قائمة الموقع

مسيحيو جورجيا ينتظرون أذان المغرب ليأكلوا في رمضان

2017-05-30T05:43:23+03:00

هل يخطر في بالك أن على هذه البقعة من الأرض يوجد مسيحيون يتنظرون سماع أذان المغرب، حتى يشرعوا بتناول الطعام كالمسلمين الموجودين في المكان؟

أهو الاحترام أم التفاهم أم التسامح؟، هذا ما أخبرتنا به سيدة فلسطينية تدير مطعمًا يقدم وجبات عربية وأجنبية قوامها اللحم الحلال والمشروبات الحلال، يتمسك به المسيحيون منصاعين لضوابطه بكل رحابة صدر.

إنه التعاون والصبر والوفاء؛ فهم لم يقاطعوا هذه المسلمة ومطعمها، بل دعموها بارتيادهم مطعهما، والتزامهم بضوابط المكان، فلا طعام أو شراب أو أية ضيافة إلا بعد سماع صوت أذان المغرب، وتستمر الضيافة حتى قبيل أذان الفجر، يقدم الإفطار والسحور للمسلمين، ببركة شريعتنا الإسلامية السمحة، التي دفعت حتى غير المسلمين إلى اللجوء إلى هذا المكان والتمتع بنكهته الخاصة، والتأمل في هؤلاء المسلمين.

مديرة المطعم شيرين وانادزي (أم القاسم) فلسطينية تحمل الجنسية الجورجية، تقيم في مدينة تابلسي، وهي متزوجة من بادري وانادزي، وهو مسلم جورجي يعمل إمامًا لمسجد المدينة، إضافة إلى شراكتهما في إدارة المطعم، ولديها طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، وطفلة في عامها الرابع، تقيم مع عائلتها في شقة تقابل مطعمها الذي يعمل منذ بضع سنوات.

مخالفة للشريعة

عن حياتها في جورجيا تقول وانادزي: "في شهر رمضان يقتصر عملنا خلال الليل فقط، فما نقدمه من وجبات هو للإفطار وللسحور وما بينهما، إن حضرنا زائر، أما خلال نهار رمضان فنمتنع عن تقديم أي نوع من الأطعمة أو المشروبات، لأنها تخالف شريعتها الإسلامية".

محيط وانادزي مقتصر على المسيحيين فقط، وعملها في المطعم يحد من تبادل الزيارات معهم، فتقتصر العلاقات على العبارات الترحيبية عند مقابلتها لهم، مشيرة إلى أنها تعرفت إلى بعض الأصدقاء المسلمين من جنسيات مختلفة يقيمون في جورجيا أو يحضرون إليها ضمن مجموعات سياحية، تتبادل معهم الزيارات والدعوات لتناول طعام الإفطار.

موائد الإفطار في جورجيا هي فرصة المسلمين هناك للتعارف وتبادل الأحاديث والزيارات، ما يحقق التواصل فيما بعد، ولصلاة التراويح جوها الخاص إذ تجتمع النساء والرجال كل في قسمه داخل المسجد لأداء صلاة التراويح، في الجامع الوحيد بالمدينة.

وصلاة التراويح في جورجيا "مقدسة"، ولا حجة أو عذر للغياب عنها، فمن وجد عذرًا لنفسه لئلا يصوم نهار رمضان فلا عذر له للتغيب عن هذه الصلاة، مهما بلغت صعوبات حضوره لها.

وأجواء رمضان في جورجيا قليلة بسبب ديانة الأغلبية المسيحية، ما يحصر طقوسه داخل المسجد الوحيد في المدينة، وفي الإفطارات الجماعية التي تقيمها الجمعيات التركية والوجبات المجانية التي تقدمها، أو تلك التي يقدمها أهل الخير من خلال مطعم "أم القاسم" إلى فقراء المسلمين.

أما أبرز المواقف التي عايشتها شيرين وانادزي خلال شهر رمضان فكانت: "عندما يأتينا مسيحيون أو مسلمون غير صائمين، ويجلسون منتظرين وقت أذان المغرب، كي يتمكنوا من تناول الطعام، لأننا لا نقدم الطعام الا بعد اذان المغرب في رمضان".

طقوس خاصة

وفي جورجيا يتركز معظم المسلمين في القرى، وللقرى طقوسها الخاصة مع الشهر الكريم، فيتمتع أهل هذه القرى والذين يعملون في الزراعة بفتوى من كبارهم أو علمائهم بمواصلة السحور إلى ما بعد الإمساك، في مقابل أن يؤخروا فطرهم إلى ما بعد المغرب.

وتقتصر وجبة السحور على طبق من المعكرونة المنزلية الصنع، التي تحضر بعد أن "تُحمص" في سمن بقري من صنعهم كذلك، ويضاف إليها السكر، وبجانبها لبن مخيض دون ملح.

ومن الطقوس اللافتة للنظر في جورجيا أن المسلمين يتوجهون صبيحة العيد إلى المقابر لمعايدة أهل القبور، ويوزعون الشوكولاتة هناك، وفي طريق عودتهم يوزعون الشوكولاتة على كل من يصادفهم في الطريق.

ومن الحلويات المشهورة التي يصنعها المسلمون خصيصى لشهر رمضان المبارك نوع شبيه بالغريبة العربية، يرفضون أن تضاف إليه الخمر (فحسب العادات الجورجية يضاف بعض الخمر إلى عدد من أصناف الأطعمة)، وهذه الحلوى عندما تحضر على السفرة الجورجية يمنع وضع المشروبات الروحية إلى جوارها على المائدة، فهم يعدونها طاهرة يجب ألا تجاورها الخمور بمختلف أنواعها.

ومن المظاهر الرمضانية أيضًا تقيم الجمعيات التركية إفطارات جماعية تضم نحو 700-1200 شخص مسلم، ويدعى إليها غير المسلمين من مسيحيين يعملون في هذه الجمعيات أو أصدقاء.

أما النساء المسلمات في جورجيا اللواتي لا يرتدين الحجاب فإنهن يقبلن على ارتدائه خلال شهر رمضان فقط، احترامًا لحرمة الشهر الفضيل، وبعد انقضائه يخلعنه إلى أن يأتي رمضان المقبل، وهكذا.

ويُشار إلى أن عدد المسلمين في جورجيا يقدر بنحو 463,062 مسلمًا، ويمثلون 9.9% من عدد السكان (إحصائيات 2002م).

اخبار ذات صلة