاومة من أجل الأقصى.

وذكر أن القاعدة الثالثة، تتمثل في "أن العدو فهم جيداً حركة المقاومة بعد وقف إطلاق النار وتحرك قيادتها مثل رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار علنًا، في رسالة تحدٍ كبيرة وإجباره على التراجع عن فكرة التهديد المتواصل لقيادة المقاومة".

أما القاعدة الرابعة، والكلام لحطيط، أن العدوان الأخير فرض على العدو تلقي ضربات في العمق الاقتصادي والسياسي الاستراتيجي، إذا أخطأ التقدير أو ارتكب أي حماقة باستهداف قطاع غزة، "وهذه قاعدة ردع جديدة لم تكن قائمة قبلًا".

وبيّن أن المعركة الأخيرة حملت عنوانًا مهمًّا، وهو وحدة الشعب الفلسطيني خلف قضيته، وأسقطت كل ما جاءت به صفقة القرن، مشيراً إلى أنها شكّلت رافعة قوية للمقاومة إذا أقدم العدو على أي تصعيد قادم.

وشدد حطيط على أن "المقاومة في غزة راسخة وتستعصي على الاجتثاث الذي تحلم به دولة الاحتلال، لكونها عملت في ظروف معقدة خلال العدوان الأخير"، لافتاً إلى أن (إسرائيل) فشلت في حصارها السياسي والاقتصادي للتضييق على المقاومة.

استراتيجية عالية

إلى ذلك رأى الخبير والمحلل العسكري اللواء ركن متقاعد واصف عريقات، أن قواعد الاشتباك التي رسختها المقاومة في غزة، هي قرار البدء في المواجهة من أجل حماية القدس.

وأوضح عريقات خلال حديث مع "فلسطين"، أن هذه الاستراتيجية غيّرت كل المعادلات، فضلا عن الإعداد الجيد والتدريب الكبير على ما نُفِّذ من مهارات ميدانية وقتالية عالية، ضمن خطط إستراتيجية عالية.

وبيّن أن المقاومة أثبتت وجود بنك أهداف إسرائيلي لديها، قُصِف بدقة ومهنية، مشيراً إلى أنها نجحت في تثبيت معركة العقول التي تجسدت في براعة أجهزة الأمن والاستخبارات في جمع المعلومات لانتقاء بنك الأهداف.

كما جسّدت المقاومة قدرتها على ضبط وإدارة المعركة من خلال التعاون في الغرفة المشتركة والتناوب في العمل العسكري خاصة بين الصواريخ بعيدة المدى والمتوسطة وقذائف الهاون، "وجمعيها جاءت ضمن خطة ناجحة وقد أفشلت الخطط الإسرائيلية"، وفق عريقات.

وعلى صعيد موازٍ، بيّن عريقات أن المقاومة نجحت في المبادرة بالحرب النفسية، مستدلاً بذلك حينما كانت تصدر أوامر للجبهة الإسرائيلية، مما كسر هيّبة الاحتلال وقوة ردع جيشه.

وأشار إلى أن المقاومة نجحت في خوض الحرب الاقتصادية خلال العدوان، وذلك خلال ضربها نقاط استراتيجية وحيوية مثل محطة الكهرباء ومطار رامون جنوب فلسطين المحتلة، على عكس الاحتلال الذي كانت أهدافه المدنيين والمباني السكنية